
هنالك شعورا عميقا بالقلق والإحباط لدى الشارع الأردني بشأن التعليقات الأخيرة التي أدلى بها أحد أعضاء البرلمان الأردني. ادعاءه بأن أولئك الذين لا يعبرون عن حبهم (او يكرهونه ) للملك عبد الله الثاني يفتقرون في وقت واحد إلى حب الله ، وهو أمر مقلق واستفزازي بشكل خاص
حيث لم يتم عبر التاريخ الإسلامي لمده ١٤٤٦ عاما ان تم الربط بين حب أي من عمر بن الخطاب او علي ابن أبي طالب او عثمان بن عفان او معاوية بن أبي سفيان و حب الله، بل لم يتم الربط بين كراهية او حب أبو جهل و امرأته حامله الحطب.
بل عند وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم قال أبو بكر : من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات و من كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. فلماذا يحاول النائب المحترم ان يتم تأليه الملك عبد الله والذي انا متأكد انه لا يحب و لا يقبل تلك المقارنه او المقاربة و القياس فهو عبد من عبيد الله و من سلالة احفاد الرسول ، وما قيل يضره و يلحق به الاذى.
يمكن أن تكون التصريحات الصادمة من هذا النوع داخل قبة البرلمان الاردني مثيرة للانقسام ومثيرة للجدل بشكل كبير خصوصا انها تبني رايها او تنقل راي من أوعز لها دون معلومات حقيقية و عكس قناعات الشعب، و يلحقها تساؤلات المهتمين بالشأن العام ، الباحثة عن إجابات قاطعة لتلك التساؤلات المتزاحمة و المتلاحقة ، من وراء هذه التصريحات من دوائر صنع القرار ( من لا يحب الملك لا يحب الله )
كثيرون يعتقدون انه ليس قرارا فرديا بل هو تجاوز على مجمل الاحداث التي يمر بها الأردن، حيث لا يمكن انكار او إغفال الظروف المرتبطة للإطاحة بالإخوان المسلميين برمتها وهو ما عبر عن بعض قليل من نواب للإطاحة بنفوذ الجماعات الإسلامية التي لم تعد تلتقي مع اجندة البيت الأبيض وواشنطن، وما هي طبيعة النتيجة التي خلقت صراعات خاصة عندما تتقاطع مع المعتقدات المتأصلة والمشاعر الوطنية الدقيقة للسكان الأردنيين.
هنا اود ان أقول للنائب المحترم و من يشد علي يده “لقد فشلتم فشلا ذريعا” ، و انتم بعيدون كل البعد عن الشأن السياسي الوطني ، و لم تخدموا الملك عبد الله الثاني ،و غامرتم دون حساب بين المنطق العشوائي و منطق السذاجة دون تفكير و بجهالة في القانون و الدستور الأردني.
عموما، من خلال رسم علاقة مباشرة بين الولاء للزعيم السياسي والتفاني الروحي للملك عبد الل الثاني ، يخاطر البرلماني بإبعاد شرائح المجتمع وخنق الحوار البناء. يمكن تفسير هذا النوع من الخطابة على أنه جهد لقمع المعارضة الإسلامية والتلاعب بالمشاعر العامة لتحقيق مكاسب سياسية
ناهيك عن كون انه تبعه نفر قليل من النواب بتحريض مسموم لسحب جنسيات و مصادرة أموال وتجريم الإخوان و اعتبارهم تنظيم ارهابي ..إلخ ، علاوة على ذلك، قد يعكس توترات مجتمعية أوسع، لا سيما فيما يتعلق بدور الإخوان المسلمين وتأثيرهم داخل النسيج السياسي المعقد للأردن.
في أمة تتميز وديناميكياتها الإسلامية والاجتماعية وبالإضافة الي الدينية المتنوعة، من الأهمية بمكان أن يتواصل القادة بإحساس بالمسؤولية والحكمة، واقصد الملك عبد الله الثاني.
إن الانخراط في خطاب مدروس ومحترم يبادر الى القاؤه الملك قبا ان تتفاعل الأزمة ، يمكن أن يمهد الطريق للوحدة والتفاهم بين المواطنين، في حين أن الملاحظات التحريضية من نائب موجه او غير واع لما يردد ولا يمثل رأى من انتخبه و لا أقول رأى الشارع المعروف مسبقا قد تعمل فقط على تعميق الانقسامات القائمة وخلق جو زائد عما هو متفق عليه من عدم الثقة بأداء بعض من أعضاء مجلسي النواب والاعيان معا.
هنالك أفكار متداولة حول العواقب المحتملة لمثل هذه التصريحات على الخطاب العام، منها ان تلك السياسة معول هدم في المجتمع ومحاوله لتجهيل مجتمع يرزح تحت وطأه غياب الشفافية وتقليص الحريات ، وهذا يمكن أن يؤثر على العلاقة بين الحكومة ومواطنيها للمضي قدما و يزيد التناحر والبغضاء والاحتقان و قد يمتد ليصل الي الملك نفسه.
يلعب الخطاب السياسي للنواب في العادة دورا حاسما في تشكيل الرأي العام بطرق مختلفة وفيما يلي بعض الطرق الرئيسية التي يحدث من خلالها هذا التأثير:
١. خطاء تأطير القضايا: غالبا ما يؤطر السياسيون القضايا بطرق معينة لتسليط الضوء على جوانب معينة مع التقليل من شأن الآخرين من خلال اختيار لغة وروايات محددة بغرض يعتقدون انه يمكنهم تشكيل كيفية إدراك الجمهور للموقف، وتوجيه الآراء نحو النتيجة المرجوة.
٢. النداء العاطفي: يمكن أن يؤثر الخطاب الذي يثير مشاعر قوية – مثل الخوف أو الأمل أو الغضب – بشكل كبير على المشاعر العامة. غالبا ما يستخدم السياسيون لغة مشحونة عاطفيا للتواصل مع جمهورهم على المستوى الشخصي، مما قد يؤدي إلى زيادة الدعم أو المعارضة بعكس من يشتم و يهين و يستخدم مواربات و مقارنات في غير محلها و ادعاءات كاذبة.
٣.التكرار والرسائل: يمكن أن يعزز التعرض المتكرر لعبارات أو شعارات أو أفكار معينة المعتقدات والمواقف. عندما ينقل السياسيون باستمرار رسائل معينة، يمكن أن تصبح هذه الأفكار متأصلة في الوعي العام، مما يجعلها أكثر عرضة للتأثير على الآراء و لكن يفترض ان تكون رسائل صادقه واقعيه و حقيقية.
٤.الاستقطاب وسياسة الهوية: يمكن للبلابلة التي تتحرك بالهاتف لتؤكد على الانقسام أو عقلية “نحن ضدهم” أن تستقطب جزأ بسيطا من الرأي العام من خلال مناشدة الهويات الجماعية – مثل الجنسية أو الدين أو الأيديولوجية – يمكن للسياسيين حشد قاعدتهم مع تنفير الجماعات المتعارضة، و كلن قاعدتهم لا تمثل شيئا من المجتمع الواعي لهذا الهراء.
٥.السلطة والمصداقية: يمكن أن تؤثر المصداقية المتصورة للمتحدث بشكل كبير على كيفية استقبال خطابه، فقط المصداقية و الحق دون ابتذال او ادعاءات . عندما يدلي القادة أو الخبراء المحترمون ببيانات، قد تحمل كلماتهم وزنا أكبر، مما يدفع الجمهور إلى تبني وجهات نظرهم بسهولة أكبر.
٦.استخدام الرموز والاستعارات: غالبا ما يستخدم الخطاب السياسي الرموز والاستعارات لنقل الأفكار المعقدة بطريقة أكثر صلة. تساعد هذه الأجهزة في تبسيط المشكلات وجعلها أكثر سهولة لعامة الناس، وبالتالي التأثير على الآراء.
٧.الاستجابة للأحداث الجارية: غالبا ما يشكل السياسيون خطابهم استجابة للأحداث الجارية، باستخدام لغة في الوقت المناسب يتردد صداها مع المخاوف الفورية للجمهور، بعيدا عن اختلاق روايات غير صحيحة و قصص من نسج خيالهم. يمكن أن تخلق هذه الاستجابة صلة قوية بين القادة السياسيين والسكان، مما يؤازر الآراء خلال اللحظات الحرجة.
٨.تضخيم وسائل التواصل الاجتماعي: في العصر الرقمي، يمكن أن ينتشر الخطاب السياسي بسرعة من خلال منصات التواصل الاجتماعي، ويصل إلى جماهير أوسع ويؤثر على الرأي العام على الفور تقريبا. يمكن للطبيعة الفيروسية للمحتوى عبر الإنترنت أن تضخم تأثير الرسائل السياسية لذا يجب توخي الحذر و امانة النقل.
بشكل عام، الخطاب السياسي هو أداة قوية يمكنها تشكيل التصورات العامة أو حشد الدعم أو التحريض على المعارضة لكن دون تجني وبسعة صدر ومصداقية و احترام الراى و الراى الاخر مهما كان أغلبية او فئه صغيرة او حتى رأيا فرديا.
غالبا ما تعتمد فعالية الخطاب السياسي على السياق الذي يتم فيه تقديمه دون نفاق و دون كذب وخداع وغدر وتبرير متدني والاستراتيجيات التي يستخدمها القادة السياسيون و اقصد هنا النواب و الاعيان ومن هم في مراكز المسؤولية.
نحن بحاجة الي الحقيقة و ليس فن “توليد حقيقة من بلاغة الكاذب والكذب والخديعة المتواصلة وقلب الحقائق بمساعده اعلام مجند”، هكذا يضبط الخطاب السياسي في الأردن الذي نحب و نفتدي
وهكذا يرتقي الوطن سواء احب الشعب الملك او كرهه بمنطوق الكلام فهذا الحب ليس مرتبطا بالوطن ولا بالله سبحانه و تعالى، فنحن جميعا مؤمنون بالوطن الأردني وضد سلسلة “أكاذيب من يدعون و يحتكرون الوطنية لهم”.
اخشي في هذا الهرج ان يأتي مناديا ان تصبح الملكة رانيا حفظها الله هي “ام المؤمنين ” و بالمناسبة هذا ليس مستبعدا مع ما نراه من حاله تراجع و انهيار في المبادي و الاخلاقيات السياسية لدي فئة قليلة.