خفض العلاوة السنوية في قانون العمل الجديد يفاقم أزمة العمال وسط تضخم غير مسبوق
تقر لجنة القوى العاملة في البرلمان خفض العلاوة السنوية الدورية في مشروع قانون العمل الجديد إلى 3% من أجر الاشتراك التأميني متجاهلة بذلك الارتفاع الجنوني في معدلات التضخم الذي يلاحق المواطن في كل زاوية ومنعطف من الحياة اليومية لتسجل الأسعار معدلات غير مسبوقة لم تكن في الحسبان
تأتي هذه الخطوة كارثية بمثابة صفعة في وجه الطبقة العاملة التي باتت تحت ضغط متزايد من تداعيات التضخم الذي ضرب الاقتصاد المصري في الصميم وسجل أرقاماً مفزعة تجاوزت 25% في نوفمبر الماضي وتهوى بالجنيه إلى مستويات متدنية مقابل الدولار لتسجل قيمته أكثر من 50 جنيهاً وبدلاً من أن تنقض اللجنة لصالح حقوق العمال تزيد الأمر سوءاً بتخفيض العلاوة السنوية التي كانت تُمنح وفقاً للقانون السابق بنسبة 7% لتصبح 3% فقط
ترفض اللجنة المقترحات العمالية الرامية إلى زيادة نسبة العلاوة الدورية لمواكبة معدلات التضخم المرتفعة مما يعكس تجاهلاً صارخاً للوضع المعيشي المزري الذي يعانيه العامل المصري في ظل هذه الظروف الاستثنائية ويعبر النائب إيهاب منصور عن استنكاره لقرار اللجنة ويربط بين تراجع العلاوة وتدني الأجور في القطاع الخاص التي لا تلتزم كثير من المنشآت بتطبيق الحد الأدنى للأجور البالغ 6 آلاف جنيه متجاهلة بذلك أبسط حقوق العمال في الحياة الكريمة
تبتعد اللجنة عن المعالجة الحقيقية للمشكلات الهيكلية في سوق العمل وتكتفي بإجراءات سطحية لا تلبي تطلعات العاملين وأسرهم وفي الوقت نفسه تشرع في قوانين تساهم في تقويض حقوق العمال بدلًا من حماية مصالحهم فرفض اللجنة تعزيز قدرة العمال على الإضراب يُعد بمثابة قمع موجه ضد الحقوق الدستورية والقانونية للعمال في التعبير عن احتجاجاتهم ضد الظلم الذي يتعرضون له في أماكن العمل
تعترف اللجنة بحقوق العمال في حالات تصفية المنشآت أو إفلاسها ولكن تضع شروطًا معقدة تكاد تكون غير قابلة للتطبيق مما يجعل حقوق العاملين عرضة للضياع بشكل أكبر وتحاول الحكومة من خلال هذه الإجراءات أن تضغط على الطبقة العاملة بمزيد من القيود التي تمنع أي تحرك جماعي أو احتجاج ضد الظروف المعيشية القاسية التي فرضتها الأزمة الاقتصادية الحالية
تبتعد الحكومة عن دعوات لتوسيع نطاق التشاور المجتمعي حول هذه التعديلات مما يثير حفيظة العديد من النقابات العمالية ومنظمات المجتمع المدني التي أكدت على ضرورة أن تكون هناك جلسات استماع تعكس بشكل حقيقي مواقف القوى العمالية في مواجهة هذه التعديلات القاسية التي تضر بمصالحهم وتزيد من تدهور أوضاعهم المعيشية
يُعد هذا القانون الجديد نقطة فاصلة في تاريخ قوانين العمل في مصر ويؤسس لمزيد من القمع الاقتصادي والاجتماعي الذي يدفع العمال المصريين ثمناً باهظاً له دون أي أفق لتغيير حقيقي ينتشلهم من هذا الواقع المأساوي