13 عامًا على مذبحة بورسعيد كارثة تظل تلاحق تاريخ الرياضة المصرية الأهلي يحيي الذكرى
يتذكر الأهلي وجماهيره وأبطال الرياضة المصرية كارثة ستظل محفورة في الذاكرة مدى الحياة، مذبحة بورسعيد التي وقعت في الأول من فبراير عام 2012، مأساة خلفت وراءها 72 شهيدًا من محبي النادي الأحمر.
مرت الأعوام، لكن الألم لم يغادر قلوب الأهلاوية، فقد بقيت تلك الليلة واحدة من أكثر الفواجع التي عاشتها الرياضة المصرية. يُحيي النادي الأهلي ذكرى هذا اليوم بقلوب مكلومة وأعين دامعة، وأصوات تندد بالحقيقة التي لم تُكتمل.
تصاعدت الأحداث الدموية بسرعة بعد نهاية المباراة بين الأهلي والمصري البورسعيدي في ملعب بورسعيد، حيث فاز فريق المصري، لتتحول فرحة انتصارهم إلى كارثة مروعة لا توصف.
انفجرت الأوضاع بسرعة، حيث هجمت جماهير المصري على مدرجات الأهلي، وأسرع جمهور القلعة الحمراء للهرب إلى الممرات الضيقة التي لم يجدوا مخرجًا منها.
تفاجأ الجميع عندما أُغلقت البوابة الوحيدة، وتقطعت بهم السبل وسط الهرج والمرج، مع إطفاء الأنوار، وتسلل أيدي حاملة للأسلحة البيضاء التي بدأت في تنفيذ المجزرة. دقائق معدودة شهدت سقوط العشرات من الضحايا الذين كان أغلبهم من الشباب والمراهقين.
غنى جمهور الألتراس قبل المذبحة في ملعب بورسعيد شعارات حماسية، حملت كلمات من الثورة، مطالبين بالحرية والعدالة.
ولكنهم لم يتوقعوا أن هذه اللحظات ستكون الأخيرة للكثير منهم، بينما كانت أسلحتهم الوحيدة في مواجهة الظلم هي الهتافات.
بعد وقوع الكارثة، تفاعل الشعب المصري بشكل كبير مع الحادث الأليم، وعادت إلى السطح شعارات الألتراس والمشاهد المؤلمة التي توثق لحظات النهاية.
اتجهت الأنظار إلى التحقيقات التي أُجريت في أعقاب الفاجعة، والتي أثارت الجدل بشكل حاد. توعدت السلطات بمحاسبة المتسببين في هذه الكارثة، لكن ما تبع ذلك كان مناقشات ساخنة في البرلمان وأمام الشعب،
حيث اتهم العديد من المسؤولين الأمنيين والرياضيين بتقصيرهم في حماية حياة مشجعي كرة القدم. كان تقرير لجنة تقصي الحقائق قاسيًا، حيث حمّل الأمن والإعلام المسؤولية عن إهمالهم، وأوضح أن وفاة الضحايا جاءت نتيجة للاختناق والتدافع وعدم وجود استجابة سريعة من قوات الأمن.
توالت أحداث القضية بعد وقوع المذبحة، حيث أصدرت محكمة جنايات بورسعيد في يناير 2013 حكمًا بتحويل أوراق 21 من المتهمين إلى مفتي الجمهورية تمهيدًا لإصدار حكم الإعدام بحقهم.
هذا الحكم فتح جرحًا جديدًا بين الأطراف المختلفة، فبينما احتفل البعض بالعدالة، اندلعت اشتباكات دامية في بورسعيد بين عائلات المتهمين والمحتجين. أسفرت هذه الاشتباكات عن مقتل 22 شخصًا آخرين، بينهم رجال شرطة، مما جعل هذه القضية تتسارع نحو التطورات المأساوية.
مرت الأيام، ومع مرور الوقت، بدأت الأنظار تتحول إلى محاكمات أخرى طالت عناصر من قوات الشرطة والمسؤولين في النادي المصري، لكن القضية بدأت تتلاشى تدريجيًا من دائرة الاهتمام الإعلامي، رغم أن محكمة النقض أكدت في 2017 أحكام الإعدام ضد 10 من المتهمين. إلا أن عواقب هذه المذبحة لم تنتهِ بمجرد صدور الأحكام.
قبل مرور ثلاث سنوات من المذبحة، شهدت مصر كارثة أخرى في فبراير 2015، حينما أسفرت أعمال شغب وتدافع في مباراة بين الزمالك وإنبي عن مقتل 22 مشجعًا آخرين.
استخدم الأمن قنابل الغاز لتفريق المشجعين، ما ساهم في حدوث مزيد من الضحايا. وفي وقت لاحق من نفس العام، أصدرت المحكمة حكمًا بحظر روابط الألتراس في مصر، متهمة إياهم بالعنف وتحدي مؤسسات الدولة.
سارعت روابط الألتراس إلى اتخاذ خطوة غير مسبوقة، حيث حلّت نفسها في محاولة لتجنب القمع الأمني وللحفاظ على حقوق أعضائها.
في مايو 2018، قامت رابطة “ألتراس أهلاوي” بحل نفسها بشكل رسمي، وسط صمت رهيب في الأوساط الرياضية. جاء هذا القرار في وقت كانت فيه الأنظار موجهة نحو مستقبل الجماهير في الملاعب، لكن هذا التغيير لم يكن كافيًا لإعادة الأمور إلى نصابها.
خلال الأعوام التالية، اختفت الروابط التي كانت تشكل قوة ضغط كبيرة في المدرجات، وزاد قمع الدولة تجاه أي مظاهر للاحتجاج الجماعي.
تمثلت هذه العوامل في تأثيرها على رياضة كرة القدم في مصر، حيث أصبحت الجماهير أكثر عزوفًا عن حضور المباريات،
وازدادت الفجوة بين الأندية والمشجعين. كانت هذه التحولات تتزامن مع محاولات لفرض سيطرة أكبر من قبل الأجهزة الأمنية على كل ما يتعلق بالرياضة.
اليوم، بعد 13 عامًا من تلك المجزرة، لا يزال الحزن يعم القلوب وتبقى أسئلة عديدة تبحث عن إجابات. لم يُحقق القصاص الكامل ولم يتم فتح كل ملفات الجريمة التي وقعت في بورسعيد،
ومع ذلك، تبقى ذكرى الشهداء في ذاكرة الملايين من محبي الأهلي، الذين لن ينسوا أبدا هؤلاء الذين سقطوا في تلك المذبحة.
احتفل النادي الأهلي هذا العام بتأبين شهدائه، وجدد العهد على أن تلك الفاجعة لن تمر بدون أن تتحقق العدالة. لكن يبدو أن أحداث بورسعيد ستظل شاهدة على ضياع أرواح بريئة وغياب العدالة،