تثير شركة أبوقير للأسمدة والصناعات الكيماوية، وهي لاعب أساسي في صناعة الأسمدة النيتروجينية في مصر والشرق الأوسط، تساؤلات عديدة حول أدائها الحقيقي على الرغم من الأرقام الباهرة التي تعلنها.
وتواجه الشركة تحديات تشغيلية وإدارية خطيرة تهدد استدامة نجاحها، كما كشفت عنها التقارير المالية للأعوام الأخيرة. يُظهر التقرير المالي الأخير للعام المنتهي في 2024 بوضوح وجود فجوات كبيرة بين الأهداف المعلنة والواقع التشغيلي للشركة.
تحقق الشركة إيرادات ضخمة مع تراجع في الربحية
تعلن شركة أبوقير للأسمدة عن إيرادات بلغت 18.53 مليار جنيه لعام 2024، لكنها تعاني من انخفاض ملحوظ في الربحية. يسجل التقرير انخفاضاً بنسبة 14.4% مقارنة بالعام السابق، في حين تراجع صافي الربح إلى 13.5 مليار جنيه بنسبة انخفاض 3.9%.
يظهر هامش الربح الإجمالي انخفاضاً كبيراً، حيث تراجع من 58.56% إلى 44.99%. تكشف هذه الأرقام عن وجود تباين واضح بين الإيرادات المرتفعة والأرباح المتراجعة، ما يعكس مشكلات عميقة في إدارة الموارد وكفاءة العمليات.
تواجه الشركة تحديات في الإنتاج
تعترف الشركة بزيادة الإنتاج بنسبة 9% مقارنة بما كان مخططاً له، إلا أن الحقيقة تكشف عن تراجع بنسبة 5% في الإنتاج الفعلي مقارنة بالعام السابق.
يعود هذا التراجع إلى توقف مصنع “أبوقير (1)” بسبب إجراء صيانة طويلة. وفي المقابل، ارتفعت تكاليف الإنتاج بنسبة 12.73% لتصل إلى 10.19 مليار جنيه. يمثل هذا الارتفاع نتيجة لزيادة أسعار الغاز الطبيعي وتذبذب سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، ما يضاعف من الأعباء المالية على الشركة.
يكشف الجهاز المركزي للمحاسبات عن مخالفات مالية واضحة
يرصد الجهاز المركزي للمحاسبات مخالفات مالية جسيمة في تقارير الشركة، تتمثل في الإنفاق الضخم على مشاريع لم تحقق العوائد المتوقعة.
يأتي على رأس هذه المشاريع مشروع خفض انبعاثات الكربون ومشروعات شمال أبوقير للمغذيات الزراعية، التي بلغت تكلفتها نحو 380 مليون جنيه دون توضيح للعائد المنتظر. يضعف هذا من ثقة المستثمرين والإدارة العليا في قدرة الشركة على تحقيق عوائد ملموسة من استثماراتها.
تعاني الشركة من تراجع الإنتاجية مع ارتفاع تكاليف الموظفين
يبلغ عدد موظفي الشركة 2493 موظفاً، إلا أن التقرير أظهر تراجعاً في الإنتاجية على الرغم من هذا العدد الكبير. تتحمل ميزانية الشركة تكاليف إدارية متزايدة دون تقديم قيمة مضافة حقيقية.
يمثل ذلك ضغطاً كبيراً على موارد الشركة، ويثير تساؤلات حول كفاءة الإدارة في إدارة الموارد البشرية وضبط الإنفاق الإداري.
يشهد التقرير تأخيراً في المشاريع الكبرى وسوء إدارة للموارد
يكشف التقرير عن تأخير عدد من المشاريع الكبرى التي كان من المفترض أن تعزز من قدرة الشركة الإنتاجية وتنوع منتجاتها. على سبيل المثال، تأخر الانتهاء من مشروع مصنع “أبوقير (3)” ومشروع الأسمدة الفوسفاتية في الوادي الجديد، ما يعكس سوء تخطيط وإدارة للموارد. يؤدي هذا التأخير إلى زيادة التكاليف وتراجع الفرص المستقبلية للشركة في زيادة حصتها السوقية.
تواجه الشركة صعوبات في إدارة الأصول
تمتلك شركة أبوقير للأسمدة أصولاً ضخمة، بما في ذلك أراضٍ مستأجرة لشركات مثل شركة الإسكندرية للأسمدة. إلا أن الشركة تواجه صعوبات في تحقيق عوائد مجزية من هذه الأصول.
يُظهر التقرير عدم استغلال هذه الأصول بشكل كافٍ لتحقيق أرباح ملموسة، ما يزيد من ضغوط التشغيل على الشركة.
تعاني مبيعات اليوريا من انخفاض حاد
يتناول التقرير تراجعاً حاداً في مبيعات اليوريا، حيث انخفضت مبيعات اليوريا المخصوص بنسبة 18%، فيما تراجعت مبيعات اليوريا العادية بنسبة 12%.
تُركز الشركة بشكل كبير على التصدير، ما أدى إلى إهمال السوق المحلية. هذا التوجه يؤثر سلباً على سمعة الشركة كمورد رئيسي للأسمدة في مصر ويضعف من قدرتها على تلبية الطلب المحلي.
ترتفع المصروفات الإدارية دون قيمة مضافة حقيقية
يشهد التقرير زيادة كبيرة في المصروفات الإدارية والعمومية، حيث بلغت 110.28 مليون جنيه، دون تقديم أي قيمة مضافة ملموسة. تثير هذه الزيادة الكبيرة تساؤلات حول كفاءة الإدارة المالية، وقدرتها على التحكم في تكاليف التشغيل بشكل فعال.
يظل التساؤل حول قدرة الإدارة على مواجهة التحديات
رغم الأرقام الكبيرة التي توردها الشركة في تقاريرها المالية، إلا أن شركة أبوقير للأسمدة تواجه تحديات خطيرة على مستوى الإدارة والاستدامة التشغيلية.
إذا لم تتخذ الإدارة الحالية خطوات جذرية لإصلاح المشكلات الهيكلية وتحسين كفاءة العمليات، فقد تواجه الشركة مستقبلاً مليئاً بالأزمات. يظل السؤال الأهم: هل الإدارة الحالية قادرة على قيادة الشركة نحو مستقبل أكثر استقراراً وفاعلية؟