“أرض النيل” تسير بسرعة نحو الكارثة
نشر في : 30 يناير, 2023 08:39 صباحاً

تشهد مصر أرض النيل أزمة اقتصادية حادة، وخطر اندلاع غضب جماعي في الميادين لم يعد سيناريو وهميًا. وقد تصل دولة يبلغ عدد سكانها حوالي 110 مليون نسمة إلى الإفلاس بسبب ديونها الهائلة بينما يعاني سكانها من فقر مدقع.

فقد الجنيه المصري نصف قيمته، أي أن الرواتب فقدت نصف قيمتها ! وارتفعت الأسعار بنسبة 40٪ وتضاعفت تكلفة المنتجات الغذائية بينما تجاوز التضخم 25٪، وتم رهن نصف الميزانية لدفع فوائد الدين الوطني، والذي يجب سداد 100 مليار دولار منه في السنوات الأربع المقبلة. وقام المستثمرون بسحب 20 مليار دولار من البلاد في الأشهر الأخيرة، وهذه معطيات لكارثة وشيكة.

في مصر تم مؤخراً إنشاء مجموعة على الإنترنت تضم 126 ألف عضو تسمى “ما هو باهظ الثمن يمكن استبداله “، وهي تتعامل مع وصفات وجبات رخيصة بدون لحوم، وأصبحت مصر تستجدي التبرعات رغم أنها كانت أول من وقعت اتفاقية السلام مع إسرائيل ووقفت دائمًا إلى جانب الولايات المتحدة.

تعيش عائلة مصرية متوسطة من الطبقات الوسطى العاملة هذه الأيام في عيشة مؤلمة من الفقر المدقع. بالنسبة لأولئك الذين لديهم مدخرات، اتضح بشكل مفاجئ أن البنوك تحد من سحب الأموال، حتى أكشاك “الكشري” – الطعام الشعبي الرخيص تفقد زبائن لديها منذ سنوات. أصبح البيض من الرفاهية والباعة في سوق خان الخليلي الشهير يبكون بشدة الآن في ذروة الموسم اختفاء السياح من روسيا وأوكرانيا، الذين شكلوا ثلث إجمالي عدد الزائرين للسوق.

حتى الآن، نجح الرئيس السيسي في الحفاظ على الهدوء بمساعدة ودائع تبلغ نحو 20 مليار دولار سنويًا من الدول النفطية العربية، التي تخشى انهيار الأخت الكبرى. لكن في نهاية الأسبوع الماضي حلت الكارثة: بدأت المملكة العربية السعودية تليها الكويت في التلميح إلى أن سخاءهم على وشك الانتهاء. ورفض كلاهما المشاركة في المؤتمر الطارئ الذي دعا إليه حاكم الإمارات محمد بن زايد في أبو ظبي بهدف مساعدة مصر والأردن. وأضاءت أنوار الإنذار في القاهرة: بدون هذه المساعدة ستشبه مصر الأرجنتين المفلسة أو لا سمح الله تصبح “لبنان الثاني”.

وافق صندوق النقد الدولي هذا الشهر على منح السيسي 3 مليارات دولار – وهذه هي المرة الرابعة في السنوات الست الماضية – لكنه قدم شروطاً صعبة: تخفيض آخر لقيمة الجنيه المصري وتخفيض كبير في الإنفاق الحكومي بما في ذلك تخفيضات في دعم الخبز، يتذكر الجميع هناك أحداث الشغب في كانون الثاني (يناير) 1977، عندما رفع الرئيس السادات أسعار خبز البيتا واضطر إلى التراجع عن ذلك.

أكثر من ذلك: يطالب الصندوق الجيش المصري بالبدء في إنهاء سيطرته على الاقتصاد الذي تديره ما لا يقل عن ألف شركة. حيث توجد بينها مجموعات ضخمة تحتكر العديد من القطاعات وتشجع على صب عشرات المليارات من الدولارات على المشاريع الاستعراضية المشكوك في جدواها، مثل إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة بتكلفة 60 مليار دولار، وأطول قطار بدون سائق في العالم بتكلفة 23 مليار دولار أخرى. يجني الجيش الإيرادات ويخوض سباق شراء غير منضبط ودون تفسير منطقي خلف أنظمة أسلحة أكثر وأكثر تكلفة من جميع الأنواع.

السيسي، ليس من الصعب التخمين أنه في مأزق صعب، هو يخشى حرمان الضباط من أبقارهم الحلوب وفي نفس الوقت يخشى ردود فعل الجمهور على ارتفاع الأسعار. إنه يخشى الديون المتضخمة التي تضاعفت أربع مرات منذ توليه السلطة في عام 2014 ، ويخشى من انقباض أيدي السعوديين، باختصار، المصريون في حالة يرثى لها.