مصرملفات وتقارير

كارثة غذائية تضرب بلبن: إغلاق جماعي وتحذيرات رسمية من تسمم واسع

أشعل قرار إغلاق فروع “بلبن” للحلويات الجدل بين المواطنين والجهات الرقابية، وسط موجة من الغضب والخوف من مخاطر صحية تهدد آلاف المستهلكين. التحقيق التالي يكشف بالأرقام والآراء الصادمة تفاصيل كارثية عن فساد غذائي صادم وتراخي رقابي مزمن.

إغلاق مفاجئ يهز الأسواق المصرية

أكد المهندس عادل النجار، محافظ الجيزة، أن قرار غلق فروع بلبن في ستة أحياء من المحافظة جاء بناءً على تقرير رسمي من مديرية الشؤون الصحية وإدارة مراقبة الأغذية، بعدما تبين أن المحلات تعمل دون تراخيص وتفتقر لأدنى معايير السلامة الغذائية.

وأشار إلى أن عدد الفروع المغلقة بلغ 6 فروع رئيسية، بينها فرع مدينة الشيخ زايد، العجوزة، والعمرانية، بعدما تلقت المحافظة بلاغًا يفيد بإصابة 3 مواطنين بأعراض تسمم حادة.

سحب عينات تكشف الحقيقة الصادمة

أوضحت الهيئة القومية لسلامة الغذاء في بيانها أن فرق التفتيش سحبت عينات من 47 منشأة غذائية في أبريل 2025، وتبين من التحاليل وجود بكتيريا ممرضة خطيرة، إضافة إلى ألوان صناعية محظورة وتخزين عشوائي.

محافظ الغربية يتوعد المخالفين

أعلن اللواء أشرف الجندي، محافظ الغربية، غلق 5 فروع أخرى من بلبن ومحلات كنافة وبسبوسة بعد أن رصدت الجهات المختصة مخالفات كارثية تهدد حياة المواطنين، مؤكدًا أن صحة المواطن “خط أحمر”.

مواطنون في صدمة: “مش هنأكل من بره تاني”

أعرب المواطن طارق عادل عن صدمته قائلاً: “أوضحت نتائج التحاليل إن المنتجات فيها بكتيريا قاتلة، ومفيش رقابة حقيقية! إحنا بنأكل سموم من غير ما نعرف، وده معناه إن مفيش أمان حتى في أكلنا!”

وأكدت منى عبدالغني، موظفة، أن الحادثة سببت لها ذعراً شديداً، قائلة: “بعد اللي سمعناه عن حالات التسمم، مستحيل أشتري من محلات زي دي تاني. ابني كان هايموت بعد ما أكل من عندهم.”

مختصون: فساد غذائي على نطاق واسع

شدد الدكتور هشام بدوي، خبير في سلامة الغذاء، على أن وجود بكتيريا مثل السالمونيلا في الحلويات يُعد من أخطر الملوثات، مؤكدًا أن تأثيرها قد يصل إلى الوفاة إذا لم يتم علاجها سريعًا.

وأفاد الدكتور هاني ممدوح، أستاذ الرقابة الصحية، أن استخدام ألوان غذائية محظورة قد يؤدي إلى تدمير الكبد والكلى، محذرًا من أن هذه الألوان تُمنع دوليًا لما تسببه من أمراض مزمنة.

سلاسل أخرى تحت المجهر

أوضح مصدر مسؤول في هيئة سلامة الغذاء أن الحملة لم تقتصر على بلبن فقط، بل شملت سلاسل شهيرة مثل كرم الشام وعم شلتت، حيث تم ضبط مخالفات في طرق التخزين والبيع في أكثر من 20 منشأة.

حالات تسمم تضرب الجيزة

أشار أحمد بسيوني، من سكان إمبابة، إلى أنه أُصيب بالغثيان بعد تناول حلوى من بلبن، موضحًا: “فجأة حسّيت بمغص قوي، وروحت المستشفى وطلع إن عندي تسمم غذائي.. والسبب قطعة بسبوسة!”

وأكدت هالة مصطفى، ربة منزل من العجوزة: “بنتي الصغيرة دخلت الطوارئ بعد ما أكلت بودينج. الدكتور قال في ميكروب خطير في المعدة، وده بعد أقل من ساعة من الأكل.”

الشركة ترد: إجراءات تنظيمية فقط

نفت إدارة شركة بلبن في بيانها الرسمي وجود أي حالات تسمم، مشيرة إلى أن الإغلاق لأسباب إدارية بحتة. إلا أن هذه التصريحات قوبلت بسخرية وغضب شعبي.

أكد سامح البكري، أحد المتضررين: “قالوا مفيش تسمم؟ أنا ابني لسه خارج من المستشفى بعد أسبوع علاج، وبالتحاليل أكدوا التسمم. هما بيكذبوا علشان يحافظوا على صورتهم بس.”

تضارب الروايات يزيد الغموض

أكدت نجلاء فؤاد، ناشطة حقوقية في شؤون المستهلك، أن التناقض بين تصريحات الجهات الرسمية وبين الشركة يفتح الباب للتساؤلات: “هل الشركات فوق المحاسبة؟ ولماذا لا تُنشر نتائج التحاليل على العلن؟”

وأوضح علاء عبدالرحمن، باحث في الشأن الغذائي، أن غياب الشفافية حول نتائج الفحوصات يزيد من أزمة الثقة بين المواطن والحكومة.

عواقب قانونية قاسية تنتظر المتورطين

شدد المحامي إيهاب خليل على أن بيع أغذية فاسدة يُعد جريمة تصل عقوبتها إلى السجن وغرامات ضخمة، موضحًا أن القانون المصري يُلزم كل منشأة غذائية بالحصول على ترخيص صحي وتجديده دورياً.

وأكدت منال فهمي، خبيرة قانونية، أن أي حالة وفاة بسبب التسمم تُعامل كقضية جنائية كاملة، مضيفة أن النيابة قد تتحرك جنائيًا في حال استمرار البلاغات.

مختصون يطالبون بتشديد الرقابة

أوضح الدكتور أحمد أبوزيد، أستاذ الصحة العامة، أن الأزمة كشفت هشاشة النظام الرقابي، مؤكدًا ضرورة رفع عدد المفتشين الميدانيين وتزويدهم بأدوات حديثة للكشف عن المخالفات.

وأكدت الدكتورة ميادة إسماعيل، خبيرة التغذية، أن الحلويات تعد من أكثر الأغذية حساسية، وتتطلب بيئة نظيفة تماماً من التلوث، وهذا ما لم يكن متوفراً.

ماذا بعد إغلاق الفروع؟

أشار الخبير الاقتصادي خالد عبدالسميع إلى أن مثل هذه الفضائح تؤثر مباشرة على ثقة المستهلك، مما يُضعف الاقتصاد المحلي ويزيد من حجم الاستيراد.

وأكدت رحاب عبدالعزيز، محللة اقتصادية، أن الأزمة قد تُفقد مصر ثقة السياح والمستثمرين في قطاع الأغذية، في حال لم يتم اتخاذ إجراءات شفافة وعاجلة.

حملات مستمرة بلا توقف

نوهت الهيئة القومية لسلامة الغذاء إلى أن حملاتها التفتيشية ستستمر خلال الأشهر المقبلة دون تهاون، داعية المواطنين إلى الإبلاغ عن أي مخالفات عبر البوابة الإلكترونية لمنظومة الشكاوى الحكومية أو الخط الساخن لحماية المستهلك.

فضيحة بلبن كشفت الوجه المظلم لصناعة الأغذية في مصر، وسلطت الضوء على إهمال قاتل قد يدفع ثمنه الأبرياء. وحتى تعود الثقة، لا بد من رقابة صارمة، شفافية تامة، وقانون لا يرحم من يعبث بصحة الناس.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى