تغول الفساد في الهيئة العامة لقصور الثقافة مكافآت تتجاوز 20 ألف جنيه شهريًا
في وقت بات فيه الفساد يتغلغل في قلب الهيئة العامة لقصور الثقافة وفي المؤسسات التابعة لها ويصبح من الصعب محاربته بسبب تغول شخصيات معينة على مفاصل القرار داخل الهيئة تبرز بشكل واضح سلطات محمد عمارة سكرتير محمد ناصف نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة الذي يسير على خطى عبير حاتم المرأة الحديدية التي كانت تتحكم في كل القرارات والأنشطة داخل الهيئة في فترة رئاسة دكتور سيد خطاب للهيئة عندما كانت هي المسيطرة على كافة القرارات الإدارية والتنظيمية وكانت العامل الأساسي في الإطاحة بالدكتور سيد خطاب من رئاسة الهيئة هذا المشهد يعيد نفسه اليوم ولكن بأوجه جديدة تتمثل في محمد عمارة الذي يبني إمبراطوريته الخاصة عبر التلاعب بالمناصب والتعيينات وتوزيع المكافآت والامتيازات على من يقف إلى جانبه.
يعد محمد عمارة أحد الشخصيات التي تثير تساؤلات عديدة حول أدواره المشبوهة في الهيئة وخصوصًا بعد أن ثبت تورطه في عمليات فساد واضحة تشمل صرف مكافآت شهرية بمبالغ ضخمة تتجاوز العشرين ألف جنيه شهريًا عن كل فعالية تقام في الهيئة، حيث يحصل على مكافأة إضافية عن مشاريع مثل “أهل مصر للأطفال” والتي تتراوح مكافأته عنها بين ٣ آلاف جنيه لكل من الأطفال والشباب والنساء، كما يحصل أيضًا على مكافآت ضخمة عن المهرجانات والمؤتمرات واللجان التي يديرها داخل الهيئة، ما يثبت حجم الفساد الكبير الذي يعيشه عمارة في بيئة عمله.
ولكن الأدهى من ذلك هو تدخله المستمر في إصدار قرارات لصالح المقربين منه وتعيين أشخاص لا تنطبق عليهم بطاقة الوصف الوظيفي في مناصب لا يستحقونها، وهو ما ظهر بوضوح في حالة أميرة مجاهدة التي سعى عمارة لدى نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة لإصدار قرار بتعيينها في منصب مدير إدارة التخطيط والمتابعة للأنشطة الثقافية في إقليم غرب ووسط الدلتا رغم أنها لا تنطبق عليها أي من متطلبات الوظيفة مما تسبب في استبعاد من كان الأولى بتولي هذا المنصب بناءً على بطاقة الوصف الوظيفي.
تلك الممارسات الفاسدة لم تقتصر على أميرة مجاهدة فقط بل امتدت أيضًا لتشمل أحمد سامي خاطر الذي تم تعيينه في منصب “تسيير أعمال شرق الدلتا” بفضل تدخل عمارة المباشر لدى رئيس الهيئة، حيث كان هذا التعيين بمثابة مكافأة له بعد أن رد له الجميل بالتوقيع لصالح زوجة عمارة، يمنى محمد قمح، التي لم تذهب للعمل حتى يومنا هذا إلا على الورق فقط، حيث كانت تقبع في منزلها دون أن تؤدي أية مهام وظيفية حقيقية.
إلى جانب هذه الممارسات المشبوهة كان لعمارة دور واضح في فضائح أخرى، من أبرزها حادثة طرده من مهرجان التحطيب في الأقصر في ديسمبر 2021 أثناء فترة رئاسة الفنان هشام عطوة للهيئة العامة لقصور الثقافة، حيث كانت هذه الحادثة بمثابة علامة استفهام كبيرة حول أخلاقيات عمارة وسلوكياته داخل المهرجانات التي من المفترض أن تكون مرآة لسمعة الهيئة.
كانت الحادثة بمثابة الإهانة لسمعة الهيئة وفضيحة لم يكن لها مبرر واضح سوى أن عمارة كان يفتقد إلى أبسط قواعد السلوك المهني والاجتماعي.
والغريب أن هذه الحادثة لم تكن هي الأولى في سجل عمارة المشين، حيث أن تاريخ هذا الشخص حافل بالجرائم والمشاكل التي لا تعد ولا تحصى، ففي مرحلة سابقة من عمله في قصر ثقافة منيا القمح تورط في حادثة إطلاق نار أثناء مشاجرة مع أحد زملائه بالقصر، ما أدى إلى حبسه لمدة أربعة أيام بسبب هذه الواقعة.
ورغم هذه السمعة السيئة التي يحيط بها عمارة فإن محمد ناصف لا يزال يتمسك به ويستمر في دعمه وتوفير الحماية له خوفًا من تأثيره الشخصي ونفوذه داخل الهيئة ورغم علمه بكل تلك الأفعال المشينة التي لا يمكن تبريرها.
ما يثير الاستفهام أكثر هو استمرار هذا الشخص في التأثير على القرارات داخل الهيئة والهيمنة على المناصب الحساسة، حيث يسعى عمارة بكل الطرق للسيطرة على مفاصل الهيئة من خلال مكافآت وحوافز مالية كبيرة يحصل عليها عن طريق تغطية الأنشطة الفاسدة وتعيين المحاسيب في المناصب التي تدر عليهم الأموال، وهذا بدوره يساهم في استمرار دائرة الفساد داخل الهيئة.
الفساد أصبح أشبه بنهر لا ينتهي، وكل يوم يظهر لنا فروع جديدة منه، تتنقل عبر الشخصيات المؤثرة في الهيئة، والتي تقف وراءه هيئات وداعمة تظل تروج له.
من الواضح أن الهيئة العامة لقصور الثقافة تعاني من أزمة عميقة تتجسد في فساد الإدارة العليا، ويعكس هذا الفساد غياب الرقابة وضعف المحاسبة، ويظهر كيف أن التعيينات والمكافآت لا تُمنح وفقًا للأداء الوظيفي أو الكفاءة بل على أساس الانتماءات الشخصية والولاءات.
تتعمق الأزمة أكثر عندما نتحدث عن مناصب حساسة تم تزويرها لخدمة مصالح خاصة، بما يعكس حالة من اللامبالاة تجاه الخدمة العامة والمصلحة العامة.
لقد أصبح واضحًا أن وزارة الثقافة على اختلاف مستوياتها لم تقم بدورها في محاربة الفساد داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة بل على العكس تعمدت تهميش أي محاولات لتقديم حلول حقيقية، فالمسؤولون في الوزارة يواصلون دعم المنظومة التي تغذي الفساد وتضمن استمراره دون محاسبة أو مساءلة.