ميدل إيست آي: شركة كوشنر والاستثمار الخليجي: هل تمهد لخطة ترامب في غزة؟
![](https://www.ghadnews.net/wp-content/uploads/2025/02/Can-Jared-Kushners-investment-firm-connect-Gulf-money-to-Trumps-Gaza-plan.jpg)
خطة دونالد ترامب للسيطرة على قطاع غزة وبناء “ريفييرا الشرق الأوسط” تبدو للوهلة الأولى فكرة عابرة دون تخطيط مسبق، لكن عند التعمق نجد أن أحد أقربائه سبق أن ناقش فكرة مشابهة، بل وامتلك الموارد والعلاقات السياسية لتحقيقها.
في فبراير عام 2024، قال صهر ترامب والمستشار السابق لشؤون الشرق الأوسط، جاريد كوشنر، بأن “ممتلكات الواجهة البحرية في غزة يمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة، إنه وضع مؤسف إلى حد ما هناك، لكنني أعتقد من وجهة نظر إسرائيل، أنني سأبذل قصارى جهدي لنقل الناس ثم تنظيف المكان”.
كان كوشنر يتحدث في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل تدرس غزو مدينة رفح جنوب قطاع غزة، مشيراً إلى أن الفلسطينيين قد يتم تهجيرهم قسراً إلى صحراء النقب في إسرائيل أو مصر، وعندما تم الضغط عليه، قال أنه سوف يسمح لهم بالعودة إلى غزة.
أما على أرض الواقع، فليس من السهل أن يفرض القانون الدولي تلك الحقوق الإقليمية لكوشنر، كما أن الولايات المتحدة لا تسيطر على حقوق الملكية للواجهة البحرية لغزة أو حدودها البحرية.
في تصريحه، قال ترامب بأن قطاع غزة الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة سوف يسكنه “شعوب العالم” وأنه لن يكون هناك سبب لعودة الفلسطينيين، أما كلمات كوشنر فهي مهمة، فهو ليس مجرد صهر أو حتى مستشار سابق للبيت الأبيض، فبعد انتهاء فترة ولاية ترامب الأولى، أطلق كوشنر صندوق الأسهم الخاصة “أفينيتي”، والذي صمم خصيصاً لرؤية ترامب لبناء مدينة فاخرة في غزة!
“أفينيتي” من ألبانيا إلى إسرائيل
دخل كوشنر في مجال العقارات الخاص بعائلته اليهودية الأمريكية من خلال الاستثمار في بوسطن عندما كان طالباً في جامعة هارفارد، ثم دخل إلى عالم العقارات في مدينة نيويورك، وكان ترامب قد رشح والده تشارلز كوشنر سفيراً للولايات المتحدة في فرنسا.
ويؤشر اهتمام كوشنر الأخير بالعقارات على مزيج بين ذوقه في شوق العقارات الغريبة والمغامرة والجغرافيا السياسية، فهو يخطط لبناء منتجع فاخر بقيمة 1.4 مليار دولار في سازان، الجزيرة الألبانية الوحيدة في البحر الأبيض المتوسط وقاعدة عسكرية سابقة، حيث بدأ صندوقه بالفعل عملية تحويل مبنى وزارة الدفاع اليوغوسلافية القديم في بلغراد إلى فندق ومجمع فخم.
من جهة أخرى، فقد أنشأ كوشنر صندوقه “أفينيتي” لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية وإسرائيل، حيث كان أحد المهندسين الرئيسيين لاتفاقات أبراهام التي عقدها ترامب، وشكل صداقة وثيقة بشكل خاص مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
لقد كان كوشنر هو من طرح خطة أطلق عليها اسم “صفقة القرن”، تدعو إسرائيل إلى ضم 30% من الضفة الغربية وإنشاء دولة فلسطينية بدون جيش، فقد حاولت الخطة إغراء السلطة الفلسطينية بتقديم مساعدات اقتصادية بقيمة 50 مليار دولار ولكن تم رفضها.
أما السعودية، فتعد الداعم الرئيسي لشركة “أفينيتي بارتنرز”، حيث يمنح صندوق الثروة السيادية التابع للسعودية كوشنر ملياري دولار، كما ساهمت الإمارات وقطر مؤخراً أيضاً بمبلغ 1.5 مليار دولار في الصندوق.
من خلال الأموال الخليجية، استثمرت شركة “أفينيتي بارتنرز” في شركتين إسرائيليتين، وهما شركة فينيكس القابضة وهي شركة تأمين، بالإضافة إلى قسم تأجير السيارات في شركة شلومو هولدينجز، التي تعد مالكة جزئية لشركة أحواض بناء السفن الإسرائيلية، وهي شركة بناء السفن المحلية الوحيدة للبحرية الإسرائيلية.
“يسيل لعابهم للدخول”
في تدوينة صوتية له تعود لأغسطس عام 2024، كشف أستاذ الاقتصاد في جامعة جورج واشنطن، جوزيف بيلزمان، بأن كوشنر “يريد وضع الأموال فيه” وأن مستثمريه “يسيل لعابهم للدخول”، في إشارة إلى غزة.
علاوة على ذلك، فقد كتب بيلزمان ورقة بحثية حول إعادة إعمار غزة ما بعد الحرب، وكانت مطابقة تقريباً لكل ما دعا له ترامب، حيث أكد بأن اقتراحه الذي يدعو إلى تهجير الفلسطينيين والمستثمرين الدوليين لبناء منتجعات فاخرة “قد ذهب إلى جماعة ترامب لأنهم كانوا في البداية مهتمين به”.
“ترامب يعود إلى نموذج التنمية الاقتصادية في موضوع غزة، وهذا ما أثبت أن اتفاقيات أبراهام لم تكن كافية لأن الفلسطينيين كانوا فيها على الهامش، والمشكلة هي أن نتنياهو لا يزال يعتقد أنه قادر على استبعاد الفلسطينيين، وهذا ما هو غير مقبول بالنسبة للاعبين الإقليميين مثل مصر والأردن وتركيا ودول الخليج العربي” – مروة مزيد- الأستاذة في جامعة ميريلاند
وفي بث صوتي بعنوان “أمريكا حبيبتي”، باستضافة مع البروفيسور الإسرائيلي كوبي باردا، قال بيلزمان: “المكان المناسب للبدء هو حفر المكان بأكمله ثم يتعين عليك معرفة ما يجب فعله مع السكان المحليين وعليك تحريكهم، كل شيء يجب أن يسير بالتوازي، ويمكن للولايات المتحدة أن تعتمد على مصر، فمصر دولة مفلسة ونحن نعلم أنهم مفلسون”.
اتفاقيات أبراهام
لقد تم إسقاط خطة ترامب على الفور من قبل حلفاء الخليج مثل السعودية، التي يقول ترامب أن الولايات المتحدة سوف تستخدم أموالها لإعادة بناء قطاع غزة، كما أن دعوته لانخراط الولايات المتحدة بشكل مباشر في قطاع غزة أثارت غضب بعض قاعدته المحلية المعارضة للتدخل الأجنبي.
رغم ذلك، فقد أكد ترامب موقفه، موضحاً فقط أن دعوته لن تتطلب وجود قوات أمريكية على الأرض، وأن عملية النقل ستتم بعد انتهاء إسرائيل من القتال وبعد رحيل الفلسطينيين.
من جانبه، فقد أفاد موقع ميدل إيست آي بأن ترامب يعتزم ممارسة الضغط على دول الخليج لتمويل سيطرة الولايات المتحدة على غزة،
كما يعتزم عرض حقوق الملكية على الواجهة البحرية للسعودية وقطر والإمارات لتشجيعهم على الموافقة، باعتبارهم مستثمري كوشنر.
تعد فكرة الحصول على حقوق التطوير من عقارات البحر الأبيض المتوسط مقابل نوع من الاستثمار، تماماً ما فعلته الإمارات على الساحل المصري بدفع 35 مليار دولار لتطوير رأس الحكمة على الساحل الشمالي الغربي لمصر.
في مقابلة لها مع موقع ميدل إيست آي، أشارت الأستاذة في معهد جيلدنهورن للدراسات الإسرائيلية بجامعة ميريلاند، مروة مزيد، بأن “ترامب يعود إلى نموذج التنمية الاقتصادية في موضوع غزة، وهذا ما أثبت أن اتفاقيات أبراهام لم تكن كافية لأن الفلسطينيين كانوا فيها على الهامش، والمشكلة هي أن نتنياهو لا يزال يعتقد أنه قادر على استبعاد الفلسطينيين، وهذا ما هو غير مقبول بالنسبة للاعبين الإقليميين مثل مصر والأردن وتركيا ودول الخليج العربي”.
المصدر: ميدل إيست آي (هنا)