عربي ودولى

تصعيد إسرائيلي متزايد في الضفة الغربية يثير القلق الدولي بعد اتفاق غزة

في ظل الأجواء المتوترة التي أعقبت وقف إطلاق النار في غزة، تنذر الأحداث الأخيرة في الضفة الغربية بتصعيد غير مسبوق، حيث أقدمت إسرائيل على تنفيذ سلسلة من الإجراءات القاسية ضد الفلسطينيين، مما أثار قلقاً واسعاً حول التبعات الإنسانية والاجتماعية لهذه الإجراءات.

أفادت التقارير أن الجيش الإسرائيلي نصب 14 حاجزاً عسكرياً جديداً خلال الأسبوع الماضي، مما أدى إلى شلل حركة تنقل الفلسطينيين. وفي ظل هذه الحواجز الإضافية، يعبر الفلسطينيون عن شعورهم بأن إسرائيل تسعى إلى تقطيع أوصال الضفة، حيث أكد الشهيد يوسف العاروري في حديثه للأناضول أن الأحداث الحالية تعد بمثابة “انتقام” للفلسطينيين بعد توقف الإبادة الإسرائيلية في غزة.

من جهة أخرى، صرح مدير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، أن الخطوات الإسرائيلية تهدف بشكل واضح إلى خلق بيئة طاردة للفلسطينيين. ويتجلى ذلك في المشاهد المقلقة للطوابير الطويلة من المركبات العالقة على الحواجز العسكرية، حيث لا تعكس هذه الأوضاع زيادة الضغوطات اليومية على الفلسطينيين فحسب، بل تثير كذلك قلق المجتمع الدولي ازاء احترام حقوق الإنسان في المنطقة.

يأتي هذا التصعيد بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس حيز التنفيذ، حيث تستمر المرحلة الأولى لمدة 42 يوماً. من المقرر أن يتم التفاوض على مراحل لاحقة برعاية مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية، لكن التصعيد العسكري الإسرائيلي يعيد إلى الأذهان الحاجة الملحّة لحل دائم يضمن الأمن والحقوق للجميع.

طوابير طويلة

وعلى حاجز عطارة، المنفذ الشمالي لمدينتي البيرة ورام الله وسط الضفة، تصطف المركبات في طوابير طويلة على طرفي الحاجز، في انتظار السماح لها بالمرور من قبل الجنود الإسرائيليين، بعد إخضاعها ومن فيها للتفتيش.

ويقول الفلسطيني يوسف العاروري، إن “المعاناة أصبحت يومية على الحاجز، وعلى المنوال ذاته في كل يوم، ولا نعرف هدف الإسرائيليين من هذا التضييق، إذ لا يوجد مشاكل أمنية بالمنطقة، فهذا جزء من الإذلال”.

ويضيف العاروري للأناضول، أن “ما يجري انتقام إسرائيلي من فلسطينيي الضفة بعد انتهاء حرب الإبادة الإسرائيلية بغزة، وهم يريدون تعزيز الاستيطان بالضفة وإسقاط الدولة الفلسطينية”.

فيما يقول فلسطيني آخر، لم يذكر اسمه، بينما يجتاز سيرا على الأقدام بوابة حديدية إسرائيلية للوصول إلى رام الله، إن الجيش الإسرائيلي “يهدف إلى التضييق على الناس من خلال هذه الإجراءات التي تحد من تحركاتهم بين المناطق”.

من جهته، قال مدير عام دائرة العمل الشعبي في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عبد الله أبو رحمة، إن الجيش الإسرائيلي شدد إغلاقاته بالضفة وعزز إجراءاته، ما أدى إلى تقييد حرية حركة المواطنين.

وأضاف أبو رحمة للأناضول: “في الفترة الأخيرة شهدنا تضييقا إسرائيليا وحصارا وعقابا جماعيا للفلسطينيين بالضفة الغربية”.

وأكد أنه “في الأسبوع الأخير فقط، أضاف جيش الاحتلال 14 بوابة وحاجزا عسكريا، في حين ارتفع مجموع الحواجز والبوابات من 872 بوابة وحاجزا نهاية 2024، إلى 898 حاجزا وبوابة اليوم”.

وأشار إلى أن الحواجز “موزعة على مداخل المدن والقرى والبلدات والمخيمات والتجمعات الفلسطينية”.

أبو رحمة أوضح أن “القيود والمضايقات الإسرائيلية عملية تراكمية، تستهدف حركة المواطنين وإعاقتها، ونحن أمام مرحلة صعبة وجديدة بالضفة الغربية”.

بيئة طاردة

وفيما يتعلق بأهداف إسرائيل، قال إن “جيش الاحتلال يريد الانتقام من السكان على مظاهر الفرح بتحرير الأسرى الفلسطينيين (فجر الاثنين)، من خلال تجزئة القرى والمدن وحصارها، للتناغم مع المرحلة الجديدة والتهديدات بالهجوم على الضفة والسيطرة عليها”.

وعن نتائج الإجراءات الجديدة، أشار أبو رحمة إلى “أضرار كبيرة تتكبدها الضفة نتيجة الإغلاقات تؤثر على جميع مناحي الحياة: تجاريا واقتصاديا وصحيا وتعليميا”.

وفي هذا السياق، أكد أن “الجامعات شبه متوقفة، بالإضافة إلى إعاقة حركة العمال والموظفين، وتكاليف أعلى ووقت أطول بساعات في النقل والتنقل، وفي كل ذلك استنزاف لجهد ومال ووقت المواطن الفلسطيني والمؤسسات”.

أما الهدف من كل ذلك، وفق أبو رحمة فهو “خلق بيئة قاسية وطاردة لإجبار الفلسطيني على الرحيل، بالتوازي مع تصاعد اعتداءات وهجمات المستوطنين”.

وبموازاة الإبادة بغزة، وسّع الجيش الإسرائيلي عملياته، كما صعد المستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، ما أسفر عن مقتل 870 فلسطينيا وإصابة نحو 6 آلاف و700، واعتقال 14 ألفا و300 آخرين، وفق معطيات رسمية فلسطينية.

وبدعم أمريكي ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير/ كانون الأول الجاري، إبادة جماعية بقطاع غزة، خلّفت أكثر من 157 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود وإحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى