تقاريرمصر

تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات تكشف عن إهدار 30 مليون يورو بمشروع آثار الأقصر والأهرامات

كشفت تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات عن وقائع فساد صارخة في مشروع تأمين وحماية الآثار بالبر الغربي بالأقصر ومنطقة أهرامات الجيزة، والتي أهدرت خلالها ملايين من أموال الدولة.

كشف الفحص عن تجاوزات ضخمة تسببت في إهدار 30 مليون يورو، ما يعادل نحو 875 مليون جنيه، في هذا المشروع الذي كان من المفترض أن يساهم في حماية المواقع الأثرية المصرية.

انطلقت هذه القصة من توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة التعاون الدولي في مصر ووزارة الاقتصاد والمالية الإسبانية، والتي وافق خلالها المجلس الأعلى للآثار على قبول قرض بقيمة 30 مليون يورو من الحكومة الإسبانية.

كان الهدف من القرض هو تأمين وحماية الآثار في كل من الأقصر وأهرامات الجيزة عبر توريد معدات وأعمال تدريب، وتنفيذ الأعمال عبر شركة إسبانية.

لكن المشروع الذي كان من المفترض أن ينتهي في 2019، واجه العديد من المشكلات، بما في ذلك توقف العمل في عام 2018 بسبب التحقيقات القضائية الإسبانية التي طالت الشركة المنفذة.

أدى التوقف المفاجئ للعمل إلى تدخل الحكومة الإسبانية لتكليف شركة إسبانية أخرى لاستكمال المشروع دون تحميل وزارة السياحة والآثار المصرية أي أعباء مالية إضافية.

ورغم ذلك، أظهر تقرير جهاز المحاسبات أن الأموال التي تم صرفها على المشروع لم تحقق الفائدة المرجوة، حيث تم تنفيذ 95% فقط من الأعمال في الأقصر، بينما لم يتجاوز تنفيذ الأعمال في منطقة الأهرامات 30%.

كشف تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن العديد من النقاط السلبية التي تضمنها المشروع، حيث تم إيداع المعدات التي تم توريدها في حاويات دون استفادة منها.

كما تم تركيب معدات وأجهزة في أماكن غير مؤهلة، مثل بوابات مخرج الهرم التي تم تركيبها عبر محافظة الفيوم دون تحضير الأرض لتثبيت الصدادات بشكل صحيح. إلى جانب ذلك، تم إهمال تأمين المعدات من السرقة، ما أدى إلى تعرض بعضها للتلف أو الضياع.

أوضح التقرير أن النظام الأمني في الأقصر لم يكن قد اكتمل، حيث لم يتم تركيب بعض الأجهزة الحيوية مثل وحدات “إكس راي” والتفتيش الإلكتروني في معابد الأقصر وحتشبسوت ووادي الملوك، كما أن الأعمال الخاصة بنظام التذاكر الإلكترونية والإضاءة كانت قد توقفت ولم يتم استكمالها.

كما انتقد الجهاز عدم اتخاذ أي إجراءات قانونية ضد الشركة الإسبانية بسبب توقفها عن استكمال الأعمال منذ ثلاث سنوات، وتوقف جميع الأعمال بسبب عدم تفعيل ما تم تنفيذه بالفعل.

بالإضافة إلى ذلك، أشار الجهاز إلى عدم تنفيذ بعض الأعمال المتعلقة بالكابلات داخل الأهرامات ونظام المراقبة داخل المواقع الأثرية، التي كانت قد أُنفقت عليها مبالغ ضخمة ولم تؤدِّ إلى أي فائدة.

لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد. فقد كشف تقرير الجهاز عن فضيحة أخرى تتعلق بتجاوزات مالية ضخمة، حيث تمت الإشارة إلى صرف 480 مليون جنيه من قبل الحكومة على مشاريع وسفريات خارجية.

كشف التقرير عن أن هذه الأموال تم صرفها على رحلات متعددة لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي ووزرائه، بالإضافة إلى مستشاريهم، حيث تراوحت تلك الرحلات بين دول الخليج وأفريقيا وأوروبا وأمريكا، ما أدى إلى إنفاق هذه المبالغ دون أي فائدة ملموسة للمواطنين أو الاقتصاد المصري.

وبلغت جملة أيام السفر نحو 180 يومًا، وهو ما تسبب في غياب رئيس الوزراء عن البلاد لفترات طويلة رغم الظروف التي كانت تتطلب تواجده لحل مشكلات المواطنين.

تسائل الجهاز المركزي للمحاسبات عن كيفية صرف هذه الأموال، حيث عجز رئيس الحكومة عن تقديم مستندات تؤكد كيفية صرفها، في الوقت الذي تمت فيه تبرئة وزارة المالية من تهمة الإهدار، ما يدل على أن هذه الأموال كانت تحت تصرف رئيس الحكومة مباشرة.

وقد أشار تقرير وزير المالية السابق إلى أن هذه الأموال كانت قد صرفت بشكل غير شفاف، دون أن يتمكن من توضيح أسباب صرفها.

انتقد الجهاز أيضًا عدم اتخاذ الحكومة أي إجراءات حاسمة لمحاسبة المسؤولين عن هذه التجاوزات المالية، حيث بقيت القضية عالقة دون محاسبة حقيقية لأي من المتورطين في إهدار هذه الأموال.

وقال الجهاز إن الحكومة تعاملت مع هذه الفضيحة وكأنها مجرد حدث عابر، حيث لم يتم اتخاذ أي خطوات لتصحيح الأوضاع أو محاسبة المسؤولين عن تبديد المال العام.

في ضوء هذه التجاوزات، طالب تقرير جهاز المحاسبات بضرورة تشكيل لجنة خاصة لتقصي الحقائق والتحقيق في جميع ملفات القروض الخارجية لمصر، مع التركيز على معرفة كيفية إنفاق هذه القروض وأسباب عدم استفادة البلاد منها على الوجه الأمثل.

كما دعا التقرير إلى ضرورة وضع آليات لتحديد أولويات الإنفاق العام وتحديد معدلات أداء يمكن من خلالها تقييم الأنشطة الحكومية بشكل دقيق وفعّال.

وفي ختام التقرير، تساءل جهاز المحاسبات عن الإجراءات التي تم اتخاذها لتحصيل الديون المستحقة على الحكومة، وأكد على ضرورة محاسبة كل من ساهم في إهدار هذه المليارات من المال العام.

كما أشار إلى أن الحكومة بحاجة إلى إعادة النظر في سياساتها المالية والاقتصادية لتحقيق استفادة أكبر من الأموال العامة والتأكد من عدم إهدارها في مشاريع فاشلة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى