محافظة دمياط: جمال طبيعي وتاريخ عريق واقتصاد متنوع

تقع محافظة دمياط في شمال مصر على ساحل البحر الأبيض المتوسط وتتميز بموقع جغرافي فريد .. تمتد المحافظة على الضفة الشرقية لنهر النيل وتشطرها مياهه إلى شطرين،
مما يجعلها شبه جزيرة يحدها من الشمال البحر المتوسط ومن الجنوب محافظة الدقهلية ومن الشرق محافظة بورسعيد. تساهم هذه الميزة الطبيعية في ازدهار المحافظة وجعلها مركزاً مهماً على المستوى الاقتصادي والسياحي.
يشتهر سكان دمياط بحرفهم اليدوية المميزة، خاصة في صناعة الأثاث التي تعد الأشهر في مصر، حيث تُصدر منتجاتها إلى مختلف دول العالم.
تقوم المحافظة أيضاً بتصنيع الحلويات الشهية والأجبان، كما يُعد مصيف رأس البر من أبرز المناطق السياحية في المحافظة، حيث يلتقي فيه نهر النيل بالبحر الأبيض المتوسط، مما يمنح الزائرين فرصة للاستمتاع بمناظر خلابة وطقس ساحر.
تزخر دمياط بعدد من المعالم الأثرية والتاريخية، التي تجسد تعاقب الحضارات على مر العصور .. تضم المنطقة العديد من التلال الأثرية مثل تل آثار البراشية جنوب شرق فارسكور،
حيث تم اكتشاف حمام روماني فريد من نوعه، إضافةً إلى خزان مياه ومنازل أثرية، تعكس الحركة العمرانية والأسواق التي كانت تزدهر في هذه المنطقة.
كما تحتوي المحافظة على مصنع لعصر النبيذ وزيت الزيتون، الذي كان يُستخدم لخدمة سكان المنطقة في العصور القديمة.
تقع منطقة تل الدير جنوب دمياط الجديدة وتعد من أبرز المواقع الأثرية، حيث عُثر على توابيت وأيقونات من العصر الروماني. يرتبط تاريخ دمياط أيضاً بمساجد وضريح شطا، وهو واحد من أقدم المزارات الدينية في مصر. يحمل الضريح اسم الشيخ شطا الذي استشهد أثناء الفتح العربي لمصر.
كذلك تحتوي دمياط على كنيسة السيدة العذراء، التي تم إنشاؤها عام 1745 وهي واحدة من المعالم المسيحية المميزة في المحافظة. يوجد في الكنيسة جسد القديس مار سيدهم بشاي، الذي استشهد في دمياط، وتحتفظ الكنيسة بقطعة من خشب الصليب الذي صلب عليه السيد المسيح.
تأسست طابية عرابي في القرن الثامن عشر في عزبة البرج على مساحة تزيد عن 122 ألف متر مربع، وشكلت جزءاً من سلسلة التحصينات الحربية التي أُنشئت لحماية مصر من الغزو البحري.
يتضمن الموقع أبراج مراقبة وثكنات للجنود ومسجد صغير، وتُعد الطابية معلمًا تاريخيًا يعكس أهمية دمياط في الدفاع عن مصر خلال الحروب السابقة.
تشتهر دمياط أيضاً بمناطق العلاج الطبيعي مثل منطقة الجربي، التي تحتوي على رمال جافة غنية بعنصر الثوريوم، الذي يستخدم في علاج أمراض الروماتيزم.
توفر المنطقة أماكن متعددة للجلوس والاسترخاء بجوار نهر النيل، مما يجعلها وجهة مفضلة للباحثين عن الراحة والاستجمام.
تمثل محافظة دمياط بقعة متميزة في خريطة مصر الجغرافية. تبلغ مساحة المحافظة 910.26 كيلومتر مربع، وتعتبر جزءًا من الدلتا الساحلية في شمال مصر.
يعتمد اقتصاد دمياط بشكل رئيسي على الزراعة والصيد، كما تشتهر المحافظة بزراعة القمح والقطن والأرز والبطاطس والعنب والطماطم.
تنتج دمياط أيضاً كميات كبيرة من الجوافة، التي تصدرها إلى العديد من دول العالم، وتعد من أبرز المحافظات في تصدير النخيل.
يعمل عدد كبير من سكان دمياط في حرفة الصيد، حيث يوفر البحر المتوسط ونهر النيل موارد طبيعية غنية، تسهم في دعم النشاط الاقتصادي.
تتجسد هذه الحرفة في شعار المحافظة الذي يحمل مركباً شراعياً، يعبر عن تراث دمياط البحري ويعكس أهمية الصيد لسكانها.
تتميز المحافظة بمناخ البحر الأبيض المتوسط، حيث يسود صيف حار جاف وشتاء معتدل ممطر. تعتبر هذه الظروف المناخية ملائمة للزراعة والسياحة، مما يجعل دمياط وجهة جذابة للسياح على مدار العام.
تُعد دمياط من بين أغنى المحافظات في مصر، حيث يتجاوز عدد سكانها 1.5 مليون نسمة حسب إحصائيات 2021. يعيش معظم السكان في المناطق الريفية، حيث يعتمدون على الزراعة والأنشطة الحرفية.
تحتفل دمياط بعيدها القومي في الثامن من مايو من كل عام، وهو يوم مميز يُخلد ذكرى مقاومة أهل دمياط للحملة الصليبية السابعة بقيادة لويس التاسع في القرن الثالث عشر.
شهدت تلك الحملة هزيمة الجيش الصليبي وأسر لويس التاسع في معركة فارسكور، حيث كان لدمياط دور حاسم في الدفاع عن مصر ضد الغزو الصليبي.
تتألف المحافظة من خمسة مراكز إدارية وهي: مركز دمياط، مركز فارسكور، مركز كفر سعد، مركز الزرقا، ومركز كفر البطيخ.
بالإضافة إلى هذه المراكز، تضم دمياط 10 مدن، أبرزها مدينة دمياط الجديدة التي تتميز بتخطيط حضري حديث ومرافق متطورة. تُعتبر دمياط الجديدة واحدة من أحدث المدن في مصر، وتحتضن جامعة دمياط التي تم إنشاؤها عام 2012.
تعكس هذه الجامعة الجهود المبذولة في تطوير التعليم العالي في المحافظة، حيث تضم العديد من الكليات مثل كلية العلوم وكلية الطب.
تمتلك المحافظة أيضاً عدداً من المدارس والمعاهد الأزهرية التي توفر التعليم الديني لأبناء المحافظة. تساهم هذه المؤسسات التعليمية في دعم التنمية البشرية وبناء القدرات المحلية، مما يعزز من مكانة دمياط كأحد مراكز التعليم في مصر.
يمتاز سكان دمياط بروحهم الاجتماعية، حيث يعتمدون على التعاون والتضامن في حياتهم اليومية .. يعزز هذا الشعور بالانتماء مشاعر الوحدة بين الصيادين والحرفيين، الذين يواصلون العمل بجد للحفاظ على مكانة دمياط كمركز للحرف اليدوية والصناعات التقليدية. يشكل شعار المحافظة، الذي يجمع بين مركب وشراعين، رمزاً لهذه الوحدة والتعاون بين أبناء المحافظة.
تحظى دمياط بأهمية اقتصادية كبيرة بفضل ميناء دمياط، الذي يعتبر واحداً من أهم الموانئ في مصر. يساهم الميناء في تعزيز حركة التجارة الدولية واستقبال البضائع المختلفة من جميع أنحاء العالم.
يساعد هذا النشاط التجاري في دعم الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل جديدة لسكان المحافظة، الذين يعملون في قطاعات النقل والتجارة والتخزين.
ختامًا، تعتبر محافظة دمياط واحدة من أهم المحافظات في مصر، حيث تمتزج فيها الأصالة بالحداثة، والتاريخ بالعمران.
تشتهر المحافظة بتراثها الغني ومعالمها الأثرية التي تعكس حضارات متعددة، بالإضافة إلى نشاطها الاقتصادي المتنوع الذي يعتمد على الحرف اليدوية والزراعة والصيد. تستمر دمياط في النمو والتطور، مما يجعلها واحدة من الوجهات السياحية والاقتصادية الرائدة في مصر.