تقاريرثقافة وفنون

فضيحة توزيع مكافآت إقليم جنوب الصعيد الثقافي سرقة للمال العام وسط المحسوبية

في مشهد لا يصدق من الفساد الإداري والمالي الذي يطال كافة مفاصل الهيئة العامة لقصور الثقافة، يظهر إقليم جنوب الصعيد الثقافي باعتباره بؤرة للفساد والمحسوبية والإهدار الممنهج للمال العام.

حيث تضاف الفضيحة الجديدة في سلسلة طويلة من الانتهاكات التي يطالها هذا القطاع، وخاصة في الفترة من 1 يناير 2023 وحتى ديسمبر 2024.

الفساد الذي يرتكبه مسؤولو الهيئة يتجلى في توزيع المكافآت التشجيعية التي تمثل جزءًا من أموال الدولة المخصصة لتشجيع العاملين وتقدير جهودهم، ولكن الواقع يكشف عن عملية سرقة علنية للمال العام وتحويل تلك المكافآت إلى مكافآت مجاملة لأشخاص بعينهم.

يبدأ التحقيق في هذه القضية من عند عماد فتحي مدبولي، رئيس إقليم جنوب الصعيد الثقافي، الذي كان يوزع المكافآت التشجيعية بطريقة بعيدة تمامًا عن أي معايير شفافة أو عادلة.

المكافأة السنوية المقررة لكل إقليم كانت 200 ألف جنيه، وبحسب النظام المفترض كان يجب توزيع هذه المبالغ على الفروع الأربعة التابعة للإقليم.

لكن ما حدث كان بعيدًا تمامًا عن هذا النظام، حيث كان عماد فتحي يوزع 10 آلاف جنيه فقط على كل فرع من الفروع، بينما كانت الـ 160 ألف جنيه المتبقية تتوزع بين المقربين والحبايب، في مخالفة صارخة لمبادئ العدالة والمساواة.

لم تقتصر الأمور على هذا الحد، بل وصل الأمر إلى توزيع مكافآت تصل إلى 5000 جنيه لكل شخص من هؤلاء المقربين، في حين كانت مكافآت المديرين والموظفين الآخرون تتراوح في الغالب بين أرقام متدنية للغاية.

وفي الوقت الذي كانت فيه الأموال المخصصة للمكافآت تُسرق علنًا، لم يتورع عماد فتحي عن صرف مكافأة شخصية له بقيمة 8000 جنيه، في إشارة إلى مدى الفساد الذي يسيطر على إدارة الإقليم.

لكن الفضيحة لا تتوقف عند هذا الحد، فقد كشف بعض موظفي إقليم جنوب الصعيد الثقافي عن مطالبهم التي تم تقديمها إلى محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، بتكليف لجنة تفتيش برئاسة عبدالحليم سعيد للقيام بمراجعة دقيقة لتوزيع المكافآت التشجيعية في الإقليم.

تلك المكافآت التي تم صرفها لكل من هشام عز الدين العمارى، مدير إدارة الحمامات، ونريمان حشمت، وعثمان مكي، وحسام محمد صالح، ويوسف محمود، وعماد فتحي مدبولي، على مدار عامين تقريبًا، من أجل الكشف عن حجم الفساد الذي تم داخل الإقليم.

الغريب في الأمر هو أن هؤلاء المسؤولين لم يقتصر تقاعسهم على عدم تأدية مهامهم على الوجه الأكمل، بل إن هناك تأخيرًا واضحًا في صرف مستحقات العاملين والمحاضرين في الإقليم، فضلاً عن تأجيل العديد من المستندات المالية للسنوات المالية التالية، وهو ما يثبت أن هناك تلاعبًا كبيرًا في الأموال العامة.

ورغم هذا التقاعس، قام عماد فتحي بتوزيع مكافآت لا تقل عن تلك التي قد يحصل عليها مديرو العموم أو حتى رؤساء الإدارات المركزية، مما يفضح حجم المجاملات والمحسوبيات التي تحدث داخل الهيئة.

إن هذه الفضائح تسلط الضوء على مدى الإهمال والتخبط في العمل الإداري داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة، وتكشف عن فساد إداري لا يمكن السكوت عنه.

فإقليم جنوب الصعيد الثقافي الذي من المفترض أن يكون منارة ثقافية وأداة لتطوير المواهب والفنون في تلك المنطقة، أصبح بمثابة بؤرة للفساد، حيث يتم استخدام الأموال العامة كوسيلة للانتفاع الشخصي للمقربين من المسؤولين.

إن حجم الإهدار في المال العام في هذا الإقليم يتطلب تدخلًا فوريًا من الجهات الرقابية للتحقيق في هذه الانتهاكات ومعاقبة كل من تورط في هذه الجرائم.

الموظفون في إقليم جنوب الصعيد الثقافي يؤكدون أن هذه المكافآت التشجيعية لم تقتصر على أشخاص مؤهلين أو ذوي كفاءة، بل تم توزيعها وفقًا للمجاملات والشللية، في وقت كان فيه معظم العاملين في الإقليم يعانون من تأخر مستحقاتهم.

هذا التفشي في المحسوبية والمجاملات يضر بصورة الهيئة العامة لقصور الثقافة بشكل كبير ويقوض من مصداقيتها أمام الرأي العام. لم يعد الفساد خفيًا أو مقتصرًا على خطوات صغيرة، بل أصبح أمرًا واضحًا ومكشوفًا للعامة، وهو ما يتطلب تدخلاً حازمًا من كافة الجهات المعنية.

في ضوء ذلك، فإن السؤال المطروح اليوم هو: كيف يمكن للهيئة العامة لقصور الثقافة أن تروج للثقافة والفن وتدعم المبدعين في ظل هذا الوضع المزري؟ كيف يمكن للموارد المالية التي من المفترض أن تدعم الأنشطة الثقافية أن يتم استغلالها في المكافآت الشخصية للمسؤولين المقربين؟

هذه الأسئلة بحاجة إلى إجابات شافية، ولكن من الواضح أن الفساد المستشري في إقليم جنوب الصعيد الثقافي قد أضر بسمعة الهيئة وحولها إلى منصة لتوزيع الأموال العامة على الحبايب والمقربين.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى