ضربة موجعة.. كيف تأثر الاقتصاد المصري المتأزم بالحرب في السودان؟

25 مايو, 2023 11:49 صباحاً
أخبار الغد

أكد موقع أميركي أن الاقتصاد المصري الذي يعاني بالفعل من ضغوط شديدة منذ عام 2022، يتلقى ضربات جديدة من الحرب المندلعة في السودان منذ أبريل/ نيسان 2023.

وقال موقع "المونيتور" إن اندلاع الاشتباكات بين الجيش السوداني النظامي وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، كانت بمثابة نذير شؤم للاقتصاد المصري.

وأوضح أن القاهرة تخشى من أن يؤدي طول أمد الصراع على أراضي جارتها السودان، السوق الرئيس لصادراتها، إلى تعقيد مشكلاتها الاقتصادية.

سوق رئيس

وحسب الموقع الأميركي، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والسودان 1.4 مليار دولار في عام 2022، ارتفاعا من 1.2 مليار دولار في عام 2021.

وهذا يشمل 929.2 مليون دولار من الصادرات المصرية، و504.4 مليون دولار من الواردات، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.

كما جاء السودان كثاني أكبر سوق للصادرات المصرية بعد ليبيا في الربع الأول من عام 2023، بقيمة 226 مليون دولار، حسب ما أوضحته الأرقام الصادرة عن وزارة الصناعة المصرية، في أبريل 2023.

وقال رئيس مجلس الأعمال المصري السوداني، شريف الجبلي، لـ"المونيتور"، إنه "لا يزال من المبكر تقييم تأثير الصراع على التبادل التجاري بين مصر والسودان".

لكنه "توقع أن توقف العديد من الشركات المصرية حركة التصدير إلى السودان؛ خوفا من عدم تحصيل أموالها، بالإضافة إلى المخاطر الأمنية الشديدة الناجمة عن القتال الدائر هناك".

وأضاف المسؤول المصري أن "الصراع في السودان سيؤدي بالتأكيد إلى تراجع حجم الصادرات المصرية إلى السوق السودانية".

وأوضح أن "معظم المستوردين السودانيين اعتادوا أن يأتوا ومعهم الأوراق النقدية لدفع ثمن الصادرات المصرية ونقلها إلى السوق السودانية عبر الحدود، لكن اندلاع النزاع في السودان سيجعل استمرار هذه العملية صعبا للغاية".

وأردف الجبلي أن "الصراع الحالي في السودان سيعطل أيضا المشاريع الاقتصادية المشتركة، التي تعلق عليها القاهرة آمالها في تعزيز تعاونها الاقتصادي مع الخرطوم".

وحسب الموقع الأميركي، فإن "مصر التي برزت كقوة إقليمية في مجال الطاقة خلال السنوات الأخيرة لديها خط ربط كهربائي مع السودان بقدرة 80 ميغاوات، كما كان البلدان يخططان لزيادة قدرته إلى 300 ميغاوات".

علاوة على ذلك، "كانت كل من القاهرة والخرطوم تخطط أيضا لبناء خط سكة حديد بطول 570 كيلومترا (354 ميلا) لتسهيل حركة البضائع بين البلدين"، وفق التقرير.

وأشار "المونيتور" إلى أنه "من المتوقع أيضا أن تتأثر الاستثمارات المشتركة بالصراع المستمر في السودان".

وأورد أن "هناك ما يقرب من 229 مشروعا مصريا جاري تنفيذها في السودان، باستثمارات تصل إلى 10.8 مليارات دولار، وفقا للهيئة العامة للاستعلامات في مصر".

كما يعمل في السوق المصري ما يقرب من 315 شركة سودانية باستثمارات تصل إلى 97 مليون دولار، بحسب الهيئة العامة للاستعلامات المصرية.

تجنب الانحياز

وأشار الموقع الأميركي إلى أن "مصر نسجت علاقات قوية مع الجيش السوداني، بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في عام 2019".

كما تعاون البلدان في الضغط على إثيوبيا للتوصل إلى اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، الذي تعده القاهرة تهديدا وجوديا لحصتها المائية من نهر النيل.

ورأى الموقع أن مصر  مع ذلك تجنبت إلى حد كبير الانحياز لطرف بعينه في الصراع السوداني الجاري، واكتفت بمناشدة كلا الخصمين العسكريين للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار لحل نزاعهما.

وأكد أن مصر تخشى من أن يؤدي طول أمد الصراع لدى جارتها إلى تدفق اللاجئين من الأراضي السودانية إلى البلاد، مما سيزيد من الضغط على اقتصادها الهش بالفعل.

ووفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد عبر ما لا يقل عن 56 ألف لاجئ سوداني الحدود إلى الأراضي المصرية منذ اندلاع العنف في 15 أبريل/ نيسان 2023.

وتستضيف مصر بالفعل حوالي 9 ملايين لاجئ، بما في ذلك ما يقرب من 4 ملايين سوداني، حسب تقديرات المنظمة الدولية للهجرة.

وفي مقابلة مع صحيفة "ذا أساهي شيمبون" اليابانية، مطلع مايو/ أيار 2023، حذر رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، من أن تدفق اللاجئين السودانيين سيخلق مشاكل اقتصادية لمصر.

وقال: "وسط الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الأزمة الروسية الأوكرانية، فر العديد من السودانيين، لذا تواجه مصر أيضا مشكلات، ونحن نشهد بالفعل تضخما مُرتفعا، وارتفاعا في أسعار السلع الضرورية اليومية".

وأضاف السيسي: "إذا قبلنا المزيد من السودانيين، فستتأثر مصر بذلك بالتأكيد".

خطر متزايد

"وتواجه مصر بالفعل صعوبات اقتصادية متعددة، بما في ذلك نقص العملة الأجنبية وارتفاع التضخم، حيث فقدت العملة المحلية قرابة 100 بالمئة من قيمتها منذ مارس/ آذار 2022، لتتداول حاليا عند قرابة 31 جنيها مقابل الدولار، مما تسبب في ارتفاع التضخم.

ووفق "المونيتور"، فقد بلغ التضخم الأساسي السنوي في مصر ذروته في فبراير/ شباط 2023، عند 40.3 بالمئة قبل أن ينخفض ​​إلى 39.5 بالمئة في مارس/ آذار من العام نفسه.

"كما ارتفع معدل التضخم السنوي العام إلى 33.9 بالمئة في مارس/ آذار 2023، ارتفاعا من 12.1 بالمئة في الشهر نفسه من العام 2022"، حسب التقرير.

وفي 5 مايو/ أيار 2023، خفضت وكالة التصنيف الائتماني "فيتش" تصنيف مصر بدرجة واحدة من B + إلى B، ملقية بذلك نظرة مستقبلية سلبية على الاقتصاد المصري، بسبب الصعوبات التي تواجهها البلاد.

وقالت الوكالة إن "مخاطر التمويل الخارجي قد زادت في ظل ارتفاع متطلبات التمويل الخارجي، وتشديد شروط التمويل الخارجي، وحساسية خطة التمويل الأوسع في مصر تجاه معنويات المستثمرين".

وعقب اندلاع القتال في السودان بنحو 10 أيام، حذرت وكالة التصنيف العالمية "موديز" من أن "امتداد الاشتباكات في السودان لمدة مطولة يُمثل خطرا متزايدا، وسيكون له تأثير ائتماني سلبي على البلدان المجاورة مثل إثيوبيا وتشاد ومصر".

وبحسب "موديز"، فإنه "في حال طال أمد الصراع، سيكون هناك خطر متزايد على بنوك التنمية متعددة الأطراف في مصر وتشاد وجنوب السودان وإثيوبيا".

وبدوره، يرى الخبير الاقتصادي ومستشار وزير التموين المصري، مدحت نافع، أن "الصراع السوداني سيعطل تدفق الاستثمارات إلى مصر".

وقال نافع لموقع "المونيتور"، إن "اندلاع أي صراع إقليمي سيؤثر على قدرة المنطقة بأسرها على جذب الاستثمارات، ناهيك عن مصر كبوابة للاستثمار في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى".

وختم المسؤول المصري بالقول إن "تدفق اللاجئين من السودان إلى مصر سيزيد من الأعباء على ميزانية الدولة وسوق العمل في البلاد".

أخبار مصر

عربي ودولي

حقوق وحريات