الباحث هاشم الخليل لـ”أخبار الغد”: استمرار الحرب يزيد القلق الداخلي في مصر بسبب الضغوط الاقتصادية والاجتماعية

صرّح الباحث هاشم الخليل لموقع أخبار الغد بأن العلاقة بين مصر وقطاع غزة تاريخية وعميقة، حيث تتفاعل العوامل الجيوسياسية مع البعد القومي والإنساني لمصر تجاه القطاع، مما يجعل الأحداث المتعاقبة في غزة ذات تأثير مباشر على الاقتصاد المصري.
وأضاف أن التأثير المتبادل بين غزة ومصر ليس جديدًا، بل يمتد عبر التاريخ، بدءًا من التبادل التجاري في العهد العثماني، إلى الإدارة المصرية للقطاع بعد 1948، وصولًا إلى الدور الحيوي الذي تلعبه مصر اليوم في تقديم المساعدات والتجارة عبر معبر رفح.
التأثيرات الاقتصادية للحرب على مصر
أوضح الخليل أن استمرار الحرب في غزة لفترة طويلة سيؤثر بشكل مباشر على الروابط الاقتصادية بين مصر والقطاع، سواء من خلال تعطيل حركة التجارة، أو زيادة الأعباء على الحكومة المصرية فيما يتعلق بالدعم والمساعدات. ويمكن تلخيص هذه التأثيرات على عدة أصعدة:
1- التأثير على التجارة والاقتصاد المحلي
- خسائر قناة السويس: الحرب في غزة وتبعاتها، بما في ذلك اعتراضات الحوثيين لحركة النقل البحري المرتبطة بإسرائيل، تسببت في خسائر تقدر بـ 7 مليارات دولار لمصر، وفقًا لتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو ما يعادل 60% من عائد القناة.
- تعطيل حركة التجارة عبر معبر رفح: استمرار الحرب يؤدي إلى نقص في السلع الأساسية مثل المواد الغذائية والوقود، مما يؤثر على الأمن الغذائي في القطاع ويفرض أعباء إضافية على مصر.
- ارتفاع أسعار السلع: تعطل النقل والتوزيع يؤدي إلى زيادة الأسعار داخل الأسواق المصرية، مما يزيد العبء على المواطنين.
- تراجع الإيرادات السياحية: استمرار التوترات يؤثر على حركة السياحة في مصر، حيث يصبح الزوار أكثر حذرًا تجاه السفر إلى منطقة الشرق الأوسط.
2- زيادة الأعباء المالية على الحكومة المصرية
- الإنفاق الأمني: تصاعد النزاع يدفع مصر إلى زيادة الإنفاق على تأمين الحدود والمناطق المحاذية لقطاع غزة.
- دعم اللاجئين والمساعدات الإنسانية: أي زيادة في تدفق اللاجئين الفلسطينيين إلى مصر ستشكل ضغطًا على الخدمات العامة مثل التعليم والصحة.
- زيادة النفقات العسكرية: الحاجة إلى حماية الحدود وتأمين استقرار البلاد قد تؤدي إلى زيادة الإنفاق العسكري، مما يزيد العبء على الموازنة العامة.
3- التأثير على الاستثمارات والسياحة
- تراجع الاستثمارات الأجنبية: استمرار الحرب يزيد من حالة عدم اليقين الاقتصادي، مما يجعل المستثمرين أكثر حذرًا في ضخ أموالهم داخل مصر.
- تأثير سلبي على السياحة: النزاع يساهم في تراجع عدد السياح الوافدين، مما يؤثر على أحد أهم مصادر الدخل القومي لمصر.
4- الآثار على أسعار النفط والمواد الخام
- ارتفاع أسعار الوقود عالميًا بسبب الأزمة قد يؤدي إلى زيادة تكلفة النقل والإنتاج داخل مصر.
- زيادة أسعار المواد الغذائية المستوردة، مما يؤدي إلى تفاقم مشكلة التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة.
5- التأثيرات على النمو الاقتصادي والبطالة
- تباطؤ النمو الاقتصادي: الحرب قد تعيق تنفيذ مشروعات تنموية، مما يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي.
- ارتفاع معدل البطالة: إذا توقفت الاستثمارات أو تأثرت المشاريع السياحية والتجارية، فقد يرتفع معدل البطالة، مما يؤدي إلى تأثير اجتماعي واسع النطاق.
6- الضغوط الاجتماعية والإنسانية
- زيادة الضغط على الخدمات العامة: أي تدفق للاجئين سيشكل عبئًا إضافيًا على المستشفيات والمدارس والبنية التحتية.
- ارتفاع معدلات الفقر والتوتر الاجتماعي: مع ارتفاع الأسعار وتراجع مستوى المعيشة، قد تزداد التوترات الاجتماعية داخل مصر.
توصيات للتعامل مع تداعيات الأزمة
أوضح الخليل أن مصر بحاجة إلى استراتيجية اقتصادية طويلة الأمد لتقليل تأثير الحرب على اقتصادها، حيث يجب أن تشمل هذه الاستراتيجية:
- تعزيز الإنتاج المحلي لتقليل الاعتماد على الاستيراد.
- تنويع مصادر الدخل القومي لتقليل الاعتماد على قناة السويس والسياحة كمصادر أساسية للعملة الأجنبية.
- التحرك دبلوماسيًا للحصول على تعويضات أو دعم دولي لمساعدة مصر في تحمل الأعباء الناتجة عن الأزمة.
- توفير سياسات حماية اجتماعية للفئات الأكثر تضررًا من ارتفاع الأسعار.
وأكد الباحث هاشم الخليل أن استمرار الحرب في غزة سيؤثر على مصر على عدة مستويات، من خسائر التجارة والسياحة إلى ارتفاع الأسعار والضغوط الاجتماعية.
مشيرًا إلى أن التحدي الأكبر هو كيفية إدارة هذه الأزمة دون التأثير على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
وأضاف أن المؤشرات تشير إلى أن تداعيات الحرب، حتى في حال توقفت قريبًا، ستحتاج إلى وقت طويل لمعالجتها، مما يتطلب جهودًا حكومية ودولية لضمان تعويض الخسائر وتقليل التأثيرات السلبية.
وشدد على أن الاحتلال الإسرائيلي ومن يدعمه هم المسؤولون الأساسيون عن هذه الأزمة، وأنه يجب على مصر التمسك بالمسارات القانونية للمطالبة بحقوقها وتعويضاتها عن هذه الخسائر.