في وقت تتفاقم فيه الأزمات الاقتصادية في مصر، واصل النظام الحاكم العمل على توقيع صفقات استثمارية مشبوهة مع دول خليجية، على رأسها الإمارات وقطر، بينما يغرق الشعب المصري في أزمات اقتصادية خانقة، وحالة من الفقر والبطالة.
في خطوة جديدة، تستعد الحكومة المصرية للإعلان عن صفقات استثمارية ضخمة بالشراكة مع دولة قطر خلال شهر يناير المقبل، في عدة قطاعات حيوية تتجاوز قيمتها 5 مليارات دولار، لتضاف إلى سلسلة من الصفقات المشبوهة التي تكرس تبعية الاقتصاد المصري لدول الخليج.
الصفقات الجديدة: استثمار مشبوه في قطاعات حيوية
فإن هذه الصفقات تتضمن مشروعات ضخمة في قطاعات متعددة تشمل الصناعة والسياحة والعقارات وتجميع السيارات والموانئ والمناطق اللوجستية والطاقة الجديدة والمتجددة والصناعات الغذائية.
هذه المشاريع ستتركز في مناطق حيوية مثل قناة السويس والساحل الشمالي الغربي والعاصمة الإدارية الجديدة. لكن الحقيقة أن هذه الصفقات لن تؤدي إلا إلى تكريس السيادة الاقتصادية لدول خليجية على حساب مصلحة المواطن المصري.
إمارات وقطر تستحوذان على اقتصاد مصر
لن تكون هذه الاستثمارات الأولى لدول الخليج في مصر، فقد سبق أن أعلنت الحكومة في فبراير من العام الجاري عن صفقة استثمارية ضخمة مع شركة “مُدن القابضة” الإماراتية، التي استحوذت على حقوق تطوير مشروع رأس الحكمة في الساحل الشمالي الغربي مقابل 24 مليار دولار.
كما أضافت الإمارات 11 مليار دولار كودائع لصالح البنك المركزي المصري، ليصل إجمالي قيمة الصفقة إلى 35 مليار دولار. لكن لا يبدو أن الحكومة المصرية مستعدة للحد من هذه التبعية الاقتصادية، بل يبدو أنها تفتح المزيد من الأبواب أمام المزيد من الاستثمارات الأجنبية التي تزداد السيطرة فيها على قطاعات حيوية ومهمة في الدولة.
مشروع عقاري ضخم على غرار رأس الحكمة
كما أشار المصدر نفسه إلى أن إجمالي الاستثمارات القطرية في مصر خلال الفترة المقبلة سيتجاوز 5 مليارات دولار، حيث ستنفذ قطر مشروعًا عقاريًا ضخمًا في الساحل الشمالي الغربي على غرار رأس الحكمة، التي ستكون الإمارات مسؤولة عن تطويرها.
هذا المشروع العقاري الذي سيضيف مزيدًا من السيطرة الإماراتية على الأراضي المصرية، يعتبر مثالًا آخر على كيفية السماح للأجانب بالتحكم في الأراضي والمشروعات العقارية المهمة في وقت يعاني فيه القطاع العقاري المحلي من تراجع كبير.
رخصة ذهبية للشركات القطرية
في خطوة مريبة، أصدرت الحكومة تعليمات بمنح الشركات القطرية التي سيتم شراؤها أو إنشاؤها في الفترة المقبلة “الرخصة الذهبية”، وهو ما يعني أن هذه الشركات ستحظى بجميع التسهيلات اللازمة للعمل في السوق المصري دون أي عقبات أو شروط.
هذا الإجراء يعتبر تكريسًا لتفضيل الشركات الأجنبية على الشركات المصرية، ويشكل ضربة أخرى للاقتصاد الوطني. فبدلاً من توفير بيئة تنافسية عادلة تشجع الشركات المحلية على التوسع والنمو، تقوم الحكومة بتسخير جميع موارد الدولة لصالح المستثمرين الأجانب، بما في ذلك رجال الأعمال القطريين.
لقاء رئيس الحكومة مع أمير قطر: خطوة أخرى نحو التبعية الاقتصادية
في 7 ديسمبر الجاري، عقد رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي لقاءً مع أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني، على هامش منتدى الدوحة 2024. وخلال اللقاء، تم الاتفاق على فتح آفاق جديدة لجذب المزيد من الاستثمارات القطرية إلى مصر.
هذا اللقاء ليس إلا جزءًا من سلسلة من المحاولات التي تقوم بها الحكومة المصرية للاستفادة من الأموال الخليجية، مع تجاهل تام لاحتياجات الشعب المصري. الحكومة تعمل على استرضاء دول الخليج لتحقيق مصالحها الشخصية، بينما الشعب المصري يدفع الثمن غاليًا في ظل تدهور الظروف المعيشية وارتفاع الأسعار.
الفساد الحكومي والتواطؤ مع دول الخليج
هذا التوجه الحكومي في فتح الأسواق المصرية للاستثمارات الأجنبية يشير بوضوح إلى وجود فساد مستشري في مؤسسات الدولة.
فبدلاً من تحقيق مصالح الشعب المصري وتحسين الوضع الاقتصادي من خلال سياسات شفافة ومحاسبة صارمة للفساد، نجد الحكومة تتعاون مع الدول الخليجية لتحقيق مصالحها الخاصة. هذا الوضع يعكس فشل الحكومة الذريع في اتخاذ خطوات حقيقية للنهوض بالاقتصاد المصري ويبرز تحكم رجال الأعمال في اتخاذ القرارات الاقتصادية الهامة.
إن الاستثمارات القطرية التي يتم الإعلان عنها في الوقت الراهن قد تكون بمثابة أدوات للسيطرة على قطاعات حيوية ومناطق استراتيجية في مصر، مما يساهم في تعميق التبعية الاقتصادية.
فالصفقات التي يتم توقيعها مع قطر والإمارات ليست في مصلحة مصر بقدر ما هي في مصلحة تلك الدول التي تستفيد من الموارد المصرية في مقابل وعود زائفة بتحسين الأوضاع الاقتصادية.
حكومة تتحايل على الشعب
وفي حين أن الحكومة تدعي أنها تسعى إلى تحسين الاقتصاد من خلال هذه الاستثمارات، فإن الواقع يشير إلى عكس ذلك تمامًا. في ظل هذه الصفقات التي تُمنح فيها التسهيلات للشركات الأجنبية، يعاني المواطن المصري من ضغوط اقتصادية شديدة من جراء ارتفاع أسعار السلع والخدمات وتراجع قيمة الجنيه المصري.
الحكومة تستمر في تجاهل مطالب الشعب وتضحي بمصلحة الوطن من أجل إرضاء دول الخليج التي يبدو أنها أصبحت تتحكم بشكل متزايد في اقتصاد البلاد.
إن الصفقات الاستثمارية مع قطر والإمارات، رغم المبالغ الضخمة التي يتم الإعلان عنها، لا تمثل إلا وسيلة جديدة لتعميق تبعية الاقتصاد المصري للخارج. إن هذه الاستثمارات ليست في مصلحة المواطن المصري، بل هي مجرد أداة للفساد الحكومي ولتعزيز نفوذ الدول الخليجية في مصر.
بينما يعيش الشعب المصري في معاناة اقتصادية متزايدة، تستمر الحكومة في السير في طريق الفشل والفساد، دون أن تحمل هذه الصفقات أي فائدة حقيقية للاقتصاد المصري.