غزة… يا معجزة الدهر وأيقونة المقاومة والمقاومين، وأرض الصمود والبطولات،
يا آية الزمان، وحكاية التاريخ، وأسطورة البطولات، والتحدّي والشهادة. أنتِ الأرض التي قالت كلماتها، وأطلقت صيحاتها المدوية في أرجاء العالم: هنا الحق والحقيقة، هنا الحرية، والكرامة والعنفوان. هنا يُقبر العدو، وهنا ينهزم، ومن هنا يندحر، ويسقط ويرحل. ما كنت يا غزة يوماً، إلا عاصمة وقبلة لكلّ المقاومين الأحرار في العالم كله، ونبض الشعوب الحرة ضدّ الغزاة والمحتلين، ومجرمي الحروب والقتلة، ومغتصبي الأرض.
أنتِ للزمان صورة وآية، وفي جبين الدهر أنشودة وراية. فأيّ سرّ يا غزة هو سرّك، وأيّ شعب هو شعبك، ومن أيّ معدن هو معدنك، ومن أي طينة جبلت.
على أقدامك ركع شذاذ الآفاق، قتلة الأطفال، ووحوش العصر، وقراصنة الأرض. من وسط الدمار ومن تحت الركام كنت تنهضين وتنتفضين كالبركان الثائر على القتلة المحتلين، تلقنين لصوص العصر دروساً في البطولة والصبر، والاستشهاد، والإيمان بالله، وكيفية الدفاع عن الوطن والتمسّك بالأرض.
أعداء الفجر يا غزة أثقلوك بالآلام وأشبعوك بالقتل، والدمار، والخراب، والتجويع، والإبادة، والحصار، وحجبوا عنك نور الشمس، والماء، والدواء، والهواء، والمأكل… جوّعوك، حاصروك، دمّروا لك كلّ شيء، ارتكبوا المجازر ضدّ الإنسانية، والإبادة الجماعيّة، واستباحوا كلّ ما ينبض بالحياة، ولم يتركوا شيئاً. أحرقوا الإنسان، والأزهار، وأشجار الزيتون، والنخيل، وأسراب العصافير والحمام .
غزة يا أسطورة الأساطير، يا شاهدة على العصر، تعب العالم كله ولم تتعبي، ركع أعداء الحياة على قدميك ولم تطأطئي رأسك لحظة لقتلة الأنبياء.
كان شعارك النصر أو الشهادة، ولا ثالث بينهما. إذ ليس للشيطان مكان بين الخيارين. فطريقه ومكانه معروف في سقر… وهو حساب وأمر منتظر.
كلّ طغاة الأرض وقفوا في وجهك يا غزة… من قرصان العالم إلى عبيده. أرادوا كلهم أن يقتلوا فيك عزيمة الإرادة، ويكبتوا في داخلك روح المقاومة، والصبر، والإصرار على النضال، وأن يحجبوا عنك نور الشمس، وينتزعوا منك روح المقاومة، والتحدّي، وإصرارك على النصر، وحقك في الحياة.
لله درّك يا غزة، يا رافعة رأس كلّ عربي أبي، وكلّ حر في هذا العالم، بعد أن تواطأ عليك وغدر بك، وتآمر عليك أكثر من شقيق، وتخلّى عنك أكثر من صديق، وخذلك أكثر من منافق. الأصدقاء يا غزة كانوا قلائل، والأشقاء أقلّ، والمنافقون كثر لا حصر لهم. أثبتِّ للعالم كله يا أرض الأحرار، كيف يُصان الشرف والعرض والأرض، وكيف أنّ فئة صغيرة هزمت فئة كبيرة، بإيمانك، بدمائك، بشهدائك، بتضحياتك، بعنفوانك، ببطولاتك، وعلّمت الشعوب الضعيفة كلها كيف تقاوم وتستبسل وتدحر المعتدين، وفضحت الأشقاء الذين بسياساتهم سقطت على أبوابهم القيَم والمبادئ، والنخوة، وعلى أيديهم تمّ وأد الأوطان، ولم يعرفوا من قيَم الجاهلية كيف يتوحّد القوم، يتصدّون للغزاة ويدافعون عن العرض ويحفظون الديار!
معجم اللغة يا غزة لا يفي حقك لإنصافك. يا درّة التاريخ، والكرامة والشرف والنضال، والشعب العظيم، لك المجد، والعزة والحياة، والسلام والخلود وأنتِ تستحقين.