أيمن نور لـ"أخبار الغد" و "الخليج الجديد": «10 اشتراطات واجبة لخوض الانتخابات الرئاسية 2024»

23 مارس, 2023 01:53 مساءً
أخبار الغد

باريس أخبار الغد

كشف الدكتور أيمن نور رئيس اتحاد القوى الوطنية المصرية (المعارض في الخارج) أنه يدرس في الوقت الراهن مع قوى ورموز وطنية -في الداخل والخارج- التوافق على مرشح واحد للمعارضة في الانتخابات الرئاسية المقررة منتصف العام المقبل، منوهًا إلى أن هذه هي المرة الأولى، التي يُطرح مثل هذا الأمر منذ 3 تموز/يوليو 2013 .. ومشيرًا أنه التقى في شهري فبراير ومارس 2023 بعدد من الأسماء المطروحة للترشح في الخارج والداخل من اتجاهات سياسية مختلفة، وأحد الشخصيات الهامة ذات خلفية عسكرية سابقة، وأشار نور في مقابلة خاصة مع أخبار الغد أنه استشعر روحًا وموقفًا إيجابيًا مسئولاً من كل الشخصيات التي التقاها مؤخرًا في الخارج، او التي تواصل معها في الداخل، مؤكدًا أن أحدًا غير مستعد في تكرار مهزلة انتخابات 2014 وانتخابات 2018، والكل يسعى لتغيير حقيقي يطول السياسات والأشخاص معًا

<.. ولم ينفي نور، احتمال ترشحه لهذه الانتخابات الرئاسية إذا ما توافرت ضمانات لجدية العملية الانتخابية حددها بعشرة اشتراطات أوردها على وجه الحصر في حديثه لأخبار الغد.. كما أكد أنه سيلتزم بما تقرره الجماعة الوطنية حال اتخاذ قراره النهائي الذي توقع أن يكون النصف الثاني من العام الجاري 2023، مؤكدًا أنه لا يخشى تبعات أي قرار، فمن لم يخشى مواجهة مبارك لن يخشى مواجهة السيسي، ومن يدخل الغابة لا يخشى حفيف الأشجار

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "أخبار الغد":

ما صحة الأنباء التي أشارت إلى لقاء جمعك مع أحد الشخصيات السعودية في العاصمة الفرنسية باريس؟

لم ألتق أي شخصية رسمية سعودية في السنوات الأخيرة، وما نُشر كان يشير للقاء مع إحدى الشخصيات -غير الرسمية- فقد طرحت بعد انتخابي رئيسا لاتحاد القوى الوطنية المصرية مبادرة لفتح صفحة جديدة بين المعارضة المصرية والخليج، وخاصة السعودية، يحكمها مبدأ عدم التدخل من جانب الطرفين في الشؤون الداخلية في ظل احترامنا وتقديرنا للدور السعودي في المنطقة ومصر تحديدا، وكانت هذه المبادرة هي محور اللقاء الودي ولم تكن في إطار رسمي. لقد شرحنا وجهة نظرنا في هذه المبادرة التي لم تجد للآن استجابة رسمية ملحوظة من الجانب السعودي، بينما نأمل التفاعل معها بإيجابية خلال الفترة المقبلة.

الوضع الاقتصادي

ما هي رؤية المعارضة المصرية في الخارج للوضع الاقتصادي داخل البلاد؟

الحقيقة مصر تعاني من وضع اقتصادي مأزوم بصورة غير مسبوقة يتمثل في زيادة سرطانية في الدين العام المحلي والخارجي، وتكلفة خدمة هذه الديون، ويمكن رصد ملامح الأزمة من خلال مختلفة مؤشرات أبرزها: حركة الجنيه المصري مقابل الدولار حيث تجاوز الدولار 33 جنيها حتى الآن، والأخطر هو نقص المعروض من العملات الأجنبية بما يشي بانخفاضات وشيكة أخرى لسعر الجنيه المصري وفقا لتوقعات بلومبرج و"ستاندر تشارترد"، وHSBC، خاصة مع وصول التضخم لقرابة 40% وعدم تغيير الدخول لغالبية المصريين، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف المعيشة بصورة غير مسبوقة، ومما أدى لزيادة عدد الأكثر فقرا في مصر.

كما أن من بين تلك المؤشرات الخطرة، بيع أصول مصرية استراتيجية هامة لشركات أجنبية (إماراتية في الغالب) دون مراعاة القواعد القانونية في البيع، مما تغيب معه الثقة في عدالة الأسعار، واستخدام هذه الأموال في سد قروض وفوائد دون أن يتم استثمار العوائد في إنعاش دورة الاقتصاد. وهناك ارتفاع مذهل ومتصاعد في أسعار السلع الغذائية منذ كانون الثاني/ يناير الماضي وبأسرع وتيرة مع قدوم شهر رمضان الفضيل.

وأعود للكارثة الأكبر، وهى الديون الخارجية التي تجاوزت 40% من الناتج المحلي الإجمالي حتى تموز/ يوليو 2022، ووصلت تكلفة خدمة الدين الخارجي لمصر قرابة 42 مليار دولار في العام الجاري؛ فمصر ملزمة بسداد 8.32 مليار دولار في حزيران/ يونيو 2023 و بـ11 مليار دولار في النصف الأول من عام 2024، و13.3 مليار دولار في النصف الثاني من العام، والدين الخارجي وصل قرابة 190 مليار دولار بعد أن كان يراوح 40 مليار، وهذه كارثة كبرى وخطيرة للغاية.

وللأسف كل التوقعات تشي بأن النظام لم ولن يتمكن من سداد هذه الديون خلال العام المالي 2023/ 2024، وهو ما يعرّض مصر -لا قدر الله- لإعلان إفلاس نتوقعه ولا نتمناه.

الاستحقاق الرئاسي

مصر مقبلة على استحقاق رئاسي منتصف العام المقبل.. فهل ستتقدم لمنافسة السيسي كما نافست مبارك عام 2005؟

ربما من السابق لأوانه الحديث عن ترشح السيسي من عدمه ومَن سينافسه في السباق الرئاسي القادم، وأنا هنا أتحدث عن المنافسة الحقيقية وليست الصورية التي كانت على غرار انتخابات السيسي 2014 و2018؛ حيث شهدت مصر حينها مهزلة كبرى وليس انتخابات حقيقية.

نعم، هناك حتمية لتغيير حقيقي في مصر يطول الأشخاص والسياسات بعد ما آلت إليه الأوضاع في مصر اقتصاديا وسياسيا داخليا وخارجيا، وأحسب أن الأولى والأهم من الحديث عن أسماء يمكنها خوض الانتخابات الرئاسية القادمة، الحديث عن أمرين، أولهما اتفاق الجماعة الوطنية المصرية على مرشح واحد وفريق مساعد مرافق لهذا المرشح.

والأمر الثاني، يجب أن يكون هناك حد أدنى من الضمانات الدستورية والقانونية والسياسية التي تفي باشتراطات انتخابات عادلة ونزيهة وحقيقية؛ فبغير هذه الاشتراطات لن تكون هناك انتخابات أصلا، ولن تخفى مثل هذه الفضيحة على الداخل والعالم الخارجي الذي بات يدرك أكثر من أي وقت مضى خطورة الأوضاع في مصر سياسيا وحقوقيا واقتصاديا.

لكن ما هو موقفك الأولي من هذه الانتخابات الرئاسية؟

لا أخفيك سرًا، أنا أدرس كل الاحتمالات في الوقت الراهن، ومن بينها عدم ترشح السيسي للانتخابات القادمة، ومن بينها أيضًا ترشحي من عدمه، وهى المرة الأولى التي أفكر فيها بجدية في الأمر منذ 30 حزيران/يونيو 2013، فالأوضاع لم تعد محتملة، وبات التغيير مطلبًا شعبيًا، وكل ما ينبغي التثبت منه هو أننا سنكون أمام انتخابات حقيقية -وليست صورية- وفقًا للمعايير الدولية للانتخابات

ومتى ستحسم قرارك النهائي؟ 

أعتقد خلال الأشهر المقبلة، وقبل نهاية العام الجاري، وذلك بعد دراسة الأمر بشكل جيد ومُعمّق ومستفيض، وبعد استطلاع آراء القوى الوطنية داخل وخارج البلاد.

أيمن نور والانتخابات القادمة

وهل يمكن أن يكون أيمن نور هو مرشح خفي للإخوان أو الإسلام السياسي في الانتخابات القادمة؟ 

هذا احتمال غير وارد، فأنا لن أُقدم على الترشح ممثلاً لفصيل سياسي واحد، حتى ولو كان هذا الفصيل هو التيار الليبرالي، الذي أنتمي إليه .. فضلاً أن قطاعًا مهمًا ورئيسيًا من جماعة الإخوان أعلن -سابقًا- وأكد في الحوار الشعبي المصري 2022 أن الإخوان لن ينافسوا على مقعد الرئاسة -ثانيًا- لإبطال حجج الاستبداد في الانقضاض على السلطة .. وبالطبع لو قررت المشاركة في أي انتخابات عامة سأطلب من كل مصري أن يساند قراري، في إطار حق كل مصري في اختيار من يمثله أو يحكمه بإرادة حرة دون استقطاب أو إقصاء، أو تهميش، وفي إطار بناء شراكة وطنية، قادرة على إنقاذ مصر، مما آلت إليه أوضاعها.

الشروط العشرة للمشاركة في الانتخابات الرئاسية

وما هي أهم الشروط لخوض المعارضة معركة انتخابات الرئاسة 2024؟

لدي شخصيا عشرة شروط أساسية للمشاركة في الانتخابات الرئاسية سواء كمرشح أو مؤيد لمرشح آخر، وهي كالتالي :

قال السيسي في حديث له يوم 13 كانون الثاني/ يناير 2022 أمام مؤتمر الشباب أنه مستعد أن يجري انتخابات رئاسية تحت رقابة دولية وأوربية وأفريقية وعربية، وأنا شخصيا لن أضيف جديدا لما قال، وما ينبغي أن يلتزم به في ظل غياب الثقة داخليا وخارجيا في كل العمليات الانتخابية التي تمت منذ 2012 وإلى الآن؛ فالرقابة الدولية الشاملة هي المطلب الأول، والمقصود بالشاملة أنها ليست مجرد رقابة على الصناديق والفرز، بل رقابة سابقة على هذا لكل مراحل العملية الانتخابية.

تعديل النصوص الدستورية والقانونية لرفع القيود المفصلة التي أدخلها السيسي على دستور 2014 وتعديلات 2019 ليكون حق الترشح مكفول لكل مصري ولإضافة حصانة للمرشحين خلال المعركة الانتخابية منذ بدايتها في ظل اعتقال عدد مَن أبدوا الرغبة في الترشح في انتخابات 2018 وبعضهم مازال رهن هذا الاعتقال للآن، مع تخفيف قيود الترشح على المستقلين ويكون لكل حزب الحق في تقديم مرشح باسمه.

إسناد مهمة إدارة العملية الانتخابية لمفوضية وطنية تتفق السلطة والمعارضة على اختيار أسماء القائمين عليها، وينظم القانون إجراءات للطعن على النتائج أمام جهة قضائية عليا.

توفير ضمانات قانونية تفصيلية للنزاهة والشفافية في كل مراحل العملية الانتخابية، وحق المنظمات الأهلية المصرية في الرقابة، وإثبات الاعتراض على أي مخالفات، والالتزام الكامل بما أشار إليه إعلان العالمي لنزاهة الانتخابات الصادر عن البرلمان الدولي في باريس عام 1994.

الالتزام بالمادة رقم (3) من البروتوكول رقم (1) للاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان، وكل ما تتضمنه من معاني ومفردات لمفهوم انتخابات حرة ونزيهة، وكذلك قواعد العمل التي أصدرتها اللجنة المستقلة لانتخابات جنوب أفريقيا 1994، والتي تنظم ضمانات وحدود عمل المراقبة المحلية المستقلة والمراقبة الدولية بما فيها إطلاع المجتمع الدولي على مدى توافق العملية الانتخابية مع القواعد الدولية، وإسناد مهمة الرقابة الدولية للمؤسسات الدولية المعنية، وللجهات الدولية والمنظمات غير الحكومية المشهود لها بالنزاهة والخبرة في هذا المجال مثل المعهد الدولي الديمقراطي، والمنظمات التابعة للاتحاد الأوربي، وكذلك الاتحاد السويسري، واتحاد الدول الفرنكوفونية، ومعهد كارتر، والبرلمان الأوربي أو أعضاء منه.

فرص متكافئة في الدعاية بين المرشحين في كل وسائل الإعلام، ومنع استخدام الدولة لأموالها وأدواتها لصالح مرشح السلطة أو غيره.

إصدار الأوراق الثبوتية للمصريين بالخارج دون تمييز حتى لا يحرم مصري بالخارج (14 مليون) من حق الترشح والتصويت، وكذلك العودة الآمنة للمنفيين بالخارج بسبب حرمانهم من وثائق السفر.

السماح لجهات الإعلام المحلية والدولية بمتابعة كل مراحل العملية الانتخابية والالتزام بالحياد الكامل وفقا لمواثيق الشرف الإعلامي وما تضعه المفوضية العليا من شروط وضمانات.

فرز الأصوات في اللجان الفرعية والإعلان عن النتائج في كل لجنة بمعرفة القضاة، وإثبات أي ملاحظات للمراقبين المحليين أو الدوليين.

والشرط العاشر والأخير والأهم على الإطلاق هو تهيئة المناخ العام لعملية انتخابية حقيقية، وذلك من خلال الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين، وإصدار عفو عام في قضايا الرأي والقضايا ذات الطبيعة السياسية، ورفع الحجب عن كافة المواقع الصحفية، ورفع الرقابة عن وسائل الإعلام، وإقرار الحق الدستوري في التجمع السلمي والتجمعات الانتخابية بمجرد الإخطار، ووضع ميثاق شرف للدعاية الانتخابية تلتزم به جهات الإعلام والمرشحين فيما بينهم، حماية المرشحين وأنصارهم من أي إجراءات إدارية تعسفية تهدف التأثير على العملية الانتخابية، وهذه هي شروطي العشرة لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة، وآمل الاستجابة لها.

وهل تخشى أمرا ما في حال قررت الترشح بشكل نهائي في مواجهة السيسي؟

أنا لا أخشى قدري المحتوم على الإطلاق سواء قررت الترشح لانتخابات الرئاسة من عدمه، وبالتالي فأنا لا أخشى التشويه بكل صوره، ولا أخاف من التنكيل أو المواجهة، بل إنني لا أخشى الاغتيال. وحقيقة مَن واجه مبارك لا يخشى مواجهة السيسي.

السيسي بين الترشح وتقديم مرشح أخر

هل تتوقع أن هناك احتمال لعدم ترشح السيسي في 2024؟

لا شيء خارج دائرة التوقعات، فكل الاحتمالات واردة ولو بنسب متفاوتة.

هل يمكن أن يطلب الجيش أو غيره من القوى الداخلية أو الخارجية من السيسي الإعلان عن عدم ترشحه وتقديم مرشح أخر للمؤسسة العسكرية؟

أحسب أن الأداء الاقتصادي في الأسابيع والشهور القادمة قد يحمل بعض الأطراف لهذا التوجه جديًا، فلو وصل الدولار لـ 40 جنيه مصري، لابد من إعادة النظر من قِبل مؤسسات الدولة في فكرة استمرار الإدارة الحالية، وكذلك لو وصلنا في 30 يونيو القادم أن مصر للأسف ستتعثر في سداد ديونها المستحقة، لابد من إعادة النظر من قِبل ذات المؤسسات في بقاء رأس النظام في المرحلة القادمة.

طرح محمد أنور السادات أن هناك مفاجأة بوجود أحد المرشحين العسكريين، لم يعلن عن الأسم للآن، لكن التوقعات دارت حول كل من الفريق محمود حجازي رئيس الأركان السابق واللواء أحمد وصفي واللواء مراد موافي، فمن من هؤلاء ترجح؟

أظن أن الصديق العزيز محمد أنور السادات لم يحدد أن المرشح -المفاجأة كما أشرت- عسكريًا بالضرورة، فقد قال "بغض النظر عن خلفيته مدنية أو غير مدنية"

فضلاً أن هذه الأسماء لديها فرص في الترشح، لكن غالبًا حال عدم ترشح السيسي وليس في مواجهته، فمواجهة السيسي تحتاج لمواصفات مختلفة

البديل المدني 

أثناء إجراء هذا الحوار وردت تصريحات هامة للنائب أحمد الطنطاوي حول عودته لمصر يوم 6 مايو 2023 لتقديم بديل مدني، فكيف ترى هذا التصريح، وهل يمكن أن تساند الطنطاوي وهو ذو مرجعية ناصرية؟

أولاً أبدي إعجابي واحترامي وتعاطفي الشديد مع النائب السابق أحمد الطنطاوي، وأرى أن الطنطاوي 2017-2023 يذكرني كثيرًا بتجربتي الشخصية 2000-2005 نيابيًا وسياسيًا، رغم اختلاف المرجعية الحزبية والأيديولوجية كما أشرت في سؤالك.

وأعود لما أعلنه منذ ساعات أحمد الطنطاوي لأؤكد أن النائب السابق تحدث عن المساهمة في توفير "بديل مدني" وهذا أمر أكبر من تقديم شخص بعينه نفسه للترشح، فمصر في ظل أزمتها السياسية والاقتصادية الحالية أكبر من شخص مهما كانت قدراته "كبرت أو صغرت"

لهذا أنا شخصيًا أساند وأدعم كل جهد في إطار السعي لمرحلة مدنية بعد عقود طويلة من الحكم العسكري المباشر وغير المباشر، ولذا وجدت وأجد في كل جهد في اتجاه مدنية مصر هو يضيف ولا يخصم لما نعمل عليه ونضحي من أجله، وفي كل الأحوال مَغرم وليس مَغنم

ولماذا النائب السابق أحمد الطنطاوي وليس مثلاً النائب السابق محمد أنو السادات أو النائب السابق أكمل قرطام أو النائب السابق أيمن نور أو المستشار هشام جنينه أو جميلة إسماعيل رئيس حزب الدستور أو سيد البدوي أو عمرو موسى أو محمد البرادعي وغيرهم؟ وبعضهما أكثر خبرة من الطنطاوي وأكثر قدرة على إشعار الشارع بالاطمئنان لمستقبل تغيير عاقل وآمن؟!

إجابة هذا السؤال الطويل قصيرة جدًا وهى : ولماذا لا تكون كل هذه الأسماء هي الطرف الأخر في معادلة التغيير المطلوب والمستحق؟

ثلاث خطوات لا يمكن تجاهلها

إذن السؤال من يختار من بينهم من يتقدم المسيرة ويخوض المعركة وخلفه الأخرين؟

أعتقد، وأنصح، وأوصي بثلاث خطوات لا يمكن تجاهلهم، والقفز عليهم قد يعرض الغاية النبيلة وهى التغيير لخطر مصدره أنفسنا، وهذه الخطوات التي أنصح بها هي كالآتي :-

أ- اتفاق الجماعة الوطنية وكافة الرموز على ضمانات واشتراطات محددة لخوض الانتخابات الرئاسية (ولدي تصور عرضته سابقًا) ولا يجوز لأحد أن يقبل بشروط وضمانات أقل، فالكل هنا لابد أن يكون له موقف واحد حتى تُغلق ثغرات التلاعب على النظام واللعب على التناقضات

ب- الاتفاق بين مكونات الجماعة الوطنية على مرشح واحد وفريق عمل معه كنواب ومساعدين ومستشارين، وما يتم الاتفاق عليه -ديمقراطيًا- يتم التزام الجميع بعدم مزاحمته، ومساندته، وهناك آليات تُدرس لتنفيذ هذا الاختيار قبل نهاية العام الجاري

جـ- الاتفاق على إدارة مشتركة للمعركة الانتخابية في مارس 2024 تساهم فيها كل أطياف الجماعة الوطنية من أجل تحقيق الفرصة والغاية النبيلة وهى إنقاذ مصر من حالة الاستبداد والفشل، فالمهمة كبيرة وعظيمة، لكنها ليست مستحيلة، إذا توافقت الإرادات وتقلصت الصوالح الخاصة لصالح الوطن ككل

الاتفاق الإيراني- السعودي

على صعيد آخر، كيف تقرأ الاتفاق الإيراني- السعودي خاصة وأنك توقعته وأشرت إليه في تغريدات وفي تصريحات سبقت الإعلان عنه؟

أنا لا أقرأ الطالع، لكن أقرأ الواقع، وهذا يعني أن الواقع كان يشف عن ضرورة مثل هذا الاتفاق لطرفيه، ولأطراف أخرى إقليمية، وأكرر أن هذه المصالحة تطور استراتيجي كبير سيؤرخ لما قبله، وما بعده، ما قبل 10 آذار/ مارس 2023 وما بعده.

ودعوة السعودية للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لزيارة الرياض، سيعقبها الإعلان عن تغيرات عديدة في توجهات البلدين، وفي بعض المناطق والبلدان التي عانت من الصدام -سابقا- بين الطرفين، وفي مقدمتها لبنان واليمن والعراق، وتبقى سوريا رقما صعبا للآن، لكننا أمام اتفاق سيغير المعادلات وموازين القوى في المنطقة، وسيلقي بظلاله على كل القضايا العالقة بالمنطقة، وعلى حالة السلم والأمن الإقليميين، رغم محاولات إقليمية ودولية لإفساد هذا الاتفاق رغم التصريحات الرسمية الإيجابية.

وهل سيسمح الأمريكيين باستمرار هذا المسار؟

لا أملك إجابة قاطعة بالنيابة عنهم، لكني أحيلك إلى كلمة هامة ألقاها منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بريت ماكغورك، يوم 14 شباط/ فبراير 2023، أمام "المجلس الأطلسي" احتفالا بالذكرى السنوية العاشرة لمركز "الحريري" للشرق الأوسط في واشنطن (المجلس الأطلسي)

وقد تحدث الرجل الأكثر تأثيرا في ملف الشرق الأوسط في إدارة "بايدن" عن خمسة مبادئ تمثل عقيدة بايدن في الشرق الأوسط، وفقا للترتيب الذي أورده هي: الشراكات، والردع، والدبلوماسية، والتكامل، والقيم.

وسأنقل لك ما ورد نصا في البند الثاني، وستجد فيه إجابات على السؤال: المبدأ الثاني هو الردع. لن تسمح الولايات المتحدة لقوى أجنبية أو إقليمية بتعريض حرية الملاحة للخطر عبر الممرات المائية في الشرق الأوسط، بما في ذلك مضيق هرمز وباب المندب، ولن تتسامح مع جهود أي بلد للسيطرة على بلد آخر أو المنطقة من خلال بناء التواجد العسكري أو التوغلات أو التهديدات.

ففي العامين الماضيين، تحركت الولايات المتحدة عسكريا ضد تهديدات إيران ووكلائها. لقد عززنا قدرة الردع لشركائنا، وأنشأنا شبكات جديدة ومبتكرة للتوعية بالمجالات البحرية، وفي بعض الأحيان، من خلال التعاون الوثيق، كشفنا وردعنا التهديدات الوشيكة للمنطقة، والتي كان من الممكن أن تُلهب صراعا أوسع بكثير، مثل وقوع صراع في الخليج في نوفمبر الماضي، عندما كانت إيران تستعد لهجوم على المملكة العربية السعودية.

ومن المرجح أن هذا الهجوم لم يحدث بسبب التعاون الأمني الوثيق بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، وهو تعاون مستمر ومتواصل. وفي الشهر الماضي فقط في شرق البحر الأبيض المتوسط، كما يعلم الكثير منكم، أجرينا أكبر مناورة عسكرية مشتركة على الإطلاق في هذا الجزء من العالم، وهو أمر لاحظه خصومنا بالتأكيد. ونحن لا نقوم بذلك بحثا عن الصراع، ولكن أيضا لتحديد الظروف لأجل الردع والاحتواء ولإتاحة الفرصة لنجاح الدبلوماسية.

عشت في لبنان ما بين عامي 2013-2015 وتربطك علاقات ببعض الأحزاب والقيادات السياسية اللبنانية من مختلف الاتجاهات.. فكيف ترى انعكاس هذا الاتفاق على لبنان تحديدا؟

لبنان من أهم النقاط التي طُرحت على مائدة التفاوض في جلسات بغداد التمهيدية ما قبل إعلان 10 آذار/ مارس، وأظن أن لبنان سيسير إلى الحد الأدنى من التسوية المقبولة من معظم الأطراف الرئيسية، وهذا قد يفرض تنازلات في الملف الرئاسي؛ فمع كامل الاحترام لكافة الأسماء التي طُرحت -ما قبل الاتفاق- مثل سليمان فرنجيه قائد الجيش، أو ميشيل معوض، لا بد من الوصول إلى مرشح جديد توافقي، وغير تقليدي، يحترم محاصصة الطائف، ويتجاوز المرشحين التقليديين، ومنطق العناد والمراهنة على الفراغ الذي يعيد هاجس التقسيم؛ فلبنان عامر بالقيادات والنخب المارونية خاصة الأسماء التي تملك القدرة على التعاطي مع الشأن الاقتصادي، وكذلك القدرة على التجانس مع حكومة تضع الملف المالي والاقتصادي على رأس أولوياتها.

مثل مَن يمكن أن يحقق هذه المعادلة الصعبة وتقبله كل الأطراف؟

في حدود معلوماتي هناك أسماء عديدة، مثل مي ريحاني، شبلي الملاط، وجهاد أزعور، وصلاح حنين، وجوزيف عون، وآخرين كُثر. المهم تجاوز فكرة إما "فلان" أو "الفراغ" كما قال سمير جعجع.

وأنا شخصيا كمحب للبنان أتمنى لها رئيسا له مرجعية اقتصادية مثل الملاط أو أزعور أو غيرهما، كما أتمنى أن يترافق انتخاب الرئيس تشكيل حكومة يكون همها الأساسي علاج التدهور الاقتصادي.

وبعيدا عن لبنان، ما هي أهم نتائج الاتفاق من وجهة نظرك وأثرها على موازين القوى في المنطقة؟

أهم النتائج في تقديري هي إعادة الاعتبار للعامل الإقليمي في الأزمات العربية، وإعادة ترتيب القوى الدولية في ظل نظام متعدد الأقطاب تلعب فيه الصين دورا رئيسيا بعد مخاض طويل، وتقوية الوزن الاستراتيجي لطرفي الاتفاق في ظل توجههما لسياسة "صفر مشاكل"، وهو يضعف قوى إقليمية أخرى كانت تتساند على هذه المشاكل لتلقي الدعم الخليجي والسعودي على وجه الخصوص، وإذا كان أهم الرابحون من هذا الاتفاق أربع أطراف رئيسية هي الصين والسعودية وإيران وروسيا؛ فأهم الخاسرون من هذا الاتفاق هم أربعة أيضا: أمريكا، وإسرائيل، ومصر، والإمارات، وربما فرنسا أيضا.

الدور الفرنسي في المنطقة

وهل يتأثر الدور الفرنسي في المنطقة بهذا الاتفاق؟

لا شك أن الدور الفرنسي المرتبك في الشرق الأوسط تلقى ضربة بهذا الاتفاق؛ ففرنسا كانت تتساند على علاقات باتت متوترة مع إيران وحزب الله، وعلاقات باتت باهتة مع العديد من القوى السياسية في لبنان وفي الإقليم بشكل عام، وفرنسا التي كانت وازنة في الخرائط الدولية، تراجع وزنها بشدة بفعل غياب المبادئ وتغليب المصالح المالية الضيقة.

وماذا عن الإطار الخماسي الذي يضم فرنسا وأمريكا والسعودية وقطر ومصر؟

قولا واحدا انتهت صلاحية هذا الإطار بانتهاء وتراجع دور أربعة أطراف من الخمسة وهي: فرنسا وأمريكا ومصر وقطر؛ ففي الوقت الذي كانت اجتماعات بغداد بين إيران والسعودية تضع اللمسات قبل الأخيرة كان الاجتماع الخماسي في باريس يلفظ أنفاسه الأخيرة؛ فماكرون لم يحضر وفوّض الأمر لـ "باتريك دوريل" الذي فشل في إقناع السعودية بسليمان فرينجيه أو سلام

والسفير السعودي وليد البخاري تخلّف عن حضور الاجتماع وأناب عنه مستشار بالسفارة هو فارس العامودي، والذي أثار بوضوح الخلاف الجوهري مع الرؤية الفرنسية، فضلا عن أن قطر فقدت أهمية دورها كوسيط بنقل وجهة نظر إيران في هذا الإطار.

ولقد بدا تحفظ سعودي على الوجود المصري غير المبرر بالنسبة لها لوجود خلافات بينية بين القاهرة والرياض في الفترة الأخيرة.

وهل هناك بديل متصور حال غياب الإطار الخماسي؟ 

نعم لدي معلومات أن الرياض يمكن أن تدعوا لما يشبه الطائف (2) قبل القمة العربية، وبحضور نواب السُنة والشيعة لاستكمال الطائف الأولى، ولحسم الفراغ الرئاسي واختيار رئيس الحكومة، وقد يعقد هذا اللقاء قبل القمة العربية في الرياض، ووارد أن يكون بقطر أو سلطنة عمان

أخبار مصر

عربي ودولي

حقوق وحريات