مصر

مصر ترفع مشترياتها من القمح مجددًا بعد تقليصها بسبب الغلاء العالمي

أعلنت مصادر مطلعة استئناف مصر استيراد القمح من الأسواق العالمية مجددًا بعدما خفضت وارداتها في وقت سابق من هذا العام نتيجة الارتفاع الكبير في الأسعار الدولية والتقلبات الاقتصادية التي أثرت على السوق المحلي

أوضحت البيانات أن مصر وضعت سقفًا جديدًا لسعر شراء القمح ضمن موازنتها للعام المالي المقبل وحددته عند 280 دولارًا للطن مقارنة بالسقف المعتمد خلال العام المالي الجاري والذي بلغ 300 دولار للطن في خطوة تستهدف خفض التكاليف وتحقيق التوازن بين الاحتياجات المحلية والضغوط المالية الناتجة عن تقلبات السوق العالمي

أفادت الإحصاءات أن الحكومة المصرية خفضت سقف الشراء عدة مرات منذ اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية في نهاية فبراير عام 2022 حيث تجاوز سعر طن القمح الأميركي آنذاك 450 دولارًا ومع اشتداد التوترات في أوروبا رفعت الحكومة سقف الشراء إلى 424 دولارًا للطن خلال العام المالي 2022-2023 مقارنة بالسقف الأولي البالغ 330 دولارًا ثم تم تخفيضه إلى 300 دولار في العام الجاري وأخيرًا تقرر تعديله إلى 280 دولارًا للعام المالي المقبل

صرحت الجهات المعنية أن سعر توريد القمح المحلي هذا الموسم بلغ 2200 جنيه للإردب الواحد الذي يعادل 150 كيلوجرامًا بزيادة قيمتها 200 جنيه عن الموسم السابق ويهدف هذا الإجراء إلى دعم المزارعين وتشجيعهم على زيادة الإنتاج المحلي بما يضمن تقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية

سجلت واردات مصر من القمح في الربع الأول من عام 2025 انخفاضًا بنسبة 3% على أساس سنوي لتصل إلى 3.2 مليون طن مقابل 3.3 مليون طن خلال نفس الفترة من العام الماضي بسبب تأثر الأسعار العالمية وتراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار

أشار متابعون لحركة السوق العالمية إلى أن أسعار القمح وخاصة الروسي شهدت ارتفاعًا ملحوظًا خلال نهاية الربع الأول من هذا العام إذ تراوح سعر الطن بين 260 و270 دولارًا مقارنة بمعدل يتراوح بين 237 و240 دولارًا في نفس الفترة من العام السابق مما ساهم في تقليص الكميات المستوردة خلال هذه الفترة

عدّت مصر واحدة من أكبر مستوردي القمح على مستوى العالم إذ تعتمد على استيراد ما يتراوح بين 10 و11 مليون طن سنويًا لتغطية استهلاكها المحلي الذي يصل إلى نحو 21 مليون طن سنويًا مما يجعل استقرار الأسعار العالمية أمرًا حيويًا لضمان الأمن الغذائي للدولة

رصدت تقارير التوريد زيادة كبيرة في الكميات المستوردة خلال العام الماضي والتي بلغت 14 مليون طن بنسبة نمو وصلت إلى 40% مقارنة بعام 2022 الذي سجلت فيه المشتريات 10 ملايين طن وذلك نتيجة زيادة الاعتماد على مشتريات القطاع الخاص

أكدت الإحصاءات أن روسيا تصدرت قائمة الدول الموردة للقمح إلى مصر خلال العام الماضي بإجمالي كميات بلغت 10.25 مليون طن بنمو قدره 50.7% مقارنة بالعام السابق وتلتها أوكرانيا بكميات وصلت إلى 1.9 مليون طن مما يعكس استمرار الاعتماد الكبير على المناشئ التقليدية رغم تنوع مصادر التوريد

كشفت بيانات وزارة الزراعة أن مساحة الأراضي المزروعة بمحصول القمح للموسم الجاري بلغت 3.1 مليون فدان ويتوقع أن تنتج نحو 10 ملايين طن وهي خطوة تهدف إلى تقليص فجوة الاستيراد وتعزيز الاكتفاء الذاتي

لفت مراقبون إلى أن أسعار القمح في الأسواق العالمية سجلت تراجعات ملحوظة منذ الذروة التي بلغتها عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية ما دفع الحكومة المصرية إلى إعادة النظر في استراتيجيات الشراء ووضع سقوف جديدة تلائم المتغيرات الحالية

أفادت المصادر أن الحكومة تتجه إلى تنويع مصادر التوريد بشكل تدريجي بالتوازي مع دعم المنتج المحلي وتحقيق توازن بين الاستيراد والإنتاج لتأمين احتياجات الدولة الاستراتيجية من السلع الأساسية

ذكر محللون أن الأسواق العالمية للقمح ما زالت تشهد تقلبات ناتجة عن ظروف مناخية وتقلبات سياسية واقتصادية قد تؤثر في حجم المعروض وأسعاره خلال الفترات المقبلة مما يستدعي اتخاذ قرارات مرنة وسريعة لمواكبة هذه التغيرات

بيّنت البيانات الرسمية أن الانخفاض في حجم الواردات خلال الربع الأول من العام الحالي لم يكن نتيجة تقليص دائم وإنما بسبب مؤقت فرضته ظروف السوق وأكدت أن الخطط المستقبلية تشمل العودة إلى مستويات أعلى من الشراء بحسب متطلبات السوق المحلي واحتياجات المخزون الاستراتيجي

استدركت الجهات المختصة أن هدف الحكومة ليس تقليل الواردات بقدر ما هو ضبطها بما يتناسب مع أسعار السوق العالمية والتكلفة المحلية للإنتاج وهو ما يعزز من كفاءة الإنفاق الحكومي دون المساس بالأمن الغذائي

أعلنت الجهات المسؤولة عن مراقبة حركة التجارة أن الأسواق العالمية تشهد حالياً موجة من الاستقرار النسبي في أسعار القمح وهو ما شجع الجهات المصرية على استئناف عمليات الشراء الخارجية مع الحفاظ على معدل توريد محلي مستقر

استرسلت الجهات الفنية في توضيح أن متوسط الاستهلاك المحلي للقمح يبلغ نحو 21 مليون طن سنويًا ويتم تأمينه من خلال الإنتاج المحلي والواردات الخارجية بشكل متكامل مع التأكيد على أهمية الحفاظ على المخزون الاستراتيجي في ظل التحديات العالمية

أجابت التقارير الرسمية عن تساؤلات حول استراتيجيات الدولة لتوفير القمح مؤكدة أن هناك تنسيقًا دائمًا بين الجهات المعنية لتأمين احتياجات المواطنين ومتابعة تطورات السوق واتخاذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب

استعرضت التقارير السنوية للحكومة مؤشرات أداء ملف توريد القمح وأظهرت تحسنًا في آليات الشراء سواء من السوق المحلي أو الخارجي وتوقعت استمرار هذا التحسن خلال السنوات المقبلة مع الاعتماد على أدوات تمويل متنوعة ودعم قوي من السياسات الاقتصادية

نوهت التقديرات إلى أن التوسع في زراعة القمح محليًا يتطلب تحسين منظومة الزراعة من حيث البذور والمياه والتقنيات الحديثة وهو ما تعمل عليه وزارة الزراعة بشكل مستمر لرفع معدلات الإنتاج وزيادة مساهمة المحصول المحلي في سد احتياجات السوق

أشارت تحليلات اقتصادية إلى أن مصر تحتاج إلى اتباع سياسة مزدوجة تجمع بين دعم الإنتاج المحلي وتنويع مصادر الاستيراد لتقليل الاعتماد على سوق بعينه وتقليل المخاطر المحتملة من التوترات العالمية

وتبقى مسألة استيراد القمح ملفًا استراتيجيًا يتطلب متابعة دقيقة للتغيرات في الأسواق العالمية وتنسيقًا محكمًا بين الجهات الحكومية المختلفة لتحقيق التوازن بين الأمن الغذائي والضغوط المالية في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية الحالية

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى