في خطوة جديدة تكشف أبعاد الأزمة العميقة التي يعيشها قطاع الكهرباء في مصر، وتحديدًا في مستشفى الكهرباء بألماظة، شهدت المستشفى واقعة مدهشة تمزج بين الضحك والبكاء، بعد تسلل فأر إلى غرفة العمليات، ليكشف عن حالة من الفوضى وانعدام التنظيم داخل المستشفى، ويثير تساؤلات عميقة حول مستقبل هذا المرفق الطبي المهم، خاصة في ظل الحديث المتزايد عن خصخصته لصالح مجموعة “السعودي الألماني”.
فأر في غرفة العمليات: مشهد من الكوميديا السوداء
في حادثة تبدو وكأنها مشهد هزلي من فيلم سينمائي، فوجئ طاقم الأطباء والممرضات في غرفة العمليات بالدور الأول، بجوار وحدة قسطرة القلب، بوجود فأر يتجول بين الأجهزة الطبية.
كانت الفوضى تعم المكان عندما صرخت إحدى الممرضات بصوت عالٍ “فأر!”، مما أدى إلى حالة من الذعر بين الأطباء والطاقم الطبي.
تحول المشهد إلى حالة من الهرج والمرج، وسط محاولات الإمساك بهذا الحيوان الذي أصبح رمزًا للفشل الإداري والصحي داخل المستشفى.
لم يكن هذا الفأر الوحيد الذي أثار الجدل، فقد تم اكتشاف وجود فئران أخرى في غرفة تغيير ملابس الأطباء، وتحديدًا في الغرفتين 1 و3، مما يعكس الإهمال الكبير في إجراءات التعقيم والنظافة داخل المستشفى.
هذه الحادثة أثارت موجة من السخرية والغضب بين العاملين في المستشفى، وأصبح الحديث عن “إنجازات” مدير المستشفى مجرد مادة للسخرية بين العاملين.
زيارة “السعودي الألماني” وتزايد الحديث عن الخصخصة
لم تقتصر مشكلات المستشفى على حادثة الفئران، بل جاءت زيارة وفد من مجموعة “السعودي الألماني” لتضيف مزيدًا من الغموض حول مستقبل المستشفى.
الزيارة التي استمرت لساعات طويلة، وشملت تفقد كل أرجاء المستشفى، من غرف العمليات والعناية المركزة إلى العيادات الخارجية والمختبرات وبنك الدم، وحتى الحمامات، أثارت شكوكًا بين العاملين حول الهدف الحقيقي منها.
أحد أعضاء الوفد كان يسجل ملاحظات دقيقة عن كل قسم زارته اللجنة، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيارة تهدف إلى تقييم المستشفى لعملية خصخصة محتملة.
الحديث عن خصخصة المستشفى لصالح مجموعة “السعودي الألماني” أصبح حديث الساعة بين العاملين. البعض يرون أن هذه الزيارة تمهد لتسليم المستشفى إلى القطاع الخاص بزعم الاستثمار والتطوير، في حين يعتقد آخرون أن الهدف هو خصخصة جزء كبير من المستشفى وبيع حصص منه لمستثمرين أجانب.
هذا الجدل أثار حالة من البلبلة والقلق بين الموظفين الذين باتوا يتساءلون عن مستقبل وظائفهم ومستقبل المستشفى كمرفق طبي يخدم العاملين في قطاع الكهرباء وأسرهم.
تحذير وزارة الصحة وإغلاق محتمل
تأتي هذه التطورات في وقت حساس، حيث وجهت وزارة الصحة تحذيرًا رسميًا لإدارة المستشفى بسبب سلسلة من المخالفات التي رصدتها لجنة تفتيشية زارت المستشفى مؤخرًا.
هذه اللجنة سجلت العديد من المخالفات الصحية والإدارية، وأرسلت تقريرًا شاملاً يحذر من إغلاق المستشفى إذا لم يتم تصحيح الأوضاع فورًا.
من بين الملاحظات التي رصدتها اللجنة، كان هناك انتقادات حادة لنقص التعقيم وسوء إدارة النفايات الطبية، بالإضافة إلى عدم الالتزام بمعايير السلامة المهنية داخل المستشفى.
هذه الملاحظات كانت بمثابة إنذار أخير لإدارة المستشفى التي باتت تواجه خطر الإغلاق إذا لم تتحرك بسرعة لإصلاح هذه الأوضاع.
فساد إداري ومعايير صحية مفقودة
حادثة تسلل الفأر إلى غرفة العمليات لم تكن مجرد واقعة معزولة، بل كشفت عن حجم الفساد والإهمال المستشري داخل المستشفى.
الحديث عن “تطوير” المستشفى أصبح نكتة بين العاملين، حيث يرون أن الفئران تجوب المستشفى بحرية بسبب الغياب الكامل لمعايير النظافة والسلامة المهنية.
الأمر الأكثر إثارة للسخرية هو أن هذه الحادثة وقعت بعد تصريحات متكررة من مدير المستشفى يتحدث فيها عن “إنجازات” كبيرة وتطوير مستمر.
كان المدير قد دعا العاملين في إحدى المناسبات إلى عدم تصديق الشائعات التي تروج على مواقع التواصل الاجتماعي عن بيع المستشفى، مؤكداً أن زيارة وفد “السعودي الألماني” تهدف فقط إلى مساعدة المستشفى في عملية التطوير.
لكن مع زيارة اللجنة، بدا وكأن المستشفى تحت “جرد” شامل، مما زاد من قلق العاملين الذين لم يتم إبلاغهم بأي تفاصيل حول هذه الزيارة أو الهدف منها.
هذا الغموض أدى إلى انتشار شائعات بين العاملين بأن هناك نية لخصخصة المستشفى بشكل جزئي أو كامل، وهو ما دفعهم للتساؤل عن مصيرهم في ظل هذه التحولات.
مستقبل مجهول لمستشفى الكهرباء
الحديث عن دخول مجموعة “السعودي الألماني” كشريك في المستشفى زاد من المخاوف حول خصخصة مستشفى الكهرباء، والتي كانت تقدم خدماتها الطبية للعاملين في قطاع الكهرباء وأسرهم منذ سنوات.
هذا المرفق الصحي الذي طالما اعتمد عليه العاملون أصبح الآن محل جدل واسع، وسط غياب أي توضيحات رسمية من إدارة المستشفى أو الشركة القابضة لكهرباء مصر.
العاملون في المستشفى يتساءلون: هل الهدف من هذه الزيارة هو تطوير المستشفى أم بيعها؟ وهل ستظل المستشفى تحت إدارة القطاع الحكومي، أم أنها ستنتقل إلى يد القطاع الخاص بزعم الاستثمار وتحقيق الأرباح؟ هذه الأسئلة تظل بلا إجابة واضحة، مما يزيد من حالة القلق بين العاملين.
ماذا بعد حادثة الفأر؟
تعتبر حادثة الفأر في غرفة العمليات نقطة تحول في مسار مستشفى الكهرباء، حيث لم تعد المشكلات تقتصر على إهمال إداري أو تقصير في النظافة، بل باتت القضية أكبر من ذلك بكثير.
هذه الواقعة كشفت عن ضعف الإدارة وغياب الرقابة، وأثارت تساؤلات جدية حول مستوى الخدمات الطبية التي تقدمها المستشفى.
من الواضح أن مستشفى الكهرباء بحاجة إلى إصلاحات جذرية، ليس فقط على مستوى البنية التحتية أو التجهيزات الطبية، بل أيضًا على مستوى الإدارة والرقابة.
الفئران التي وجدت في المستشفى بيئة خصبة للإقامة، ليست إلا جزءًا من المشكلة، فالأمر يتطلب إعادة نظر شاملة في أسلوب إدارة هذا المرفق الطبي المهم.
دعوات للشفافية والمحاسبة
في ظل هذه التطورات، بات من الضروري أن يتدخل المسؤولون في وزارة الصحة والشركة القابضة لكهرباء مصر بشكل عاجل لفتح تحقيق شامل في ما يجري داخل مستشفى الكهرباء.
العاملون في المستشفى يطالبون بالشفافية والإفصاح عن الهدف الحقيقي لزيارة وفد “السعودي الألماني”، ويريدون معرفة ما إذا كانت هناك خطط فعلية لخصخصة المستشفى أو بيع جزء منه.
كما يطالبون بإصلاحات فورية لضمان توفير بيئة صحية وآمنة للمرضى والطاقم الطبي، خاصة بعد حادثة الفأر التي كشفت عن الإهمال الفادح في تطبيق معايير السلامة والنظافة.
مستشفى الكهرباء بألماظة الذي كان في وقت من الأوقات يُعتبر من أهم المرافق الطبية التابعة للشركة القابضة لكهرباء مصر، أصبح اليوم محورًا للجدل والسخرية بعد سلسلة من الحوادث التي كشفت عن حجم الإهمال والفساد.
الفئران التي تسللت إلى غرفة العمليات وغرف تغيير ملابس الأطباء ليست سوى رمز للمشكلات الأعمق التي تعاني منها المستشفى.
الزيارة المثيرة للجدل من وفد “السعودي الألماني” أثارت مخاوف حقيقية حول مستقبل المستشفى، وسط تزايد الحديث عن خصخصتها.
وفي ظل هذه الأجواء، يبقى مستقبل مستشفى الكهرباء غامضًا، ويظل العاملون فيه في حالة من القلق والترقب، في انتظار توضيح رسمي من المسؤولين حول ما إذا كان هذا المرفق الطبي سيتحول إلى استثمار خاص، أم سيبقى كما هو في خدمة العاملين بقطاع الكهرباء.