بحضور أمريكي وخليجي.. ما وراء عقد قمة سداسية مفاجئة في "النقب"؟
نشر في : 27 مارس, 2022 11:55 صباحاً
  • - متى ستُعقد القمة الإسرائيلية الخليجية الأمريكية؟
  • يوما 27 و28 مارس 2022، بحضور وزراء الخارجية.
  • - ما الملفات التي ستناقشها القمة؟
  • ملف إيران، وحل الدولتين، وتعزيز اتقاقات التطبيع.
  • - ما هي دلالات القمة؟
  • تعكس مخاوف الدول المشاركة من مستقبل إيران في ظل اتفاق نووي جديد.

 

بينما تسيطر تطورات الغزو الروسي لأوكرانيا على حديث السياسة العالمية، كشفت حكومة الاحتلال الإسرائيلي عن قمة "تاريخية" ستقام في "النقب" بحضور وزراء خارجية الولايات المتحدة والإمارات والبحرين والمغرب ومصر، وسط حديث عن إمكانية مشاركة الأردن.

وقالت وزارة خارجية الاحتلال (25 مارس 2022)، إن القمة ستُعقد يومي الأحد والاثنين (27 و28 مارس 2022)، فيما قالت قناة "كان" العبرية، إن وزير خارجية مصر سيكون من المشاركين.

وهذه أول قمة من نوعها في "إسرائيل" منذ توقيع اتفاقات التطبيع بين حكومة الاحتلال والإمارات والبحرين والمغرب، أواخر 2020، وتأتي في وقت تستعد فيه المنطقة لإحياء اتفاق إيران النووي مع القوى الكبرى.

وكانت الخارجية الأمريكية أعلنت (24 مارس 2022)، أن الوزير أنتوني بلينكن سيبدأ جولة تشمل "إسرائيل"؛ والمغرب والجزائر، وقالت إنه سوف يبحث عدداً من الملفات، من ضمنها أمن الإقليم وأنشطة إيران في المنطقة.

إيران والطاقة والتطبيع

وقالت الخارجية إن بلينكن سيلتقي ولي عهد أبوظبي في الرباط، وهو أول لقاء رفيع يجري منذ توتر العلاقات الإماراتية-الأمريكية بسبب موقف أبوظبي من الغزو الروسي لأوكرانيا، والذي تعتبره واشنطن مخيباً للآمال.

ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن شخص مطلع على جدول القمة، أنها ستناقش جملة من التحديات، من ضمنها إيران وأزمة الطاقة والمياه والأمن الغذائي.

وقال ويل وشسلر، مدير مركز رفيق الحريري وبرامج الشرق الأوسط في مركز أبحاث "أتلانتيك كاونسل" ومقره واشنطن: "لم يحدث شيءٌ مثل هذا في إسرائيل من قبل".

واعتبر وشسلر، أن وجود وزير الخارجية الأمريكي يعني أن إدارة بايدن تدعم ما يُعرف باتفاقات "أبراهام" (التطبيع)، وتريد إنهاء الشكوك التي تعتري أطراف الاتفاقيات بشأن الموقف الأمريكي منها.

اجتماعات تمهيدية

في وقت سابق من هذا الأسبوع، عُقد أول اجتماع مشترك في مصر شارك فيه رئيس وزراء الاحتلال نفتالي بينيت؛ والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.

ونقلت "وول ستريت" عن مصدر مطلع، أن بينيت أخبر السيسي و"بن زايد"، بأنه يفكر في إنشاء تحالف عسكري إقليمي ودفاع جوي مشترك، وضمن ذلك وضع نظام ليزر إسرائيلي في الدول الحليفة يمكنه إسقاط المقذوفات والطائرات بدون طيار.

وبشكل منفصل، استضاف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الجمعة (25 مارس 2022)، السيسي ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ومحمد بن زايد ووزير الدولة السعودي الأمير تركي بن ​​محمد بن فهد. وقال الأردن إن الهدف من الاجتماع هو "تعزيز العلاقات بين الأردن وهذه الدول".

صحيفة "نيويورك تايمز" قالت: إن هذا الاجتماع في هذا التوقيت "يعكس مدى المخاوف المشتركة من وجود إيران نووية، وكذلك المخاوف المشتركة بشأن الانسحاب المتصور للولايات المتحدة من المنطقة، إلى جانب الفرص التي تتيحها العلاقات الاقتصادية الأكبر بين إسرائيل والعالم العربي".

خوف إقليمي من اتفاق نووي محتمل

لقد أعربت الدول المناهضة لإيران، والمتحالفة مع الولايات المتحدة، مراراً، عن مخاوفها من التوصل لاتفاق نووي "غير قوي" يمنح الإيرانيين فرصة الاستفادة من أموالهم المجمدة ومن عوائد النفط بعد رفع العقوبات، مع مواصلة العمل على تطوير سلاح نووي.

وفي أكثر من موضع، أكدت حكومة الاحتلال عدم التزامها بأي اتفاق مع إيران لا يضمن أمنها، وقالت مراراً إنها سوف تتحرك منفردة أو في ظل تحالف لمنع إيران من تهديدها أو تطوير قنبلة نووية.

لكن كل التحليلات الغربية تقول إن "تل أبيب" لا يمكنها الإقدام على مواجهة مع إيران دون وجود الولايات المتحدة، وإنها ستعمل بكل الطرق لإيجاد تكتل إقليمي تدعمه واشنطن لمواجهة إيران.

كانت فكرة تشكيل تحالف عسكري إقليمي متوهجة بشدة في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي دفع اتفاقات التطبيع الخليجية-الإسرائيلية بقوة، واستخدم أقصى وسائل الضغط على طهران.

لكن الفكرة خفتت إلى حد الانطفاء مع وصول بايدن للسلطة مطلع 2021، وحديثه عن إصلاح ما أفسده ترامب، وتصميمه على إحياء الاتفاق النووي الإيراني، بيد أن بلينكن أكد أكثر من مرة، وجود مشاورات مع الحلفاء بشأن طهران، وقال إن كل الخيارات متاحة للتعامل معها ما لم تعُد للاتفاق.

أواخر العام الماضي، تحدَّث مساعد وزير الخارجية الأمريكي، دانيال بنايم، عن تحرك أمريكي لتشكيل تكتل عربي خليجي-أوروبي؛ لمواجهة مخاطر إيران الإقليمية والدولية، وقال إن "إسرائيل ستكون في القلب من هذا التكتل".

قمة مباغتة ورسائل كثيرة

المحلل السياسي د.خالد الجابر، مدير مركز "مينا" للدراسات ومقره واشنطن، وصف القمة بـ"المباغتة"، وقال إنها ضربت احتمالات إعادة بعض الدول العربية حساباتها السياسية.

وفي تصريح لـ"الخليج أونلاين"، قال الجابر إن القمة مفاجئة أيضاً في التوقيت، لأنها تتزامن مع محاولة واشنطن حشد الدعم الدولي ضد روسيا، والبحث عن تسويات لمشكلات الشرق الأوسط.

وأضاف: "يبدو أن هناك تحالفاً جديداً يتكون من هذه الدول المشاركة وربما تنضم له دول أخرى بالمنطقة مستقبلاً"، مشيراً إلى أن تصريح عاموس جلعاد، رئيس الشعبة الأمنية والسياسية في وزارة جيش الاحتلال، بشأن تركيز القمة على مسألة إيران، يعكس أولويات القمة.

ولفت الجابر إلى أن إيران ومع اقترابها من عقد اتفاق نووي جديد، ستكون قوة سياسية وعسكرية كبرى بالمنطقة، فضلاً عن قدرتها على إحداث تراجع قد يصل إلى مرحلة الانهيار في أسعار النفط لو ضخت طهران كميات كبيرة من الخام.

وأشار المحلل السياسي إلى أن الولايات المتحدة وأوروبا تطمحان إلى هذا الدور الإيراني في سوق النفط، فيما ترفضه دول خليجية تستفيد من ارتفاع الأسعار، فضلاً عن عدم رضى هذه الدول عن تقوية إيران التي تتحكم في معابر مائية مهمة بالمنطقة.

المحور الآخر المهم الذي ستتبناه القمة سيكون ما وصفه جلعاد بـ"مواجهة الإرهاب السُّنّي"، وهو مصطلح جديد الاستخدام، كما يقول الجابر، الذي أشار إلى أن القمة تمثل انعكاساً للصدمة التي ضربت البعض بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

وتابع: "بعض دول المنطقة منحت الولايات المتحدة، بسخاء، مقابل الحصول على حماية عسكرية منها في وقت الخطر، لكنها اصطدمت بأن واشنطن لم تدافع عن أوكرانيا في مواجهة روسيا كما كان متوقعاً".

ومن ثم، يضيف الجابر، بدأت الدول تفكر في إعادة صياغة نظرياتها وتحالفاتها بعيداً عن التصورات الكبيرة عن أهمية الدول الكبرى، خصوصاً أن المجتمعين يعانون مخاوف كبيرة من إيران، بعدما باتت أوكرانيا تواجه السقوط في طرفة عين.

وخلص الجابر إلى أن القمة تهدف أيضاً إلى إيصال رسالة إلى الإدارة الأمريكية بشأن طريقة تعاملها مع المنطقة فيما يتعلق بمخاطر إيران وملف حقوق الإنسان والضغط المتواصل على بعض العواصم لضخ مزيد من الخام.

في الأخير، يقول المحلل السياسي: إن "ترؤُّس إسرائيل للقمة وليس مصر أو دولة أخرى، يعطي مؤشراً على أننا إزاء متغيرات سياسية كبيرة في المنطقة، قد تتضح معالمها لاحقاً بشكل أكبر".