![](https://www.ghadnews.net/wp-content/uploads/2025/02/د.-أيمن-نور-يكتب.jpg)
أربعة عشر عامًا مضت.. والحادي عشر من فبراير لا يزال يطل علينا بوجهين، بدمعتين، بفرحتين مؤجلتين..
يومٌ كأنه مشهدٌ مسروقٌ من فيلمٍ عربيٍّ قديم، حيث البطل والبطلة يتعانقان، والكاميرا تبتعد شيئًا فشيئًا، لتظهر على الشاشة كلمة النهاية.
لكننا لم نكن في السينما، ولم نغادر مقاعدنا.. بل وقفنا هناك، نحدق في الشاشة السوداء بعد أن أُطفئت الأضواء، ونسأل السؤال الذي لم يجب عليه أحد: وماذا بعد؟ فيلم عربي كلمةالنهاية
رحل مبارك.. لكنّ ظله بقي أطول من قامتنا، وخطواته بقيت أعمق من آثار أقدامنا..
قالوا لنا: “لقد انتهى المشهد”، لكننا اكتشفنا بعد حين أن هناك فصولًا لم تُكتب بعد، ومؤامرات لم تُحكَ بعد، وشخوصًا لم يظهروا بعد، وأن الثورة التي حسبناها قصيدةً منتهية، لم تكن سوى بيتٍ من قصيدةٍ تُعاد كتابتها كل يومٍ بالحبر والدم والخذلان. ثورة يناير مبارك
الحادي عشر من فبراير.. يومٌ ارتدى فيه الفرح قناع الحزن، فهللنا له، ثم اكتشفنا أننا لا نعرف ملامحه الحقيقية.
خرج رأس النظام، لكن الجسد بقي ينبض في زوايا المشهد، في الحوائط الرمادية، في المقاعد التي لم يشغلها أحدٌ بعد. كان الوطن كله يشبه شقةً قديمة، غادرها المستأجر الأول، لكنه ترك وراءه كل الأثاث، كل الروائح، كل العادات التي اعتادها المكان. نظام مبارك مصر
كنا نعرف ماذا نريد أن نهدم، لكننا لم نتفق بعد على ما نريد أن نبني.
كنا نقف أمام باب التاريخ، نقرع عليه بأيدينا المرتعشة، نحمل الحلم في يد، والتوجس في يد، نحاول أن نفرح، لكن الفرحة كانت أقصر عمرًا من أن تعيش. بناء المستقبل تحديات
حين تقول نصف الحقيقة، تخسر نصف مؤيديك، وتستعدي نصف خصومك. وحين تقول الحقيقة كاملة، ربما تخسر الجميع.
فالناس تحب أن تسمع ما يرضيها، لا ما يكشف لها المرآة.
لكن الحقيقة لا تجامل أحدًا، ولا تخضع لمنطق السوق.
هي مثل نهرٍ لا يعرف إلا طريقه، قد يتحايل عليه البعض، قد يغير مجراه، قد يُحاصر، لكنه في النهاية يجد منفذه، ولو بعد حين. الحقيقة الواقع
حين رحل مبارك، أعلنت أنني أسامحه في حقي الشخصي، في اعتقالي، وفي التنكيل بي بعد أن نافسته في انتخاباتٍ لم تكن عادلة.
غضب البعض من أنصاري، وغضب بعض خصومي، وغضب أنصار مبارك أنفسهم!
كانوا يريدون أن أظل غارقًا في دائرة الانتقام، أو أن أمارس العداء كما يتوقعون.
لكنني لم أعتد أن أقاتل فارسًا بعد أن سقط عن جواده، ولن أفعل ذلك أبدًا، حتى لو غضب مني الجميع.
الخصومة لا تعني الانتقام، والعدل لا يُقاس بروح التشفي، والسياسة لا تكتمل إلا حين يكون للإنسان قلبٌ يعرف كيف يسامح، لكنه لا ينسى.
العدالة التسامح السياسة
داخل كل قلبٍ، يوجد عالمٌ أكبر من الواقع..
روايةٌ لم تُكتب فصولها بعد، حكايةٌ ناقصة، ضحكةٌ معلّقة بين الأمل والخيبة، دمعةٌ تختبئ خلف العيون، وأسرارٌ لا تُروى.
داخل كل قلبٍ، هناك سؤال لم نجد له إجابة:
هل كانت الثورة لحظة انتصار، أم لحظة اختبار؟ هل كان الفرح نصرًا أم فخًا؟
وكم من الأحلام الكبيرة تبددت لأنها لم تجد من يصونها، وكم من النهايات السعيدة تحولت إلى وجع، لأنها لم تكن سوى سراب. أحلام مكسورة أسئلةمعلقة
كم أنت منهكٌ أيها القلب، حين تحاول أن تصدق الحكايات، ثم تكتشف أنها بلا نهاية..
وكم هو متعبٌ هذا الوطن، حين يولد من رحمه الفرح، فيختنقه قبل أن يتنفس الحياة! وطن منهك حكايات بلا نهاية