حقوق وحرياتملفات وتقارير

5 ملايين مالك مهددون بالإفلاس بسبب الإيجارات القديمة رغم حكم الدستورية

أوضح عدد من الملاك في مصر أن بقاء قانون الإيجارات القديمة لعقود طويلة تسبب في كارثة اقتصادية واجتماعية مزمنة تهددهم بالإفلاس والتشرد. وبعد حكم الدستورية العليا، يأملون أخيرًا في استرداد حقوقهم المسلوبة منذ أكثر من 60 عامًا.

الخراب الصامت: قانون أهدر أموال الملايين

أكد رفعت مصطفى، مالك عقار بمنطقة حدائق القبة، أن القانون القديم للإيجارات حوّل حياته إلى جحيم حقيقي. وقال:

“أمتلك ثلاث شقق مؤجرة منذ عام 1971، بقيمة إيجارية 7 جنيهات فقط للوحدة. لا أستطيع صيانتها أو حتى الحصول على ثمن القهوة من دخلها، بينما المستأجرون يملكون سيارات حديثة وأولادهم في الجامعات الخاصة. هذا ليس عدلًا. كيف يُعقل أن تستمر العلاقة الإيجارية إلى الأبد رغم تغير الزمن؟”

حكم الدستورية .. الأمل الوحيد لإنقاذ أصحاب الأملاك

أشار سعيد عبد التواب، مالك لعقار بوسط البلد، إلى أن حكم المحكمة الدستورية في نوفمبر 2024 كان بارقة أمل طال انتظارها. وقال:

“لقد أنصفنا القضاء بعدما سُلبت حقوقنا طيلة 43 عامًا. لدينا عقارات متهالكة لا نستطيع تجديدها أو التصرف فيها، بينما المستأجر يدفع 12 جنيهًا فقط. متى تنتهي هذه المهزلة؟ نطالب بتنفيذ الحكم فورًا دون تأخير ولا حاجة لقوانين بديلة تعيدنا لنقطة الصفر”.

أكثر من 3 ملايين شقة محتجزة دون وجه حق

أوضح المهندس مدحت صادق، خبير إدارة الأملاك، أن عدد الوحدات السكنية المؤجرة بالقانون القديم يقدّر بأكثر من 3 ملايين وحدة، منها ما يزيد عن 1.2 مليون في القاهرة الكبرى فقط، وأكد:

“هذه الوحدات تحت سيطرة مستأجرين يرفضون الخروج، وبعضهم ورّث الشقة لأحفاده، في مخالفة صارخة لكل منطق. المالك فقد السيطرة على ملكه، وهذا يتنافى مع نص الدستور في حماية الملكية الخاصة. يجب أن يتم إخلاء هذه العقارات فورًا”.

الملاك: ندفع ضرائب ونُحرم من حقنا

أكدت عزيزة محمد، أرملة ومالكة لعقار في الإسكندرية، أنها تدفع سنويًا أكثر من 4000 جنيه ضرائب عقارية، بينما لا تتقاضى سوى 40 جنيهًا شهريًا كإيجار. وأضافت:

“أين العدل؟ هذه أملاك خاصة، أمتلك مستنداتها ومسجلة في الشهر العقاري. أعيش بالكاد، ولا أستطيع حتى دفع فواتير الكهرباء. والمستأجر رافض الخروج، ويهددني بالشكاوى كلما طالبت بحقي. أليس هذا استعبادًا مدنيًا؟”

القانون القديم أغلق سوق العقارات وجمّد الاستثمار

أوضح الدكتور عبد الحكيم إسماعيل، أستاذ التمويل العقاري، أن استمرار العمل بنظام الإيجارات القديمة أثّر سلبًا على سوق العقارات في مصر، قائلاً:

“ما يقرب من 15٪ من الوحدات العقارية في المدن الكبرى خارج السوق نهائيًا، لعدم قدرة الملاك على بيعها أو تأجيرها بقيم عادلة. هذا يشل حركة الاستثمار ويضر بالاقتصاد القومي. نحتاج إلى تحرير سوق الإيجار فورًا، وإطلاقه من قيود تعود إلى خمسينيات القرن الماضي”.

المستأجرون يحتكرون وحدات لا يملكونها

أشار فتحي عبد المقصود، مالك عمارة في حي مصر الجديدة، إلى أن أحد المستأجرين يملك فيلا فاخرة في التجمع الخامس، لكنه يرفض التخلي عن شقة إيجار قديم بقيمة 18 جنيهًا. وقال:

“هذا عبث بكل المقاييس. كيف يُعقل أن يتمتع من لا يملك بأي صلاحية قانونية تفوق صلاحية المالك؟ كيف أُمنع من استرداد حقي؟ المالك في مصر أقل حقوقًا من المستأجر”.

الورثة يتحكمون في أملاك ليست لهم

أوضح حسني عبد القادر، محاسب قانوني، أن من أكبر مشكلات القانون القديم أنه يورّث العلاقة الإيجارية، قائلاً:

“توفى المستأجر الأصلي منذ 1992، والآن حفيده هو من يسكن الشقة. العلاقة الإيجارية لا يجوز أن تستمر لأحفاد لا صلة قانونية لهم بالمستأجر الأصلي. هذا انتهاك صارخ للعقد وقوانين الميراث والملكية”.

الإيجارات القديمة تضر خزينة الدولة

أشار الخبير الضريبي عبد الله الحسيني إلى أن خسائر الدولة من استمرار الإيجارات القديمة تُقدّر بأكثر من 4.5 مليار جنيه سنويًا. وأوضح:

“الدولة تخسر ضرائب عقارية وإيرادات محتملة بسبب تأجير وحدات بأسعار رمزية. كما أن الملاك لا يستطيعون بيع أو تطوير ممتلكاتهم، ما يحرم الدولة من رسوم بيع وتسجيل وضرائب نشاط”.

المستأجر أصبح مالكًا بحكم الأمر الواقع

أكد إبراهيم محروس، مالك عقار في محافظة المنوفية، أن المستأجرين في كثير من الأحيان يرفضون حتى دخول المالك إلى العقار. وقال:

“ذهبت لأُجري صيانة للبوابة، فرفض المستأجرون دخولي. أنا المالك، ومسجل العقار باسمي منذ 1965. كيف تحول المستأجر إلى مالك ومالك إلى ضيف غير مرغوب فيه؟”

دعوات للإخلاء الفوري دون تشريعات بديلة

أوضح مصطفى السعيد، أحد أعضاء اتحاد ملاك مصر، أن إصدار تشريعات بديلة سيفتح باب المماطلة مجددًا. وأضاف:

“المحكمة الدستورية أصدرت الحكم. لا حاجة لقوانين جديدة تُستخدم كأداة لتجميد الحكم. يجب تفعيل القرار فورًا، والسماح للملاك باسترداد أملاكهم أو رفع القيمة الإيجارية فورًا بما يتماشى مع الأسعار الحالية”.

صناديق سيادية وحكومية تبدأ الطرد فعليًا

أكد رمضان عبد الظاهر، موظف سابق بوزارة الأوقاف ومالك وحدة مستأجرة للصندوق السيادي، أن بعض الجهات الحكومية بدأت بالفعل تنفيذ حكم الإخلاء. وقال:

“الصندوق السيادي يسير بخطى ثابتة لاسترداد وحداته. فلماذا لا يُمنح الملاك العاديون نفس الحق؟ الدولة بدأت بالفعل باسترداد ما هو لها، ونحن كمواطنين نطالب فقط بتطبيق المساواة واستعادة أملاكنا”.

العقار ينهار .. ولا نجرؤ على الترميم

أوضح سمير عبد الغني، مالك عقار قديم بشارع رمسيس، أن قانون الإيجارات القديمة يمنع المالك من رفع القيمة الإيجارية حتى في حالات الترميم. وأضاف:

“الشقة تدر 9 جنيهات فقط شهريًا، ولا تكفي حتى لترميم ماسورة مياه. العقار مهدد بالانهيار، والمسؤولية القانونية تقع عليّ. أليس هذا إجبارًا على المخالفة؟ أليس هذا عبثًا بالقانون والمنطق؟”

حلول عاجلة لحماية الملاك من الانهيار المالي

أشار الخبير العقاري الدكتور أيمن شوقي إلى ضرورة الإسراع في تنفيذ حكم المحكمة، وإعادة تسعير الإيجارات القديمة، قائلًا:

“الحل بسيط: إما استرداد الوحدة، أو رفع الإيجار إلى 80٪ من متوسط السعر السائد. لا يمكن استمرار الظلم. يجب تطبيق العدالة قبل أن ينهار الملاك اقتصاديًا”.

أوضح الملاك أن معركتهم لاسترداد حقوقهم المشروعة في أملاكهم لم تعد تحتمل التسويف، فالإيجارات القديمة تمثل جريمة اقتصادية مستمرة،

تهدر الحقوق وتنسف الاستقرار المالي لعائلات بأكملها. هم لا يطالبون بأكثر من العدل، والعدل هنا يبدأ بإخلاء العقارات فورًا.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى