في خطوة مثيرة للجدل، بدأت رابطة الأندية المحترفة في مصر تحركاتها الحثيثة لاستعادة الحضور الجماهيري بكامل طاقتهم الاستيعابية في مباريات الدوري الممتاز، وهي الخطوة التي تثير الكثير من التساؤلات حول مدى جاهزية النظام الأمني والتنظيمي لهذه العودة، وخاصة بعد فترة طويلة من غياب الجمهور بسبب الأوضاع الأمنية الحساسة والتحديات الصحية التي شهدتها البلاد.
وتأتي هذه التحركات في وقت حساس، حيث يتزامن مع التوقعات المرتبطة بوعود مجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة القدم الجديد، الذي يرأسه هاني أبو ريدة، بتعزيز الحضور الجماهيري في الملاعب بشكل أكبر، رغم الوعود السابقة التي لم تكن دائمًا ذات مصداقية.
الوعود التي تُستغل سياسيًا: هل هي مجرد تصريحات إعلامية؟
رغم التأكيدات المتتالية من مجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة القدم بقيادة هاني أبو ريدة، والذي أبدى اهتمامًا خاصًا بعودة الجماهير، فإن هناك شكوكًا قوية حول صدق هذه الوعود، خاصةً في ظل الظروف الحالية التي قد تجعل تنفيذ هذه الوعود أمرًا معقدًا.
فقد ظهرت علامات استفهام حول العلاقة بين الاتحاد المصري لكرة القدم، رابطة الأندية المحترفة، ووزارة الشباب والرياضة، فيما يبدو أنها عملية “تنسيق شكلي” تهدف في المقام الأول إلى تجميل صورة الجهات المعنية أمام الرأي العام، أكثر من كونها خطة حقيقية تهدف إلى تعزيز سلامة الجمهور ونجاح التجربة.
هل تمت معالجة الملفات الأمنية بشكل جاد؟
على الرغم من التأكيدات المستمرة من رابطة الأندية المحترفة بأنها تعمل جنبًا إلى جنب مع الأجهزة الأمنية لضمان تأمين المباريات وحماية سلامة الجماهير، فإن الوضع الأمني لا يزال يشكل تحديًا كبيرًا. العلاقات المشبوهة بين الأندية وبعض الجهات الأمنية، والتي قد تتسبب في تجاوزات أو ثغرات أمنية قد تعرقل سير المباريات بشكل سلس، تثير القلق.
هناك من يشير إلى أن هذا التعاون الأمني ليس سوى خطوة لتخفيف الضغوط السياسية والاقتصادية عن الحكومة، وليس لتحسين الأوضاع الحقيقية داخل الملاعب. وما يثير التساؤل أيضًا هو هل تمت معالجة المخاوف الأمنية المتعلقة بالاكتظاظ الجماهيري، الذي قد يفاقم الوضع، أم أن هناك استهتارًا بالأمور الأمنية؟
“تذكرتي”: العملية المشبوهة للبيع والتوزيع
وتعد شركة “تذكرتي” التي تشرف على عملية بيع التذاكر هي أحد الأضلاع الرئيسية في خطة الرابطة لعودة الجماهير، ولكن هناك العديد من التحفظات على سياسات هذه الشركة، خاصة فيما يتعلق بالنظام الإلكتروني لبيع التذاكر، الذي يواجه العديد من المشاكل الفنية والبيروقراطية.
من الواضح أن الشركة لم تتمكن بعد من تقديم حلول فعالة للمشاكل المتكررة التي تطرأ على عملية بيع التذاكر، سواء في الملاعب الكبرى أو حتى في المباريات التي لا تحظى بإقبال جماهيري كبير.
إن تصريحات المسؤولين في رابطة الأندية المحترفة بأنهم يعملون على تحسين التجربة الإلكترونية للجماهير لم تخفِ الفجوات الكبيرة التي تكشف عنها التقارير الإعلامية، والتي تشير إلى استمرار الأزمات المرتبطة ببيع التذاكر عبر الإنترنت.
كما أن التساؤلات تثار حول مدى شفافيتها في التوزيع، خاصة أن بعض الأندية باتت تتهم “تذكرتي” بإعطاء الأولوية لمجموعات معينة من المشجعين المقربين، ما يضع الشكوك حول نزاهة العملية برمتها.
التحركات السريعة نحو الموافقات: هل تم التنسيق مع الجميع؟
رغم أن رابطة الأندية المحترفة أكدت أنها بدأت التنسيق مع الاتحاد المصري لكرة القدم والجهات الأمنية ووزارة الشباب والرياضة، إلا أن الواقع يبدو مختلفًا تمامًا. لا يبدو أن هناك تنسيقًا حقيقيًا بين هذه الأطراف، بل إن كل جهة تعمل بشكل منفصل عن الأخرى.
بينما تتحدث الرابطة عن سعيها للحصول على الموافقات اللازمة من وزارة الشباب والرياضة، تظهر العديد من المؤشرات على أن وزارة الشباب، التي يقودها الدكتور أشرف صبحي، لم تكن في قلب المشهد، بل تم تهميش دورها في بعض الأحيان، مما يثير القلق بشأن اتخاذ القرارات الحاسمة في الوقت المناسب.
ومن الواضح أن وزارة الشباب والرياضة، التي يفترض أن تكون الجهة الرقيب على سير العملية، قد وقعت في فخٍّ من التنازلات السياسية التي قد تضر بسلامة الجمهور في النهاية.
فهل ستظل الوزارة متفرجة أم أنها ستدخل في صراع مع الاتحاد والرابطة بعد تنفيذ القرار؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة.
خطوات أمنية غير كافية: خطر الاكتظاظ يهدد المباريات
أما في الشأن الأمني، فقد كشفت مصادر أن الأوضاع الأمنية في الملاعب لم تشهد أي تحسينات جذرية منذ فترة طويلة، بل لا تزال بعض الملاعب تعاني من وجود نقاط ضعف أمنية.
إذ أشار العديد من المتابعين إلى أن تطبيق الإجراءات الأمنية الوقائية اللازمة لن يكون قادرًا على استيعاب العدد الكبير من الجماهير في حال تم السماح لهم بحضور المباريات دون تنظيم محكم.
فهل هناك استعداد حقيقي لتوفير بيئة آمنة للجماهير؟ من الصعب تصديق أن خطة تأمين المباريات قادرة على حماية الجمهور من أي تجاوزات قد تحدث في مثل هذه الظروف.
التحقيقات والمحاسبة: هل حان وقت المساءلة؟
ووسط هذه الفوضى، بدأ العديد من الخبراء والمحللين الرياضيين في المطالبة بفتح تحقيقات عاجلة حول ما وصفوه بـ “التجاوزات” والقرارات غير المدروسة التي تروج لها رابطة الأندية المحترفة ووزارة الشباب والرياضة.
حيث تساءلوا عن دور الاتحاد المصري لكرة القدم، ومدى قدرته على التعامل مع هذه الأزمات بشكل نزيه، مؤكدين أن المساءلة يجب أن تكون حاضرة في كل خطوة من هذه الخطوات، حتى لا يتم استغلال الموقف من بعض الأطراف.
هل ستستمر الوعود أم ستسقط في الاختبار الحقيقي؟
تظل الأسئلة قائمة حول قدرة رابطة الأندية المحترفة على الوفاء بوعودها، وهل سيتحقق الحلم الكبير الذي يروج له مجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة القدم بقيادة هاني أبو ريدة، أم ستستمر الوعود في التلاشي مع مرور الوقت؟
وبين التصريحات الرنانة والمشاكل المتراكمة، يبدو أن المشهد في الدوري المصري لن يكون كما هو متوقع، وأن الجماهير قد تكون ضحية الصفقات المشبوهة، بينما يبقى الأمل في أن تترجم هذه الوعود إلى واقع ملموس يحترم حق الجمهور في مشاهدة المباريات بشكل آمن ومنظم.