الدولة تفتح ذراعيها لخصمها… وفوز البلشي أعاد الروح لجسد اليسار «الميت»

23 مارس, 2023 08:14 مساءً
أخبار الغد

مع مطلع أول أيام الشهر الكريم، توجس الكثيرون خشية شن إسرائيل حربا شاملة على الشعب الفلسطيني، كدأبها كلما حل شهر “الرحمة”. وليلة أمس الخميس، في أول صلاة للتراويح، ودون ترتيب مسبق وخروجا على تعليمات وزارة الأوقاف، اجتهد العديد من الائمة في الدعوة بالنصر للمستضعفين في المسجد الأقصى وما حوله من بلدات، ونودي للصلاة في أول القبلتين وثالث الحرمين.

من ناحية أخرى ما زالت تداعيات فوز الكاتب خالد البلشي بمنصب نقيب الصحافيين تثير المزيد من الجدل بين الفرقاء، يرى بعض أنصار السلطة وخصومها على حد سواء أن النتيجة غير المتوقعة أهدت قوى الحكم هدية مجانية، تمثلت في وأد الوجه “المستبد” للسلطة، ويصر آخرون على أن الروح دبت في”الجنين” الذي ينتظره الحالمون بعودة الحياة لليسار المصري، بوصفه القادر، وفق زعم أنصاره على إخراج مصر من نكبتها الاقتصادية، التي توشك أن تجهز عليها.


وقد واصل كتاب أمس الخميس 23 مارس/آذار حض الأثرياء على دعم الفقراء الذين لا يجدون ما ينفقون خاصة في “شهر الرحمة”. من جانبها استردت الحكومة بعض ثقتها في نفسها، إثر توزيع قرابة خمسة ملايين كرتونة أغذية على المواطنين في مختلف المحافظات. ومن أخبار المؤسسة الدينية: ألقى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، كلمة خلال شعائر صلاة الفجر من مسجد مصر في المركز الثقافي الإسلامي في العاصمة الإدارية الجديدة، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي وعدد من الوزراء، وكبار رجال الدولة. وقال فضيلة الإمام الأكبر، عقب تقديم التهنئة للرئيس والأمتين العربية والإسلامية بحلول شهر رمضان الفضيل، أن من بشائر الأمل،

والفأل الحسن أن يتم افتتاح مركز مصر الثقافي الإسلامي ومسجد مصر في العاصمة الإدارية الجديدة في الساعات الأولى من صيام شهر رمضان المبارك، الذي يشهد المسلمون بداية أيامه؛ الأمر الذي يشير إلى تعانق العلم مع العبادة في الإسلام. وأوضح الإمام الطيب: «إن شهر رمضان الكريم، الذي نستفتح في ساعاته الأولى صيامه فُرض قبل فرض الزكاة، رغم أنه يذكر بعدها»؛ معللا ذلك أن «الصيام أشد أركان الإسلام مشقة على النفس؛ لذلك جاء ترتيب الأركان من الأخف على النفس كما يقول العلماء، فالصائم بالاستغناء كأنه يعبد ربه بصفة من صفته تعالى». ومن أخبار القلعة البيضاء: أعلن خالد لطيف أمين صندوق نادي الزمالك، رحيل المدرب البرتغالي جوسفالدو فيريرا عن القيادة الفنية للفريق الأبيض. وأضاف: «فيريرا سيرحل عن الزمالك بطريقة تناسب الإنجازات التي قدمها مع الفريق في السنوات الماضية، حتى إن لم يكن موفقا في هذا الموسم».. ومن أخبار الراحلين: أعلنت نجلة الإذاعية الكبيرة فضيلة توفيق، رحيلها عبر منشور لها على مواقع التواصل الاجتماعي قالت فيه: “ادعوا لأمي بالرحمة.. البقاء لله، توفيت إلى رحمة الله الإذاعية الكبيرة فضيلة توفيق عبدالعزيز (أبلة فضيلة)، وستُقام صلاة الجنازة يوم الجمعة الموافق 24/ 3/ 2023 عقب صلاة الجمعة في مسجد عثمان في مدينة بيكرينج في كندا”، يُذكر أن أبلة فضيلة من مواليد 4 أبريل/نيسان 1929، وتُعد من أشهر مقدمي برامج الأطفال في الإذاعة المصرية.


أهلا بالبلشي

يرى عماد الدين حسين في “الشروق”: أن دعوة البلشي للاحتفال بيوم المرأة المصرية وعيد الأم، الذي تنظمه رئاسة الجمهورية وحضره الرئيس السيسي وكبار المسؤولين في الدولة كانت لفتة ذكية ومعبرة، وردا واضحا وسريعا بعد حوالي 48 ساعة فقط من نهاية الانتخابات، وهي رسالة واضحة بأن الدولة المصرية تتعامل مع جميع أبنائها، في إطار الدستور والقانون. للأسف الشديد بعض الزملاء الصحافيين كان يعتقد أن فوز خالد البلشي يعني أن النقابة سوف تدخل في صدام مستمر مع الدولة المصرية بكل أجهزتها. لكن ما لم يعلمه كثيرون أن الدولة المصرية كانت واضحة طوال الوقت وخصوصا قبل الانتخابات بأنها سوف تتعامل مع الفائز بغض النظر عن اسمه، وهل هو خالد ميري، أو خالد البلشي. وأعتقد أن خالد البلشي وصلته رسائل واضحة، قبل الانتخابات تؤكد له هذا المعنى. لكن الأكثر تأكيدا أن جهات مختلفة ونافذة في الدولة تواصلت مع البلشي بعد دقائق من إعلان فوزه مساء الجمعة الماضي، وأكدت له أن يدها ممدودة له وترحب به في أي وقت. وجاءت دعوة البلشي للاحتفال الرئاسي بيوم المرأة المصرية، لتؤكد أن الدولة المصرية أكبر من كل الأشخاص وأنها لا تتعامل مع شخص أو جهة أو تيار أو حزب واحد، مهما كان حجم هؤلاء، بل هي تعني بحكم التعريف أنها تضم وتحتوي الجميع المؤيد والمعارض، اليميني واليساري، المسلم والمسيحي، الصحف القومية والخاصة والحزبية والمستقلة.

احذر الأصدقاء

“قلت له بوضوح أن التحديات ستكون كثيرة، وبالتالي لا بد من التعاون مع الجميع حتى يمكن مواجهة هذه التحديات وسبل حلها”، تابع عماد الدين حسين موجها النصح للنقيب الجديد: بعد الاحتفال بالانتصار ينبغي أن تكون الأمور أمامك واضحة وأهمها الحذر من قلة من الأنصار الذين يعتقدون أن عليهم واجبا مقدسا في خوض صراع وصدام مفتوح مع الدولة والحكومة طوال الوقت. قلت للبلشي أيضا، أمامك الكثير من المهام الجسام لا تتعلق فقط بالحريات ـ رغم أهميتها الفائقة ـ ولكن تتعلق بصناعة الصحف واقتصادياتها، وإذا لم يتم التصدي لهذه المشاكل وإيجاد حلول لها، فسوف تكون العواقب وخيمة. المطلوب من المجلس الجديد وكل المهتمين بمهنة الصحافة، تطوير وتدريب الصحافيين بجد وليس بطريقة شكلية. المطلوب من المجلس الجديد البحث عن حلول عملية للأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تضرب الصحف والصحافيين، وتجعل مرتباتهم في الدرك الأسفل بين أعضاء كل النقابات المهنية، بل بين كل الوظائف تقريبا، وبالمناسبة الحد الأدنى لمرتبات الصحافيين 1200 جنيه، رغم أنه ارتفع في مرتبات الحكومة إلى 3700 جنيه. نفهم تماما المماحكات والجدل والنقاش والاختلاف بين المرشحين في الحملات الانتخابية، سواء كانوا على منصب النقيب أو الأعضاء، وهو أمر طبيعي حدث، وسوف يحدث في كل الانتخابات المقبلة. لكن علينا أن نضع كل ذلك خلف ظهورنا وننظر للأمام حتى نتمكن جميعا من الارتقاء بهذه المهنة التي تتعرض لتحديات جمة.

لهذا فاز

أكدت أمينة النقاش في “الأهالي” أن فوز خالد البلشي بمنصب نقيب الصحافيين في أجواء التذمر السائدة في المجتمع، وحالة السخط السائدة في الوسط الصحافي، لم يكن بعيدا عن الاحتمال. فالصحافيون المؤيدون للبلشي في عضوية النقابة لا يستطيعون بمفردهم إنجاحه، لكن الفوز تحقق إلى جانب دعم مؤيديه، لتصويت أعداد كبيرة من صحافيي “الأهرام” و”الأخبار” وغيرهم من صحافيي المؤسسات القومية لصالحه، فضلا عن التصويت العقابي، والمنافسة بين المؤسسات الصحافية الكبرى على أن يكون النقيب من بين صفوفها، التي تنعكس على التصويت. وإلى جانب ذلك شخصية البلشي الودودة الهادئة، التي تحظى بثقة واحترام من يؤيدونه ومن يختلفون معه في الرأي، ودوره المشهود في الدفاع عن حريات الرأي والتعبير. والدليل على ما سبق أن الفارق في أعداد المصوتين بين البلشي وميري لم يكن هينا. فقد بلغ إجمالي عدد المصوتين 5062 صوتا، كان الصحيح بينهم 4888 صوتا.

وحصد البلشى 2450 صوتا وحصل ميرى2211 بفارق بينهما بلغ 239 صوتا. تابعت النقاش: لم أصدق بطبيعة الحال التحليلات التي سادت في أوساط الصحافيين عقب صدور النتيجة النهائية، التي أشاعت أن الحكومة كانت ترغب في التوصل لتلك النتيجة، لأنها تنطوي على تلميح، بأن جهات رسمية شجعت الاثنين على خوض المنافسة، وهو أمر أستطيع من جانبي أن أؤكد أن البلشي لم يكن راغبا نهائيّا في الترشح، وهي رغبة باتت تطول معظم من يشعرون بهول المسؤولية تجاه مهنة محاصرة من شتى الجهات بتلال من المشاكل طال أمدها، وأن الضغوط التي مورست عليه من أصدقاء وزملاء كثيرين من مختلف المؤسسات الصحافية، وحاصرته في بيته وفي خارجه، دفعته دفعا لخوض التجربة. ومن الإنصاف القول إن من ساهم في نجاح تلك التجربة، النزاهة والحيادية، اللتان قاد بهما النقيب المنتهية ولايته ضياء رشوان العملية الانتخابية برمتها، والتزامه بإعلان النتيجة كما قضت بها اللجنة القضائية من النيابة الإدارية المشرفة على الانتخابات، فضلا عن الدور المهم الذي قامت به اللجنة التي شكلها رشوان برئاسته للإشراف على كل إجراءاتها بما تقبل به كل الأطراف. لكن المؤكد أن النتيجة المعلنة بفوز البلشي وأغلبية من أعضاء مجلس النقابة من مناصريه، هي لصالح الحكومة في مواجهة الانتقادات الداخلية والدولية الموجهة لها بالتضييق على الحريات العامة وحريات الرأي والتعبير.

دولة تكاتك

تضخم غير مسبوق؛ وأزمة مالية طاحنة تعاني منها البلاد؛ ومعاناة كبيرة للغاية يواجهها عدد كبير من البسطاء؛ وموازنة عامة مثقلة بكم ضخم من الأعباء؛ كل ذلك ونفرط في مصدر دخل مهم وكبير؛ دون معرفة السبب. بات من الطبيعي كما يقول عماد رحيم في “الأهرام” مشاهدة أمرٍ غير طبيعي؛ وعند تكرار المشاهدة؛ صار غير الطبيعي طبيعيا؛ ما أقول ليس من باب الفوازير؛ ولكنه من باب الغرائب. لا أعرف على وجه التحديد عدد مركبات التوك توك في مصر؛ ولكن من المتوقع أن يكون الرقم بالملايين؛ وهو رقم مرشح للزيادة؛ فمما لا شك فيه أن تلك المركبة تدر دخلا على صاحبها؛ والأمر هنا ليس بغرض الحديث عن هذا الدخل؛ ولكنه بغرض التعامل مع تلك المركبة المرعبة بقدر من التعقُل؛ فهي تسير تعكنن على كل خلق الله من قائدي السيارات إلى المشاة؛ ترتكب المخالفات بكل أريحية وطمأنينة؛ بل أحيانا كثيرة؛ تُرتكب باسمها الجرائم؛ فلا يوجد لها لوحة عليها رقم رخصة تسيير؛ ولا يوجد لسائقها أي ضوابط تجعله يقع تحت طائلة القانون، بل الأعجب أنه ليس لها قانون ينظم عملها. فكل هذه المركبات هي عبارة عن وسائل تنعم بكل الأمان المتاح لفعل كل الموبقات، كل ذلك معروف من قبل؛ فما الجديد؟ أجد ذلك السؤال على ألسنة البعض من حضراتكم. الإجابة أكثر سهولة؛ ألم يأن أوان خضوع التوك توك وسائقه للقانون؛ فيتم ترخيصه؛ ويكون لكل مركبة ملف خاص بها في المرور؛ وكذلك رخصة لسائقه؛ مع ملصق إلكتروني؛ ومن ثم يسهل التعامل والوصول لكل مركبات التوك توك في مصر. هكذا نضرب عصفورين بحجر واحد؛ الأول؛ لو فرضنا أن رسم الترخيص للتوك توك ألف جنيه؛ فعندنا عدد من مليارات الجنيهات تدخل خزينة الدولة فور تطبيق القرار؛ وكذلك سيتم تحصيل رسوم للمخالفات؛ ولعدده الكبير؛ فالمتوقع أن تكون قيمة المخالفات أيضا كبيرة. الحجر الثاني؛ حصار الجريمة بشكل ما؛ لأن مرتكب الجرم سيفكر أكثر من مرة حينما يستعمل مركبة مرخصة في ارتكاب فعلته السيئة؛ لأنها قد تكون سببا في الإمساك به.

الأصعب مقبل

يخطئ من يتصور وفق ما أكد عصام كامل في “فيتو”، أن ما نعايشه في واقعنا الاقتصادي الآن هو نهاية المطاف، أو أن الأزمة التي تعاني منها البلاد هي الكارثة الأكبر، يقيني أن الأيام المقبلة حبلى بما هو أصعب فما نمر به نتاج طبيعي لتبدل الأولويات، وإن كنا قد قطعنا شوطا مدهشا في ملفات أخرى. فالكارثة الأكبر، أننا لا نزال نتعاطى مع المعطيات ذاتها، وننتظر نتاجا مختلفا دون النظر إلى البديهيات المتعارف عليها، فالمقدمات هي التحكم الرئيسي في النهايات، وما نقدمه اليوم لن تختلف نتائجه إذ أننا لا نزال نمضي في الطريق نفسه الذي أدى بنا إلى ما نحن عليه. الأمر ليس معقدا، بل إنه بسيط للغاية، إذا أضفت حمض الكبريتيك على النحاس مع عوامل مساعدة لن تكون النتيجة ذهبا، النتيجة العلمية كبريتات نحاس بالطبع، والاقتصاد مثل الكيمياء، عبارة عن خلط مجموعة من العناصر معروفة وتكون النتائج أيضا معروفة. أنفقنا على البنية التحتية مئات المليارات وحققنا معادلة مستحيلة، غير أننا أسرفنا في ما هو بعد البنية التحتية، وخلقنا مناخا طاردا للاستثمار واحتكرنا كل شيء، وأغلقنا الأبواب المفتوحة أمام الناس،

وعكفنا على كل ما هو استهلاكي، واعتمدنا اقتصادا ريعيا قائما على الجباية. بالطبع لن تكون النتائج أن تصبح نمرا افريقيا، أو أن تتحول إلى قلعة صناعية، أو أن تنافس عواصم المال في العالم، أو أن تحلب لبنا يطعم الأطفال والكبار، أو أن تصبح رقما اقتصاديا في محيطك، بالعكس تحركت عواصم افريقية من الصفر، وأصبحنا من خلفها نلهث دون أن نسابقها. العلم هو سيد التقدم ولا يمكن لشخص واحد أو مؤسسة واحدة أو تنظيم واحد أن يقوم بوطن بحجم مصر، ومصر تزخر بالكفاءات، ولم تكن في يوم من الأيام بلدا خاويا أو خاليا من الوطنيين الشرفاء والكفاءات الواعدة في كل مجال. اللحم السوداني والفراخ البرازيلي افتحوا آفاق النقاش واعتمدوا على الخبرات، وكفانا اعتمادا على أهل الثقة، فما ضاعت مصر في تاريخها إلا من الاعتماد على نظرية أهل الثقة التي أضاعت علينا فرصا وأفقدتنا أرضا بذلنا الدم من أجل تحريرها، ولا نزال نعيش آثار الفهلوة والبطل الملهم والرجل الواحد.
أصلها كذبة

قامت على أكذوبة، ولم تكف طوال سنوات عمرها البغيضة، كما أشارت هالة فؤاد في “المشهد” عن إطلاق المزيد من الأكاذيب، التي تقترن دوما بجرائمها الوحشية البشعة واستعمارها الاستيطاني القميء. لا تتورع بينما تمارس تلك الجرائم عن أن تتشدق بأنها واحة للديمقراطية وللحرية.. لتجعل من التبجح عنوانا لها.. لا يكترث ساستها كثيرا بممارساتها العدوانية.. يدركون أن دولتهم بعيدة عن ضمير العالم، وأن جرائمها ستمر دون عقاب، أو حتى مساءلة، وأن أقصى ما يمكن مواجهته، كلمات جوفاء بالإدانة والشجب والاستنكار. مجرد ذر للرماد في العيون يفضي إلى صمت مخز يكون بمثابة إشارة ضوء خضراء لتمرير الجريمة، وإقرار الوضع الذي يزداد تجبرا وسوءا على الأرض.

يراهن البعض أن دمار إسرائيل سيأتي من الداخل.. انهيار دولة الأكاذيب سيكون معوله الأشد خطرا من تمزقها وتفتتها وتصدعها. يرى هؤلاء أن إسرائيل تسير نحو أزمة كبيرة بفعل سياسة حكومتها اليمينية المتطرفة.. التي لا تكف عن اتخاذ قرارات ليست فقط مثيرة للجدل، لكنها أيضا دافعة للخطر الكارثي من وجهة نظرهم. آخر تلك الخطوات حزمة من مشاريع القوانين وافق عليها الكنيست الإسرائيلي بالقراءة الأولى على أن يتم إقرارها بعد قراءتين لاحقتين لها. منها قانون يتيح للسلطة التشريعية التغلب على قرارات المحكمة العليا وتغيير آلية اختيار القضاة في إسرائيل، ويعرقل المحكمة العليا لإبطال قانون تم إقراره من قبل الحكومة بإدخال بند “الاستثناء” الذي يسمح للبرلمان بإلغاء قرارات المحكمة العليا.. وهو ما يقوض صلاحية السلطة القضائية، ويعرض مبدأ الفصل بين السلطات للخطر، بعدما يطلق يد الكنيست ويجعل سلطته تفوق السلطة القضائية، فضلا عن أنه يسمح للبرلمان بحماية القانون من أي إلغاء.

مقابل نجاته

يبدو واضحا كما ترى هالة فؤاد، أن نتنياهو ومؤيديه أرادوا تحصينه ضد الإدانة في جرائم الفساد المتهم فيها.. وتأتي مشروعات القوانين الأخيرة لتدعم ذلك الهدف. تبرئة نتنياهو واستمرار حكومته اليمينية المتطرفة، هو الهدف الأبرز الذي ترمي إليه تلك القوانين، لا يهم هؤلاء كثيرا مدى ما يمكن أن تسببه هذه القوانين من تشويه صورة إسرائيل الديمقراطية، التي لا يكف ساستها على مدار عقود عن التشدق بها، ولا تقلقهم الأصوات المعارضة لتلك القوانين، التي تأتي من داخل إسرائيل وخارجها. لم تتوقف المظاهرات الشعبية المناهضة لتلك القوانين والإدانة لها ووصفها بأنها تقود البلاد إلى مسار ديكتاتوري. على جانب آخر ترجمت كلمات الرئيس الإسرائيلي إسحاق هيرتسوغ تلك المخاوف ورأى أن تلك القوانين تعرّض وحدة البلاد للخطر، ووصف سياسة نتنياهو بأنها جعلت إسرائيل في وضع خطر، وأن تداعياتها كبيرة، بينما وصف زعيم المعارضة يائير لبيد الإئتلاف الحاكم بأنه يدفع إسرائيل لحرب أهلية. يبدو أن نتنياهو لا يكترث كثيرا بتلك المعارضة، فيمضي بخطى ثابتة لإقرار هذه القوانين حفاظا على تماسك حكومته اليمينية المتطرفة، والتزاما بتعهداته لأحزابها بإجراء تعديلات قضائية. ومثلما ضرب بعرض الحائط المعارضة الداخلية، لم يكترث كثيرا بالمعارضة الخارجية، ولم يلتفت لدعوة مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لتعليق مشروعي القانونين، خشية تأثيرهما في حقوق الإنسان واستقلالية القضاء، بل لم يتورع عن مقابلة تلك الدعوة بالتهكم ووصف مجلس حقوق الإنسان بأنه هيئة غير مجدية. ولا يغفل نتنياهو وهو يكرس بإحدى يديه لديكتاتورية حكمه، أن يضرب باليد الأخرى ما تبقى من أوصال للشعب الفلسطيني، وهنا تكمن خطورة ثالث مشروع قانون أقره الكنيست، الذي يلغي بنودا في قانون الانفصال أحادي الجانب، والذي يحظر على المستوطنين دخول أربع مناطق في الضفة الغربية ويفتح المجال لإعادة إستيطانها.. شرعنة الاستيطان وتعميقه هو الهدف الذي يرمي إليه مشروع القانون.

شهر القرآن

في أول أيام الشهر الفضيل اهتم فاروق جويدة في “الأهرام” بالعديد من أسرار جمال النص الإلهي: كان والدي ــ رحمة الله عليه ـ يحفظ القرآن الكريم بقراءاته العشر، وفي طنطا تعرف على الشيخ الحصري والنقشبندي ــ رحمهما الله.. وقد أحببت القرآن الكريم من خلال قراءات والدي وتعرفت على مناطق الجمال فيه لغة وإحساسا وتاريخا.. وكنت وما زلت أتوقف كثيرا عند جماليات اللغة القرآنية ليس فقط بحكم العقيدة، ولكن النص القرآنى نص معجز ومبهر في جماليات لغته.. وفي القرآن الكريم تطوف في ثلاثة مواقع مختلفة، إذا أردت جماليات اللغة فهي في أرقى وأعلى درجات الصياغة المعجزة، ولغة القرآن شيء فريد ومختلف، ولا شيء يشبهه.. إنه نص إلهي مبهر في تراكيبه وسرده وجماليات صياغاته وهو لا يمكن أن يكون شيئا آخر غير أنه وحي من السماء.. والسرد في القرآن غير ما عرف البشر من الأساليب أنه نص محكم في صياغته ويهتم بالتفاصيل كثيرا ويستخدم الصورة في أرقى تفاصيلها.. وفي القرآن الكريم أحداث التاريخ التي لم يعرفها البشر من قبل، خاصة قصص الأنبياء والرسل، وهي أحداث ذكرها القرآن بأدق تفاصيلها في سيدنا يوسف وإخوته وسيدنا يعقوب وحيرته وسيدنا إبراهيم مع ابنه إسماعيل والسيدة مريم والمسيح عليهم جميعا السلام، والمصطفى عليه الصلاة والسلام، والنموذج الأخلاقي الذي جسده الخالق في شخص آخر الأنبياء بعد رحلة طويلة على كل من سبقوه لتكون قضية الأخلاق آخر ما وصل إليه البشر.. وما بين جماليات لغة القرآن وما رصده من أحداث التاريخ الكبرى يأتي الإعجاز في هذا الكتاب السماوي العظيم الذي جاء هداية ورحمة في سيد الخلق عليه الصلاة والسلام.. كثيرا ما توقفت عند مظاهر الإعجاز في القرآن هل هي لغته المبهرة والمعجزة؟ أم هو التاريخ الذي كان القرآن مصدره الوحيد؟ أم هو هذا الفيض من مشاعر الرهبة والإيمان التي تحتويك وأنت تطوف بين آياته، أم هو الإحساس بأن أبواب السماء قد تفتحت أمامك لتترك الأرض وما عليها وتحلق في سماء هذه المعجزة الإلهية التي حملها رسولنا الكريم للبشر في كل زمان ومكان؟ هناك أشخاص أحبوا القرآن الكريم وسافروا في سوره وآياته ومنهم من لم يكن مسلم العقيدة كما حدث مع جيته وبرناردشو وتولستوى لأن في القرآن سرا من أهم أسراره.. إنه يخاطب الإنسان بكل جوارحه دينا ولغة وإحساسا وإيمانا ويقينا، ولهذا بقي مئات السنين..

الصوم جنة

حكمة الشهر الفضيل تتلاشى مع الزمن، دون أن ننتبه لهذا الخطأ الكبير الذي نرتكبه في حق أنفسنا وفطنت إليه اميرة خواسك في “الوطن”، من سلوكيات ومظاهر تؤثر في المفهوم الحقيقي لممارسة العبادة في رمضان، أولها أن رمضان أصبح مرتبطا ارتباطا وثيقا بعدد هائل من المسلسلات والأعمال الدرامية والفوازير، وفوق كل هذا السيل المنهمر من الإعلانات، وهو ارتباط غريب يشغل الناس وينزع عنهم فكرة التركيز في العبادات وهدوء النفس والتأمل والتعبد، فيتحول الأمر إلى سباق كبير، وأصبحنا ندرك حقيقة ترديد عبارة (سباق المسلسلات)، التي استقرت لتعبر عن حالة المبدعين وحالة الجمهور أيضا الذي يشارك هو أيضا في هذا السباق، ويتنافس الجميع في عدد المسلسلات التي تتم مشاهداتها، وتوقع الأحداث والنقاش حول العمل الأفضل وحول الفنانين وأدائهم، كما اختفت المسلسلات الدينية والتاريخية، التي كانت تقتصر على شهر رمضان ليصبح كل المعروض أعمالا يمكن تقديمها في أي وقت آخر من العام. هذا بالطبع غير برامج المقالب والبرامج الكوميدية والكاميرا الخفية وبرامج المسابقات، حتى البرامج الدينية المرتبطة بالتعريف بأصول الدين والشريعة ليست على المستوى المطلوب، ولم تتطور. وبالتالي تحول الشهر الكريم إلى مهرجان دراما تلفزيونية وبرامج تسلية. أما المظهر الثاني، فهو حالة الجوع والعطش التي تصاحب هذا الشهر، كما لو كنا جوعى طوال العام وجاء رمضان لنلتهم كل ما يمكننا التهامه، ونشترك جميعا في سباق محموم للأكل، ولا مانع من أن تشارك فيه كل القنوات الفضائية والأرضية بتخصيص أوقات ومساحات كبيرة طوال نهار أيام رمضان لعرض برامج كلها عن ابتكار أكلات، وأصناف لا أول لها ولا آخر ولا تحتملها ميزانية أي بيت، ولا تترك مجالا لشيء سوى إثارة الجوع والعطش، ليكون الهدف المرجو في نهاية اليوم هو التهام أكبر قدر من الطعام.

مخافة العطش

إبداعات الطرف الإثيوبي كما رصدها الدكتور مصطفى عبد الرازق في “الوفد” لا تتوقف عن المماطلة والمراوغة وإطالة أمد الأزمة حتى يحقق هدف فرض أمر واقع، ربما لا يملك معه الطرف الآخر – الذي هو القاهرة في الأساس والخرطوم – سوى التسليم بما تم وقبول الحد الأدنى من المعروض عليهم بشأن مستقبل إدارة مياه النيل، التي هي حتى اللحظة مياه دولية عابرة لأكثر من دولة، يجب التنسيق بشأن استغلالها بين الأطراف المختلفة، دون أن تكون في حوزة دولة واحدة هي إثيوبيا في حالتنا تلك. تعجز العبارات والكلمات عن الإتيان بجديد، ولأن الأزمة تطل علينا برأسها بين حين وآخر، أو بالأحرى بين عام وآخر، باعتبار أن فترة الاستعداد للملء والملء ذاته تكون ذروة الحدث، فإن المسألة من الصعب أن تمر مرور الكرام. صحيح أنها تشغل بال الدولة وتتابعها ليل نهار، ونهارا وليلا، خريفا وربيعا، صيفا وشتاء، ولكنها بالنسبة للمواطن المهتم تتخذ الطابع الموسمي. من المؤكد أن الشخص العادي يجد نفسه يضرب أخماسا في أسداس في محاولة فهم ما يجري، وهو معذور في ذلك، باعتبار أن المياه مسألة حياة أو موت. ومن المؤكد أنه رغم ذلك ينام قرير العين باعتبار أن له دولة لا تغفل الأزمة وتضعها نصب عينيها وتبذل ما في وسعها للتوصل إلى حل بشأنها.. ولكن لسان حال الجميع، مواطنا ودولة، يردد في الوقت ذاته أن للصبر حدودا. يمكنك أن تلمس ذلك بسهولة من التصريحات التي أدلى بها سامح شكري منذ أيام خلال لقائه مع نظيره الكيني، فقد أشار شكري بدبلوماسيته المعهودة إلى استمرار المفاوضات حول سد النهضة لحوالي 10 سنوات، في ظل عدم وجود رغبة إثيوبية للتوصل لاتفاق حول سد النهضة، ولسان حاله ربما يريد أن يقول: «لقد زهقنا». تستطيع إذا لم تكن ملما بالقضية أن تدرك أسباب هذا الزهق المفترض، إذا استمعت لوزير الخارجية المخضرم والمحنك، وشرحه للخطوات التي اتخذتها مصر للوصول إلى حل للأزمة.. من كلامه تدرك دون جهد أن مصر سعت لحل المشكلة من خلال جميع الأطراف.. واشتكت لـ«طوب الأرض».. مع أمريكا تحدثنا، ومع أوروبا تكلمنا، ومع الاتحاد الافريقي تفاوضنا، ومع روسيا جلسنا، ومع مجلس الأمن عرضنا.. حاول أن تتخيل شيئا لم تفعله مصر ولن تجد.

ليتها تنتبه

الكلام الذي قاله ناصر كنعاني المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عن اتفاق بلاده مع السعودية المعلن يوم 10 مارس/آذار، هو كلام يحتمل معنيين من وجهة نظر سليمان جودة في “الوفد”.. وكان كنعاني يتحدث إلى وكالة الأنباء الرسمية عن الاتفاق، فقال إنه قد يشكل قوة دافعة إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي، بما يصب في النهاية في صالح المنطقة كلها. ورغم أن كلام الرجل شكله جميل، فإن كلمة واحدة فيه من حرفين، تجعل الذين طالعوا حديثه يعودون إلى مطالعته من جديد ليتبينوا معناه بالضبط. هذه الكلمة هي «قد» التي تفيد الاحتمال في اللغة، ولذلك،

فمجيئها مقترنة بفعل في سياق أي كلام، يظل يفيد أن هذا الفعل يمكن أن يحدث ويمكن العكس. ولأن الإعلان عن الاتفاق كان في 10 من الشهر، فهو لا يزال في مراحله الأولى، والذين ضجوا من توترات المنطقة ومن عدم استقرارها يأملون في أن يكون هذا الاتفاق عند حُسن ظنهم به، ويأملون أيضا في أن يكون الإيرانيون جادين فيه بما يكفي، وأن يدركوا أن نجاحه سيكون في مصلحتهم بالدرجة نفسها، التي سيكون بها في مصلحة بقية الدول في الإقليم. وإذا كانت الصين هي ضامن الاتفاق، وهي التي ترعاه منذ كان فكرة إلى أن تحول لاتفاق مكتوب بين طرفيه، فهي لا بد مهتمة جدا بنجاحه، وحريصة على أن يذهب منذ يومه الأول إلى أهدافه، وراغبة في أن يكون الطرف الإيراني على قدر كلمته وتعهداته والتزاماته. وأنا أخص الطرف الإيراني، لأن الطرف السعودي لن يخل بما يلتزم به، ولأنه يريد من زمان ويدعو إلى سلام يسود بينه وبين إيران، ثم يسود على مستوى أوسع بين الإيرانيين والخليج كله، وعلى مستوى أوسع وأوسع بينهم وبين العرب جميعا في الإجمال. وربما يكون هذا الاتفاق فرصة لا يجوز لإيران أن تضيعها، لأنها إذا ضاعت فلن يكون من السهل تعويضها، ولا حتى الحصول على فرصة أخرى مشابهة لها في المستقبل.

الصين تحاول

عندما أطلقت الصين مبادرتها حول الحرب الأوكرانية، كان الرفض التام هو رد الفعل السريع من جانب الولايات المتحدة الأمريكية وكبار المسؤولين في حلف «الناتو».. وكان الغريب من وجهة نظر جلال عارف في “الأخبار” أن ذلك يحدث في حين استقبلت كل من روسيا وأوكرانيا «المبادرة» الصينية بإيجابية، ووجدت كل من موسكو وكييف في «المبادرة» شيئا في صالحها.. موسكو استراحت من تركيز «المبادرة» على وقف إطلاق النار، وبدء المفاوضات قبل الانسحاب، وكييف رحبت بتأكيد «المبادرة» على احترام استقلالها ورفض أي اعتداء يخالف المواثيق الدولية، واعتبرت ذلك تأكيدا على موقف صيني إيجابي، قد يساعد في الضغط على موسكو لسحب قواتها. ورغم الحملة الغربية على الصين بعد ذلك، واتهامها رسميا من جانب واشنطن بالاستعداد لإرسال أسلحة فتاكة لروسيا، وهو ما نفته الصين تماما، فها هو الرئيس الصيني يزور موسكو و«المبادرة» بند رئيسي في مباحثاته مع الرئيس الروسي، والموقف مختلف بعد النجاح الصيني الكبير في رعاية الاتفاق بين إيران والسعودية لإنهاء سنوات طويلة من الصراع والقطيعة،

ما يرسخ مكانة الصين الجديدة كلاعب رئيسي على الساحة الدولية، ووسيط قادر على استخدام نفوذه لمحاولة حل الصراعات الكبرى. أيضا يبدأ الرئيس الصيني شي جين بينج زيارته المهمة لموسكو التي ستعقبها مباحثات مع الرئيس الأوكراني في اتصال هاتفي في ظل أوضاع عسكرية صعبة على الطرفين المتقاتلين على الأرض الأوكرانية.. فرغم التقدم البطيء للقوات الروسية فإن الطرفين يدركان أنه لن يكون هناك نصر حاسم لأيهما. والطرفان يعانيان من نقص السلاح والذخيرة، ووزير دفاع روسيا يوجه الصناعة العسكرية لمضاعفة الإنتاج، بينما زعماء «الناتو» سيعتمدون على وجه السرعة 2 مليار دولار لشراء ذخائر لأوكرانيا.. ومع ذلك يبدو أن الطرفين غير مستعدين لمعارك الربيع الموعودة، وأن الاستنزاف سيظل سيد الموقف حتى تحين لحظة التفاوض. واشنطون استبقت الزيارة برفض أي حديث جديد عن وقف إطلاق النار قبل الانسحاب الروسي الكامل، لكن الكثيرين من الحلفاء يرون أن وقف إطلاق النار قد يكون مدخلا طبيعيا لإقرار السلام، إذا توافرت الشروط لذلك.. ما يعني أن هناك فرصة حتى لو كانت واشنطن لا تريد نجاحا صينيا جديدا.

أخبار مصر

عربي ودولي

حقوق وحريات