ارتفعت ديون شركات الكهرباء الحكومية التسع إلى أرقام فلكية تجاوزت 68 مليون جنيه بسبب تهرب الأندية الرياضية الكبرى عن سداد مستحقات استهلاك الكهرباء، تلك الأندية الشهيرة التي تمتلك ميزانيات ضخمة، لكنها اختارت عمداً عدم سداد فواتيرها لسنوات متتالية.
وتسببت هذه الأزمة في تفاقم التوتر بين وزارتي الكهرباء والشباب والرياضة، حيث امتنعت أندية الممتاز والدرجة الأولى عن دفع مستحقات الكهرباء بانتظام، متجاهلة تحذيرات شركات الكهرباء وتفاقم ديونها على الرغم من الإنذارات المتكررة.
اتهمت شركات الكهرباء الأندية الشهيرة بتعمد التهرب، ووجهت لها العديد من الإنذارات لسداد المديونيات المتراكمة، ولكن بدون استجابة أو نية لحل هذه الأزمة التي طالت سنوات.
ومع كل ذلك، لم تتخذ الشركات أي خطوات تصعيدية كقطع التيار الكهربائي عن الأندية المتخلفة عن السداد، واكتفت بإرسال إنذارات جديدة بلا أي تحرك فعلي على الأرض، وكأن القانون لا يطبق إلا على المواطنين العاديين، مما يزيد من الغضب الشعبي تجاه تلك الأندية التي تعيش في رفاهية وتتهرب من المسؤولية.
وجاءت الواقعة الأكثر إثارة في نادي الإسماعيلي الذي تراكمت عليه ديون تجاوزت 4 ملايين جنيه، حيث رفض النادي سداد المستحقات، رغم أن الشركة قدمت تسهيلات وطرحت حلولا لتقسيط الديون على مراحل، ولكن النادي رفض التعاون حتى اللحظة.
هذه الأزمة أثارت استياء العديد من الجماهير والمتابعين الذين يرون أن القانون يتم التغاضي عنه لصالح أندية معينة، بينما يتم معاقبة المواطنين العاديين بشكل صارم إن تخلفوا عن سداد فواتيرهم لمدة شهرين فقط.
وفي هذا السياق، كشفت البيانات الأخيرة أن نادي الزمالك يحتل الصدارة في قائمة المديونيات بمبلغ قدره 2 مليون و650 ألف جنيه، فيما جاءت ديون نادي الأهلي بـ50 ألف جنيه، وديون مركز شباب الجزيرة بـ270 ألف جنيه، مما يثير التساؤلات حول إدارة هذه الأندية لأموالها في ظل تجاهلها لسداد فواتير الكهرباء المستحقة عليها.
تفاقمت الأزمة بشكل لافت مع دخول نادي الإسماعيلي في دائرة الأندية المتهربة من السداد، حيث بلغت ديونه الإجمالية 8 ملايين جنيه تقريباً بين الاستاد والنادي الاجتماعي، في مشهد يعكس استهتار الأندية الكبيرة بمديونياتها على الرغم من الضغوط التي تواجهها شركات الكهرباء في تحصيل مستحقاتها.
ومن بين هذه الأندية، جاء نادي المصري البورسعيدي بمبلغ 1 مليون و40 ألف جنيه كديون متراكمة، فيما تراكمت مديونية نادي السويس إلى 1 مليون و569 ألف جنيه.
المفارقة الكبرى هنا، تكمن في تعامل الحكومة مع هذه الأزمة، حيث أصدر وزير الكهرباء قراراً كارثياً بإعفاء الأندية من 75% من قيمة الفواتير، وهو إجراء أثار سخطاً كبيراً بين المواطنين الذين يعانون من غرامات مضاعفة وإجراءات صارمة إن تأخروا عن سداد فواتيرهم لشهر واحد فقط، بينما تتم معاملة الأندية الكبرى بكل تهاون وتسامح.
وبالرغم من تراكم الديون، استمرت شركات الكهرباء في تقديم خدماتها للأندية المتخلفة عن السداد، ولم تقدم على اتخاذ أي إجراء حقيقي كقطع التيار أو فرض غرامات إضافية.
هذا التراخي الحكومي في مواجهة الأزمة يمثل إهانة لجموع المواطنين، ويعكس حالة من الفوضى وعدم المساواة في تطبيق القانون.
كيف يمكن تبرير عدم فصل التيار الكهربائي عن أندية تمتنع عن السداد لسنوات، بينما يتم قطع التيار فوراً عن المواطن البسيط الذي لا يستطيع دفع فاتورة بسيطة في موعدها؟
وتصدرت شركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء قائمة الشركات الأكثر مديونية تجاه الأندية الكبرى، حيث بلغت مديونية نادي الزمالك وحده 2 مليون و650 ألف جنيه.
ولم تكن شركة جنوب القاهرة الوحيدة التي تعاني، فقد جاءت شركة شمال القاهرة في المرتبة الثانية، حيث تراكمت ديون الملاعب والأندية في نطاقها الجغرافي إلى أرقام مذهلة، بلغت ذروتها في هيئة استاد القاهرة بـ29 مليون جنيه.
شركة القناة لتوزيع الكهرباء ليست ببعيدة عن الأزمة، حيث تراكمت ديون نادي الإسماعيلي وحده إلى 8 ملايين جنيه. هذا النادي الذي يمتلك قاعدة جماهيرية واسعة استغل مكانته ليتجاهل سداد الفواتير، مما أثار تساؤلات حول سبب عدم تطبيق الإجراءات القانونية بحقه.
استمرت شركات الكهرباء في تقديم خدماتها دون انقطاع، بينما تراكمت الديون بصورة أكبر وأشد تعقيداً. ولم يكن النادي الإسماعيلي وحده في هذا الوضع، بل انضم إليه نادي المصري البورسعيدي الذي بلغت ديونه مليون و40 ألف جنيه، فيما بلغت مديونية نادي السويس نحو مليون و569 ألف جنيه.
وواصلت باقي الشركات مثل شركة مصر الوسطى والبحيرة والإسكندرية تسجيل ديون متراكمة على الأندية في نطاقها الجغرافي.
الأرقام الكارثية التي تكشفها هذه البيانات تعكس وضعاً مزرياً في تعامل الأندية مع استهلاك الكهرباء، حيث بلغ إجمالي الديون المستحقة لشركة القناة وحدها 11 مليون و404 ألف جنيه.
بينما وصلت ديون الأندية في نطاق شركة شمال الدلتا إلى أكثر من 4 ملايين جنيه، مما يكشف عن حجم الأزمة التي أصبحت تهدد استمرار تقديم الخدمة دون أي حلول واقعية في الأفق.
الواقع المرير الذي تعيشه شركات الكهرباء بسبب هذه الديون المتراكمة، يشير إلى كارثة محققة إن لم تتحرك الحكومة بشكل جاد لإنهاء هذا الوضع.
وبينما تستمر الأندية في التهرب والتجاهل، يظل المواطن العادي هو الضحية الأكبر، يدفع ثمن سياسات متراخية وغير عادلة تضعف الثقة في المؤسسات الحكومية.