الآن .. تعامد الشمس على قدس الأقداس بمعبد أبو سمبل يجذب الأنظار نحو رمسيس

تجمع آلاف السائحين من مختلف أنحاء العالم في مدينة أبو سمبل بجنوب مصر لمشاهدة الظاهرة الفلكية الفريدة التي تحدث مرتين فقط في العام.
بدأ الزوار بالوصول في الساعات المبكرة من الصباح للاستعداد لمتابعة حدث تعامد الشمس على قدس الأقداس بمعبد الملك رمسيس الثاني، والذي يعد من أبرز المعالم السياحية في مصر.
اصطف الزوار في طوابير طويلة أمام المعبد، حيث توافدت الوفود من بلدان مختلفة بالإضافة إلى عدد كبير من الزوار المصريين الذين جاؤوا لمشاركة هذا الحدث التاريخي الهام الذي يعكس عبقرية المصريين القدماء.
أشرقت الشمس فوق بحيرة ناصر في صباح هذا اليوم، حيث بدأت أشعتها الذهبية في التسلل عبر الممر الضيق بواجهة المعبد، لتصل إلى تمثال الملك رمسيس الثاني الجالس في قدس الأقداس.
استمرت هذه اللحظات الساحرة لمدة عشرين دقيقة، وهي مدة تعامد الشمس على تماثيل المعبد. وقد سجلت هذه الظاهرة إنجازاً هندسياً مذهلاً نفذه المصريون القدماء بدقة فائقة.
تسللت أشعة الشمس عبر ممر طويل يمتد لمسافة ستين متراً داخل المعبد، ومرّت فوق التماثيل الضخمة التي يبلغ ارتفاعها عشرين متراً على الواجهة.
اخترقت أشعة الشمس المعبد وصولاً إلى قدس الأقداس، حيث تسلّطت على تمثال الملك رمسيس الثاني والإلهين رع حور أخته وآمون، وتجنب شعاع الشمس تمثال الإله بتاح، الذي اعتبره المصريون القدماء إله الظلام.
اعتمد المهندسون المصريون القدماء على حركة الفلك لتصميم المعبد بحيث يتوافق تعامد الشمس مع يومين مهمين في تاريخ الملك رمسيس الثاني يوم ميلاده ويوم تتويجه على العرش.
جسدت هذه الظاهرة القدرة العلمية للمصريين القدماء في مجال الفلك والهندسة، ما جعل معبد أبو سمبل أحد أبرز المعالم الأثرية في العالم.
احتفل السائحون والمصريون معاً بهذا الحدث، حيث تم تنظيم عروض فنية وثقافية في الساحة الخارجية للمعبد. شاركت فرق فنية محلية وعالمية في تقديم عروض موسيقية وفلكلورية أضفت أجواء احتفالية على المناسبة.
أكد المشاركون في الاحتفالات أن تعامد الشمس على معبد أبو سمبل يعكس عظمة الحضارة المصرية ويجذب الآلاف سنوياً.
شهدت المدينة السياحية حركة نشطة بفضل هذا الحدث، حيث استفادت الفنادق والمطاعم ومحلات الهدايا التذكارية من توافد الأعداد الكبيرة من الزوار.
تم تنظيم جولات سياحية خاصة بالموقع الأثري لشرح أهمية المعبد وتفاصيل بناءه والتقنيات الهندسية التي استخدمها المصريون القدماء لتحقيق هذه الظاهرة.
قدمت السلطات المصرية كافة التسهيلات لضمان راحة الزوار، حيث تم تأمين الموقع وتجهيز فرق من المرشدين السياحيين لتقديم شرح وافٍ عن المعبد وتاريخه.
حرصت الحكومة المصرية على تعزيز الجهود الترويجية لهذا الحدث الذي يعتبر جزءاً مهماً من الترويج للسياحة الثقافية في مصر.
استمر توافد السائحين طوال يوم أمس لمشاهدة المعبد والمشاركة في الفعاليات الثقافية المقامة في الموقع.
أثنى الزوار على دقة وروعة التصميم الهندسي الذي جعل الشمس تتعامد على التماثيل بشكل دقيق وفي توقيت محدد، معربين عن انبهارهم بالإنجازات التي حققها المصريون القدماء في مجال الفلك والهندسة.
ساهم هذا الحدث في تعزيز مكانة أبو سمبل كوجهة سياحية عالمية، ما جعلها محط أنظار السياح الراغبين في التعرف على الحضارة المصرية القديمة عن قرب.
تجذب ظاهرة تعامد الشمس الزوار سنوياً من مختلف بقاع الأرض، ما يساعد على تعزيز الاقتصاد المحلي والوطني ويساهم في إنعاش السياحة في جنوب مصر.
ركز المصريون القدماء على أهمية تعامد الشمس كدليل على براعتهم الفلكية والهندسية. قدم الحدث فرصة للزوار للتعرف على فلسفة المصريين القدماء في تقديس الطبيعة واستخدامهم الفلك كوسيلة لتحديد مواسم الزراعة والحصاد وربطها بالأحداث الهامة في حياة ملوكهم.
فقد شهد موعد تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثاني تغييرات بعد نقل معبد أبو سمبل خلال مشروع إنقاذ آثار النوبة في الستينيات. كانت الظاهرة تحدث يومي 21 فبراير و21 أكتوبر، ولكن بعد تفكيك المعبد وإعادة بنائه على ارتفاع أعلى من موقعه الأصلي، تغير موعد التعامد إلى 22 فبراير و22 أكتوبر من كل عام.
ويعود تاريخ اكتشاف هذه الظاهرة إلى عام 1874، حين قامت المستكشفة البريطانية إميليا إدواردز بتسجيلها لأول مرة في كتابها “ألف ميل فوق النيل”، مما ساهم في توثيق هذا الحدث الفلكي الفريد عالميًا.