مقتل زئيف أرليخ في هجوم مفاجئ داخل قلعة شمع بجنوب لبنان
في حادثة هزت الأوساط الأمنية والعلمية في إسرائيل لقي الباحث في علم الآثار التوراتي زئيف أرليخ حتفه أثناء مرافقته لقوة عسكرية من لواء “جولاني” داخل قلعة شمع الأثرية بجنوب لبنان حيث أسفر الهجوم عن مقتله ومقتل أحد جنود القوة فيما أصيب جندي آخر بجروح خطيرة
القلعة التي تعد من المواقع الأثرية الهامة في جنوب لبنان شهدت تواجداً لقوة من لواء “جولاني” الإسرائيلي وكانت المهمة التي كُلف بها أفراد القوة في تلك الليلة غير واضحة بعد لكن التواجد العسكري في تلك المناطق عادة ما يرتبط بعمليات استطلاعية أو تأمين لمواقع حساسة في المناطق الحدودية وتاريخ المنطقة يشهد على عدة مواجهات عسكرية متكررة بين القوات الإسرائيلية والمقاومة اللبنانية
وبينما كانت القوة تتمركز داخل القلعة لم يكن أحد يتوقع أن مقاومين لبنانيين يراقبان تحركاتهم من داخل الموقع ذاته ففي لحظة لم يكن يتوقعها أحد فتح المقاومان النار بشكل مفاجئ على القوة الإسرائيلية المستقرة في القلعة ما أدى إلى حالة من الفوضى والارتباك بين أفراد القوة وأدى إلى سقوط أرليخ الذي كان يتواجد برفقتهم ضمن مهمته البحثية في مجال علم الآثار التوراتي وتحديداً دراسة المواقع ذات الأهمية التاريخية والدينية المرتبطة بالتاريخ التوراتي
الهجوم الذي وقع داخل القلعة أسفر كذلك عن مقتل أحد الجنود التابعين للواء “جولاني” إضافة إلى إصابة جندي آخر بجروح بالغة ونُقل على الفور لتلقي العلاج الطبي ورغم محاولات الجيش الإسرائيلي لإنقاذ الوضع فإن قوة المقاومة كانت قد انسحبت من الموقع بعد تنفيذ الهجوم دون أن تلحق بها أي خسائر
إسرائيل سارعت إلى توجيه اتهامات للمقاومة اللبنانية بالمسؤولية عن الهجوم الذي وصفته بأنه تصعيد خطير في الجنوب اللبناني وتهديد مباشر لأمن الحدود الإسرائيلية فيما أدان مسؤولون في الحكومة الإسرائيلية الحادث واعتبروا أن مقتل أرليخ يشكل خسارة كبيرة ليس فقط للمؤسسة العسكرية بل للأوساط الأكاديمية نظراً لما كان يتمتع به من سمعة علمية مرموقة في مجال دراسة التاريخ التوراتي وآثاره
زئيف أرليخ كان واحداً من أبرز الباحثين في مجاله حيث عرف بأبحاثه الدقيقة التي تركزت على الربط بين المواقع الأثرية في المنطقة والتاريخ التوراتي وكانت هذه المهمة الأخيرة جزءاً من سلسلة أبحاث موسعة تهدف إلى توثيق مواقع أثرية في المناطق المتاخمة للحدود اللبنانية الفلسطينية ولم يكن وجوده برفقة القوة العسكرية مجرد صدفة بل جاء ضمن سياق بحثي بهدف استكشاف المواقع التي يعتقد أنها تحمل قيمة تاريخية ودينية وفقاً للرواية التوراتية
الرد الإسرائيلي على الهجوم كان متوقعاً فقد صعدت القوات الإسرائيلية من تحركاتها في المناطق الحدودية مع لبنان وبدأت عمليات تمشيط واسعة بحثاً عن المقاومين الذين نفذوا الهجوم ودفعت بتعزيزات إضافية إلى المنطقة تحسباً لأي تصعيد إضافي كما كثفت من دورياتها الجوية والبرية في محاولة لإحكام السيطرة على المنطقة
إسرائيل اعتبرت أن الحادث يمثل اختباراً جديداً لأمنها في المناطق الحدودية المتوترة مع لبنان وأعادت الحادثة إلى الأذهان العمليات السابقة التي شهدتها المنطقة بين المقاومة اللبنانية والقوات الإسرائيلية حيث لطالما كانت هذه المناطق مسرحاً لصراع طويل الأمد ومعقد بين الطرفين
في المقابل لم يصدر تعليق رسمي من المقاومة اللبنانية على الهجوم حتى الآن إلا أن مراقبين يرون أن العملية تأتي في سياق الرد على التوغل الإسرائيلي المستمر في الأراضي اللبنانية وانتهاك السيادة الوطنية حيث يعتبر الكثيرون في لبنان أن الوجود العسكري الإسرائيلي في الجنوب يشكل استفزازاً دائماً وأن المقاومة تحتفظ بحق الرد على أي اعتداء
الموقع الذي شهد الهجوم قلعة شمع يعد واحداً من الأماكن التاريخية التي تكتسب أهمية خاصة في الجنوب اللبناني وقد كانت القلعة شاهداً على العديد من الحروب والصراعات عبر العصور ويبدو أن الموقع الأثري تحول اليوم إلى نقطة مواجهة جديدة بين الجيش الإسرائيلي والمقاومة اللبنانية مما يزيد من تعقيد المشهد الأمني في المنطقة ويعزز من احتمالات تصاعد التوترات بين الطرفين في الفترة المقبلة
وفي ظل هذه التطورات يتزايد القلق الدولي من احتمال انزلاق الأوضاع إلى مواجهات أوسع حيث دعت الأمم المتحدة وبعض الدول الغربية إلى التهدئة وضبط النفس لكن الوقائع على الأرض تشير إلى أن التصعيد قد يكون السيناريو الأقرب خاصة مع استمرار التوترات الحدودية بين إسرائيل ولبنان وتصاعد النشاط العسكري في المنطقة
مقتل زئيف أرليخ الذي كان يمثل رمزاً للبحث الأكاديمي في مجال الآثار التوراتية يعيد أيضاً إلى الواجهة التساؤلات حول الدور الذي تلعبه الأبحاث العلمية في مناطق الصراع إذ يرى البعض أن دمج الأنشطة البحثية مع الأجندات العسكرية قد يعرض العلماء والباحثين لخطر الاستهداف في مناطق النزاعات كما يثير هذا الحادث مخاوف بشأن استخدام الأبحاث الأثرية كغطاء لأهداف عسكرية في المناطق المتوترة