فضح تلاعب قصور الثقافة بإخفاء الحقائق وتجاهل إحالة المحاضر للنيابة الإدارية
تكشف الهيئة العامة لقصور الثقافة عن استمرار فضيحة فساد مالي وإداري لا يتوقف، حيث تتواصل محاولات التغطية على الفساد الممنهج الذي يهدد المال العام ويحول المؤسسة إلى بؤرة فساد تدار بالمسؤولين الذين لا يتورعون عن سرقة المال العام علنًا.
تتفاقم الأوضاع في الهيئة نتيجة التلاعب المتكرر في تقارير اللجان التي تم تشكيلها للتحقيق في المخالفات المالية والإدارية، مما يعكس حجم الفساد المتغلغل في أرجاء الهيئة.
تشكيل اللجنة في القرار رقم 551 لسنة 2022 لم يكن إلا خطوة شكلية، حيث كُلفت اللجنة بالتحقيق في تخصيم الكتب المباعة في المعارض الدولية، بالإضافة إلى جرد منفذ البيع والعهد بعد استبعاد الكتب التي استلمتها الفروع بدون اتخاذ الإجراءات المخزنية المعتمدة.
بدأت اللجنة أعمالها في 28 أغسطس 2022، بحضور سامح عزوز رئيس اللجنة، لكنه لم يكن هناك أي إشراف قانوني حيث غاب عضو الشئون القانونية، مما يشير إلى بداية التلاعب. تم تعديل تشكيل اللجنة، ليتم الاستعانة بالمحقق أحمد عبد الهادي بدلًا من رضا عبد المولي، في خطوة تكشف عن نية مبيتة لتحويل التحقيقات إلى مسار موجه.
انتهت اللجنة من أعمالها في 7 ديسمبر 2022 بعد فحص سبعة معارض دولية، ورغم أن التقارير أظهرت وجود مخالفات مالية وإدارية ضخمة، مثل عدم توريد الأموال المستحقة للهيئة، بلغ مجموعها 150 ألف جنيهًا مصريًا تقريبا ومع الأخذ في الاعتبار إختلاف قيمة الصرف للعملات الأجنبية، لم يتم اتخاذ أي إجراءات فعلية ضد المسؤولين عن هذه الجرائم.
حيث ضم المعارض المشتبه فيها: معرض الخرطوم الدولي في السودان لعام 2017، ومعرض الدار البيضاء الدولي في المغرب لعام 2018، ومعرض بلجراد الدولي في صربيا لعام 2019، ومعرض الدار البيضاء الدولي في المغرب لعام 2020، ومعرض الشارقة الدولي في الإمارات، ومعرض الرياض الدولي في السعودية، ومعرض عمان الدولي في الأردن لعامي 2020 و2021.
رفض رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية، عمرو البسيوني، اتخاذ أي خطوات جادة تجاه إحالة هذه المخالفات إلى النيابة الإدارية. بدلاً من ذلك، قام بتحويل المحاضر إلى الإدارة العامة للتفتيش المالي والإداري، مما يعني استمرار التلاعب وإخفاء الحقائق.
في خطوة مفاجئة، أصدر عمرو البسيوني مذكرة في 11 مارس 2023 يطلب فيها إحالة التقارير إلى التفتيش المالي، بالرغم من أن المخالفات كانت واضحة وصريحة، بل أن عضو التفتيش الذي تم تكليفه قد سبق وأن أثبت المخالفات في تقاريره، مما يؤكد وجود تلاعب متعمد.
عرضت الملفات على عبد الحليم مصلحي، مدير عام الإدارة العامة للتفتيش المالي والإداري، الذي قام بدوره بإحالة المحاضر إلى مصطفى محمد صلاح، مفتش لم يكن مؤهلاً للقيام بهذه المهمة، وذلك بسبب عدم تطابق بطاقة وصفه الوظيفي مع المهام المنوطة به.
تمت عملية الفحص بشكل صوري، وتم طمس الحقائق تمامًا. استمرت محاولات التغطية على الفساد من خلال تجاهل المخالفات وتقديم تقارير لا تعكس الواقع.
تم تقديم شكاوى ضد كل من محمد عنتر إبراهيم، المفتش، وسامح عزوز، رئيس اللجنة، من قبل موظفي إدارة التسويق مثل أحمد مصطفى، الذي توعد بالتهديد بإحالتهما إلى النيابة الإدارية.
رغم فحص الشكوى من قبل المفتش عبد العزيز محمود بدير، الذي لم يجد ما يدعم الادعاءات، استمرت عمليات التلاعب، مما يفضح حجم الفساد داخل الهيئة.
تقارير اللجنة، التي أثبتت مخالفات مالية جسيمة، تم طمسها بشكل كامل، مما يدل على أن المسؤولين داخل الهيئة يسعون فقط للتغطية على فسادهم.
تكشف المستندات الرسمية التي حصل موقع “أخبار الغد” علي صورة منه عن حجم الفساد الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة، حيث لم يتوقف التلاعب عند حدود المال العام بل امتد ليشمل حتى المسؤولين الذين يفرضون سلطتهم على كافة الأجهزة.
يظهر الفساد في طلب رئيس النيابة الإدارية لسيارة مع سائق رسمي من رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، ليتمكن من التنقل بشكل مجاني، ويستفيد من الهيئة في استخدام السيارة والبنزين على حسابها الخاص.
والسؤال الأهم، ما الذي يدفع رئيس النيابة الإدارية إلى تصرف كهذا؟ الجواب يكمن في أن القضايا التي تحتوي على فساد إداري ومالي يتم التستر عليها ويتم تسويفها إلى أجل غير مسمى، لأن رئيس الهيئة يستطيع أن يطير أي موظف أو قائد في الهيئة لمجرد مكالمة هاتفية. يتم اتخاذ هذه القرارات لتغطية الفساد وحماية المتورطين.
لقد أصبحت الهيئة العامة لقصور الثقافة بمثابة “عزبة” خاصة برئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية السابق، عمرو البسيوني، منذ عام 2019 ومحمد ناصف نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة الحالي.
الفساد والتستر على الجرائم المالية والإدارية أصبحا هما السمتان الرئيسيتان لهذه “العزبة” التي يدار فيها كل شيء وفق أهواء المسؤولين.
يواصل سائق الهيئة، سامح، وهو المسؤول عن نقل رئيس النيابة الإدارية يوميًا من بيته إلى النيابة في التجمع، ويعود به، هذا النمط غير المهني في استغلال موارد الهيئة لخدمة مصالح شخصية وضيقة.
هذا كله يكشف كيف تمثل الهيئة العامة لقصور الثقافة بيئة خصبة للفساد وتسييس المناصب لصالح أشخاص محددين، مما يضعف أي أمل في تحقيق العدالة أو المساءلة الحقيقية.
يستمر الفساد في التفاقم داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة، حيث يتم التلاعب بالمال العام بلا رادع، ولا يتم اتخاذ أي إجراءات حقيقية لمحاسبة المسؤولين.
يصبح من الواضح أن الفساد في الهيئة لم يعد مجرد مشاكل إدارية، بل هو عملية منظمة لنهب المال العام وإخفاء الحقائق عن أعين الرقابة والمحاسبة، وهو ما يدفع إلى التساؤل: كيف يمكن أن تستمر هذه الممارسات دون محاسبة؟