في خطوة غير مفاجئة تأتي استجابة لارتفاع الأسعار في جميع المجالات، أقدمت الحكومة المصرية على اتخاذ إجراءات جديدة تزيد من معاناة المواطن البسيط وتضيف عبئًا إضافيًا على كاهله.
منذ بداية الأسبوع الجاري، وافقت غرفة السياحة والفروع التابعة لها على زيادة أسعار النقل بالحافلات والسيارات التي تملكها الشركات بنسبة 15%.
هذه الزيادة الجديدة لا تأتي في فراغ، إذ أنها تأتي في سياق سلس من الارتفاعات المستمرة في الأسعار والتي لا تترك مجالًا للمواطنين للهروب منها.
الزيادة في أسعار النقل ليست وحدها التي تشعل الأجواء، فقد سبقتها مباشرة زيادات كارثية في أسعار الغاز الطبيعي للمنازل. وفي خطوة أثارت غضب المواطنين، أُعلنت زيادة الأسعار بنسبة تصل إلى 25%، وذلك بعد يوم واحد من اجتماع مديرة صندوق النقد الدولي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الحكومة مصطفى مدبولي.
هذه الزيادة التي جاءت بناءً على طلب صندوق النقد الدولي هي مجرد بداية لقرارات أكثر قسوة ستستمر حتى نهاية عام 2025، حيث تلتزم الحكومة برفع الدعم عن المحروقات والطاقة بشكل كامل بحلول ذلك العام.
في الوقت الذي يعاني فيه المصريون من غلاء المعيشة، أضافت الحكومة مصاعب جديدة من خلال هذه الزيادات التي تسببت في ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل غير مسبوق.
ولكن، الحكومة، التي تدعي أنها تسعى لتحقيق الإصلاح الاقتصادي، تتجاهل تمامًا الوضع المأساوي الذي يعيشه المواطن العادي. فتلك الزيادات التي تنقض على المصريين بشكل متسارع تتركهم في مواجهة عاجزة مع تكاليف الحياة، دون أي دعم حقيقي من حكومتهم.
زيادة أخرى في النقل على حساب المواطنين
الأمر لا يتوقف عند زيادة أسعار الغاز الطبيعي فقط، فالحكومة لم تكتفِ بذلك، بل جاءت الزيادة في أسعار النقل بين الفنادق والمطارات والمزارات ورحلات السفاري وسيارات الليموزين كضربة أخرى.
هذه الزيادة جاءت في وقت حساس للغاية، حيث بدأ موسم السياحة الشتوي 2024/2025، ليجد الزوار أنفسهم في مواجهة زيادة تصل إلى 15% في أسعار وسائل النقل السياحي.
لم تتوقف الزيادات عند هذا الحد، بل سبقها في نفس التوقيت رفع وزارة السياحة والآثار لأسعار دخول المناطق الأثرية والسياحية، لتصل الزيادة في بعض الحالات إلى 25%.
هذه القرارات، التي تم تأجيل تنفيذها منذ إبريل الماضي، تم تفعيلها في نوفمبر الحالي، في خطوة تهدف إلى زيادة الإيرادات دون اعتبار لحالة الفقر التي يعيشها المواطن المصري.
التلاعب بأسعار القطارات: سياسة جديدة لرفع الأسعار دون أن يشعر المواطن
الزيادات المدوية في أسعار النقل ليست هي الوحيدة التي تثير الغضب، فقد لجأت وزارة النقل إلى حيلة جديدة لرفع أسعار تذاكر القطارات في إطار سياسة مدروسة لزيادة الأعباء على المواطنين.
حيث قررت الوزارة تغيير نوعية القطارات التي يستخدمها المواطنون بشكل يومي، خاصة في ساعات الذروة الصباحية والمسائية، إلى فئة أعلى من القطارات والتي تعرف بخدمة رجال الأعمال “VIP”.
هذه الخطوة جاءت في توقيت مريب، حيث شهدت قطارات الخدمة المعتادة، المعروفة باسم “الفرنساوي”، انسحابًا لصالح القطارات الأعلى تكلفة.
التغيير كان مفاجئًا وصادمًا للركاب الذين اعتادوا على قطارات الخدمة المعتادة، حيث أُجبروا على دفع تذاكر بسعر أعلى بنسبة 30% مقارنةً بتذاكر القطارات “الفرنساوي”.
وكانت هذه الزيادة قد تسببت في حالة من الارتباك في حركة السفر بين المحافظات والعاصمة، خاصة في الأسبوع الأول من نوفمبر الجاري.
هذا الارتباك في حركة القطارات لم يكن مجرد تفصيل عابر، بل كان نتيجة لقرار الحكومة الذي يبدو وكأنه استهداف مباشر للمواطنين البسطاء الذين يحتاجون إلى وسائل النقل العامة للتنقل بين أعمالهم ومنازلهم.
كارثة الأسعار في ظل غياب الشفافية والمحاسبة
لا تقتصر الأزمة على الزيادات في أسعار الوقود والنقل، بل تأتي أيضًا في وقت يعاني فيه المواطنون من غياب الشفافية والمحاسبة. حكومة السيسي يبدو أنها مصممة على تمرير قرارات صندوق النقد الدولي التي تستنزف جيوب المصريين، دون أن تقدم أي خطة بديلة للتخفيف من الأعباء على الطبقات الفقيرة.
فكل خطوة جديدة، سواء كانت زيادة في أسعار الغاز أو في وسائل النقل أو في تذاكر القطارات، تمثل حلقة جديدة في سلسلة متواصلة من المعاناة والظلم الذي يعصف بالمواطن البسيط.
التجاهل الحكومي الواضح لاحتياجات المواطنين وعدم وجود أي تعاطف مع ما يمرون به هو سمة هذه القرارات القاسية.
الحكومة تتعامل مع الأزمات الاقتصادية كما لو كانت مجرد أرقام على الورق، دون أن تعير أي اهتمام للأثر الذي تتركه هذه القرارات على حياة المواطن المصري.
ماذا عن المستقبل؟
في ظل هذه السياسات الاقتصادية التي تتبناها الحكومة، تبدو الصورة قاتمة للغاية للمستقبل. فمع كل زيادة جديدة، يزداد العبء على المواطن المصري، في الوقت الذي لا توجد فيه أي بوادر لتحسن الوضع الاقتصادي في المستقبل القريب.
الحكومة المصرية، في سعيها لتحقيق أجندات صندوق النقد الدولي، تتجاهل تمامًا مصالح الشعب المصري. والنتيجة أن المواطن العادي بات يتحمل تكاليف هذه السياسات القاسية، بينما تتراكم الثروات في يد قلة قليلة.
ما يحدث اليوم في مصر هو بمثابة تسارع في انهيار الوضع الاقتصادي، حيث تواصل الحكومة فرض الضرائب والرسوم والزيادات على فئات الشعب المختلفة، دون مراعاة لظروفهم المعيشية.
وكلما حاولت الحكومة إيجاد حل لأزمتها الاقتصادية، كانت النتيجة مزيدًا من المعاناة للمواطن الذي يدفع الثمن في النهاية.