في حادثة جديدة تكشف عن حالة من الفوضى والتقصير الحكومي داخل أحد المنشآت الحيوية في مصر، أعلنت شركة مطار القاهرة الدولي عن تسريب محدود للمياه في إحدى المناطق المحيطة بمبنى الركاب رقم 2 في المطار.
الحادث الذي وقع مساء يوم الاثنين في تمام الساعة السابعة والنصف، يثير العديد من التساؤلات حول المستوى المتدني للإدارة في المرافق الحكومية ومدى جدية الجهات المسؤولة في ضمان سلامة المنشآت الحيوية في البلاد.
البيان الذي أصدرته الشركة على مواقع التواصل الاجتماعي، لم يكن كافياً لطمأنة المواطنين أو المتابعين لهذه الحادثة، بل جاء ليكشف عن حجم التقاعس والإهمال في معالجة مثل هذه الحالات.
حيث أوضح البيان أن تسريب المياه حدث نتيجة “تشغيل غير مقصود لإحدى رشاشات المياه التابعة لمنظومة الحماية المدنية”، وهو تبرير يبدو غير مقنع بالنظر إلى الأضرار التي قد يترتب عليها مثل هذا الحادث في مكان حساس مثل مطار القاهرة، الذي يعتبر البوابة الرئيسية لمصر ويخدم الملايين من المسافرين سنويًا.
وبعد وقوع الحادث مباشرة، أعلنت إدارة المطار أن فرق الصيانة قامت بالتحرك سريعاً إلى موقع التسريب، وتمكنت من السيطرة عليه، إلا أن هذا الحادث يسلط الضوء على مشكلة أكبر وهي غياب الإجراءات الوقائية والرقابية اللازمة لمنع حدوث مثل هذه الحوادث في المقام الأول.
التسريب لم يكن حادثاً معزولاً، بل هو بمثابة نتيجة حتمية لسوء التخطيط والإدارة في مرافق حيوية تمثل واجهة مصر أمام العالم. ورغم التصريحات التي كانت تركز على الحد من الأضرار، لم يذكر أي منها إشارة إلى التحقيق في الأسباب الرئيسية لهذا الخلل أو محاسبة المسؤولين عن وقوعه.
وبعد أن أعلن المطار عن السيطرة على الحادث، بقي السؤال الأهم دون إجابة: كيف لم يتمكن النظام الذي يعنى بحماية هذا المرفق من العمل كما هو مفترض؟ التسريب الذي لم يكن سوى نتيجة لخلل في رشاشات المياه، هو أمر يمكن تداركه بسهولة في أنظمة تم تصميمها خصيصًا لتفادي مثل هذه الحوادث.
لكن في ظل غياب الرقابة الكافية، وتفشي الإهمال في جميع القطاعات الحكومية، فإن الحادثة تكشف عن هشاشة الأنظمة الإدارية والتقنية في مرافق الدولة.
من جهة أخرى، لم تقدم الحكومة المصرية حتى الآن أي توضيحات رسمية أو اعتذار عن هذا الحادث الذي يثير القلق في أوساط الرأي العام. وكأن الأمر لا يتعدى مجرد تسريب بسيط، في وقت يجب فيه على الحكومة أن تكون أكثر شفافية وتواضعًا في التعامل مع مثل هذه الأحداث.
رغم أنها تملك من الموارد ما يتيح لها تحسين البنية التحتية لهذه المنشآت وتطويرها بما يتناسب مع المعايير العالمية، فإن التقاعس والتقليل من حجم المشكلة يتناقض مع ما يجب أن يكون عليه التعامل مع مثل هذه الحوادث.
وفي وقت تسعى فيه الحكومة المصرية لتعزيز مكانتها الاقتصادية والسياحية في العالم، فإن هذا الحادث يعكس صورة مغايرة تماماً عن قدرة الحكومة على إدارة المنشآت الحيوية بشكل سليم.
من المؤسف أن المطار، الذي يعتبر نقطة الدخول الأساسية للمسافرين، يعاني من قصور في صيانة أنظمته، وتزايد حوادث الإهمال التي تمس سمعة مصر على الصعيد الدولي. في ظل هذه الظروف، يصبح من الصعب أن يتوقع المواطن أو الزائر أي نوع من التحسينات على المدى القريب.
السؤال الأبرز الذي يطرح نفسه الآن هو: هل هناك أي محاسبة حقيقية على هذه الحوادث التي تعكس فسادًا واضحًا في إدارة المنشآت الحكومية؟ وهل سيستمر هذا الوضع الذي يتسبب في إضاعة موارد الدولة؟ جميع هذه التساؤلات تفتح الباب أمام مشهد أكبر من مجرد تسريب مياه، فالقضية تتعلق أساسًا بنظام فاسد يفتقر إلى المساءلة، وغياب الرقابة يؤدي إلى تدهور الخدمات في أبرز المنشآت الحكومية.
ما حدث في مطار القاهرة ليس مجرد حادث عابر، بل هو مؤشر قوي على مدى الفشل الحكومي في إدارة مرافق الدولة الحيوية. وبدلاً من اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث، نرى تصريحات جوفاء تكتفي بالحديث عن “التحكم” و”السيطرة” دون أن يتم تسليط الضوء على الأسباب الحقيقية لهذه الأعطال.
فعلى الحكومة أن تتحمل المسؤولية كاملة عن ما حدث، وأن تتحرك بشكل جاد لتصحيح مسار إدارة هذه المنشآت الهامة، خاصة أن هذا النوع من الحوادث قد يتكرر إذا لم يتم اتخاذ خطوات حاسمة للتصدي لمشكلات الإهمال التي تعاني منها جميع القطاعات.
والحادث الأخير في مطار القاهرة يسلط الضوء على واقع مرير يعكس الفساد الإداري والتقصير المتزايد في الحكومة المصرية. التسريب الذي حدث كان بمثابة ناقوس خطر يدق في وجه كل من يعتقد أن الأمور تسير على ما يرام في مصر.