المصريون والكلاب .. وحكاية «رجول الفراخ»!!

:

حدثني صديقي الحكيم قائلاً: ابناء رجل اعمال شهير ورثوا ثروة طائلة في القرن الماضي، قرروا انشاء مصنع للأحذية الفخمة على تكون كل منتجاته للتصدير، وليس لهم علاقة بالسوق المحلي إطلاقاً.

انشئوا المصنع وبدأ العمل.. المصنع يحتاج حراسة مشددة لحراسة ما بداخله من "معدات وخامات" .. ولان والدهم كان صاحب «خلفية أمنية» قبل «احتراف البيزنس» .. اتفقوا على شراء كلاب حراسة من نوع نادر لحماية المصنع من اللصوص.. واتفقوا مع «كلاف» مهمته رعاية الكلاب وشراء لحوم لها يومياً من النوع الفاخر حتى يحتفظوا بصحتهم للقيام بمهمة حراسة المصنع على أكمل وجه.

مرت شهور والأمور كانت تسير على ما يرام .. الكلاب آمنة وراضية وتؤدي دورها في حراسة المصنع ليل ونهار، «لحد ما الطمع وقلة الضمير أصابوا الكلاف»، واستكثر ما ينعم به الكلاب، حيث بدأ في «سرقة ثمن اللحمة» التي كان يشتريها من «الجزار»، واستبدالها بـ«شراء رجول وعضم الفراخ» للكلاب من «فرارجي».. ولأن الكلاب كانت «متربية على الغالي ومتعوده على العز» .. بعد فترة بدأ يظهر عليها عوامل الضعف والهزل، وتعكر مزاجها وقل أداءها .. وهنا بدأ مسئول الرقابة والحاسبات «المشرف على المصنع» يحقق في موضوع الكلاب .. ولماذا أصبحت هزيلة وشاحبة .. فالكلاب مهمة جداً لحماية المصنع وأموال أصحابه .. والاهتمام بصحتها يحتل مرتبة اولى بالنسبة للقائمين على المصنع لدروها العظيم في حماية المصنع من اللصوص والحرامية .. وبعد تحقيق طويل من جانب المسئول .. اعترف الكلاف بأنه سبب ما حدث للكلاب بسبب سوء التغذية والطمع والجشع .. على الفور قرر المسئول الكبير: 

1- استبعاد «الكلاف» من العمل وتحميله فاتورة ما تم نهبه وسرقته من أموال.. وأنه المسئول الأول والأخير عن سوء حالة الكلاب الصحية وتعريض المصنع للخطر.

2- تعيين «كلاف جديد» تتوفر فيه الأمانة والصدق والسمعة الطيبة والإلتزام برعاية الكلاب وخدمتها على أكمل وجه.

3- التعاقد مباشرة مع جزار لتوريد اللحمة التي يحتاجها الكلاب دون وسيط لمنع سرقة أموال صاحب المصنع ولضمان عدم تلاعب الوسيط وعدم استبدال اللحمة الحمراء الفاخرة بأرجل الفراخ.

4- المساعدة على عودة كفاءة الكلاب في حماية المصنع بقوة وصلابة، والعمل على توديع الكلاب زمن الهزل والكآبة.

ومن بعدها عادت للكلاب صحتها .. وللمصنع انضباطه.. فقد عرف الجميع بأن: «صاحب المصنع الذي لا يتهاون في أكل الكلاب لن يتسامح في إهدار أموال مصنعه ولن يسكت على أي فساد».

اليوم بعد دراسة المعهد القومي للتغذية عن أهمية أكل «رجول الفراخ» بالنسبة للمواطن.. أصبح المصريون ينافسون الكلاب في الحصول على «رجول الفراخ» .. في منافسة غير عادلة فـ«الأغلبية الساحقة من أصحاب الكلاب يملكون المال الوفير بينما الغالبية من الشعب يعيشون تحت خط الفقر».

المظلم والمؤلم .. أن الكلاب «المتربية على الغالي» رفضت أكل «رجول الفراخ» فلماذا وصل المصريون إلى مرحلة أكل «رجول الفراخ» .. في هذا الزمن العجيب؟!!