“هيومن رايتس ووتش” تدعو تونس للإفراج الفوري عن المحتجزين تعسفياً لأسباب سياسية

طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية، الأربعاء، السلطات التونسية بالإفراج الفوري عن 50 شخصاً يحتجزون تعسفياً بسبب ممارستهم لحقوقهم أو لأسباب سياسية. يأتي هذا الطلب في سياق تقرير جديد للمنظمة تحت عنوان “تونس: الاحتجاز التعسفي يسحق المعارضة”، مشيراً إلى المخاوف بشأن وضع حقوق الإنسان في البلاد.
وفي الوقت الذي أكدت فيه السلطات التونسية في مناسبات سابقة أن جميع الموقوفين يواجهون تهمًا جنائية تتعلق بأمن الدولة، مثل “التآمر على أمن الدولة” أو “الفساد”، نفت وجود محتجزين لأسباب سياسية. ومع ذلك، أظهرت الأرقام التي نشرتها “هيومن رايتس ووتش” حتى يناير/كانون الثاني الماضي أن الاحتجاز التعسفي قد تحول إلى ممارسة شائعة في ظل الظروف الحالية.
تسعى “هيومن رايتس ووتش” من خلال هذا التقرير إلى تسليط الضوء على تدهور الحقوق المدنية والسياسية في تونس، ودعت المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف أقوى تجاه هذه المسألة. لا يزال الوضع يتطلب انتباهاً عاجلاً، نظرًا لتزايد القلق حول حرية التعبير والاحتجاج في البلاد.
“يجب على السلطات التونسية أن تتخذ خطوات عاجلة لإنهاء الاحتجاز التعسفي واحترام حقوق جميع المواطنين”، بحسب ما قاله أحد الباحثين في المنظمة. “لا يمكن أن يكون هناك استقرار حقيقي أو ديمقراطية من دون حرية التعبير والحقوق الأساسية”.
لكن السلطات أكدت في مناسبات سابقا أن جميع الموقوفين في البلاد يُحاكمون بتهم جنائية تتعلق بأمن الدولة، مثل “التآمر على أمن الدولة” أو “الفساد”، ونفت وجود محتجزين لأسباب سياسية.
كما شددت على أن القضاء مستقل، وأن الإجراءات القانونية تُتخذ وفقا للقانون وبدون تدخل سياسي.
وقالت “هيومن رايتس ووتش” في تقريرها: “على السلطات التونسية الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين تعسفيا، والتوقف عن ملاحقة الأشخاص بسبب ممارستهم لحقوقهم الإنسانية”، على حد تعبيرها.
ودعت “شركاء تونس الدوليين لأن يحثوا الحكومة على إنهاء” ما وصفته بـ”حملتها القمعية”.
كما دعت المنظمة “الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء لمراجعة أي تعاون مع تونس لضمان ربطه بالامتثال للالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان”.
ووفق التقرير، “سجنت السلطات خصوم (الرئيس قيس) سعيّد السياسيين البارزين وشخصيات معارضة بارزة، بمن فيهم عبير موسى، رئيسة الحزب الدستوري الحرّ، وراشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة المعارضة ورئيس البرلمان السابق”.
وتابع: “ومن بين الأشخاص البارزين الذين تم اعتقالهم لانتقادهم العلني للسلطات سنية الدهماني، وهي محامية، ومحمد بوغلاب، وهو صحفي”.
وكان بوغلاب، حوكم بالسجن لـ8 أشهر في قضية “تشهير بموظفة رسمية” خلال حديث في برنامج إعلامي، وتم الإفراج عنه في فبراير/ شباط الماضي، بعد إتمام محكوميته.
أما الغنوشي، فأوقفه الأمن في 17 أبريل/ نيسان 2023، بعد مداهمة منزله، قبل أن تأمر المحكمة الابتدائية بإيداعه السجن في قضية تتعلق باتهامه بـ”التحريض على أمن الدولة عبر تصريحات منسوبة له”.
ويتابع الغنوشي، في عدة قضايا آخرها، منها قضية “انستالينغو” (شركة إنتاج إعلامي) صدر فيها حكم ابتدائي قابل للطعن بحقه بالسجن لـ22 سنة.
وبالنسبة لعبير موسى، فصدر بحقها مذكرة توقيف في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بعد توجهها إلى مكتب الاستقبال الرئاسي لتقديم طعن على مرسوم صادر عن الرئيس سعيد، يدعو الناخبين إلى انتخابات محلية في 24 ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه.
وتواجه موسى، تهما تتعلق بـ”إحداث البلبلة، وتعطيل حرية العمل، ومعالجة معطيات شخصية دون موافقة صاحبها”.
ويتهم سعيد، سياسيين بـ”التآمر على أمن الدولة والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار”، بينما تقول المعارضة إنه يستخدم القضاء لملاحقة الرافضين لإجراءاته الاستثنائية.
وفي 25 يوليو/ تموز 2021، بدأ سعيد، فرض إجراءات استثنائية شملت حل مجلسي القضاء والنواب، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات “انقلابا على الدستور وترسيخا لحكم فردي مطلق”، بينما تراها قوى أخرى “تصحيحا لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي (1987-2012).