قوات الأمن المصرية تواصل الإخفاء القسري لـ أربعة أشقاء بينهم سيدتان ومريض بالصرع
في واحدة من أكثر قضايا الإخفاء القسري في مصر التي تثير جدلًا وتنديدًا واسعًا، تواصل قوات الأمن المصرية احتجاز أربعة أشقاء بينهم سيدتان ومريض بالصرع دون أي سند قانوني لليوم السادس والثلاثين على التوالي.
ما يجعل الأمر أشد خطورة هو حالة الغموض والتجاهل التام لمطالب أسرتهم بالكشف عن مكان احتجازهم، حيث تواجه الأسرة مخاوف من تلفيق قضايا جنائية ضد أبنائها تحت وطأة التعتيم الأمني الكامل والممارسات القمعية التي تُعد خرقًا واضحًا لأبسط الحقوق القانونية والإنسانية.
تقدمت الأسرة ببلاغ رسمي إلى النائب العام المصري المستشار محمد شوقي عياد، وبرقيات إلى كل من وزارة العدل ووزارة الداخلية، مطالبة بتوضيح ملابسات الاعتقال، والكشف عن مكان احتجاز أبنائها، وتبرئة ساحاتهم من أي تهم زائفة قد تلصق بهم،
إلا أن كل هذه التحركات القانونية باءت بالفشل، حيث لم تتلق الأسرة أي استجابة حتى الآن، مما يعزز الشكوك حول مصير الأشقاء وما إذا كانوا يتعرضون للتعذيب أو الإهمال الطبي في أماكن احتجاز سرية.
تفاصيل الاعتقالات القسرية
بدأت سلسلة الاعتقالات بتوقيف عبد الرحمن حمدي خاطر البالغ من العمر 31 عامًا يوم 13 نوفمبر الماضي في منطقة إمبابة بمحافظة الجيزة، حيث اقتحمت قوة أمنية منزله الذي يقطنه مع شقيقته ووالدته.
بالرغم من إصابة عبد الرحمن بمرض الصرع الذي يتطلب رعاية طبية خاصة، قامت القوات باقتياده مع شقيقته أمامه حمدي خاطر البالغة من العمر 25 عامًا دون تقديم أي توضيحات أو مستندات قانونية لاعتقالهما، رغم وعود القوة الأمنية لوالدتهما بعودتهما سريعًا، إلا أنهما لم يعودا منذ ذلك الحين.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففي 22 نوفمبر اقتحمت قوة أمنية خاصة منزل شقيقتهما الثالثة خديجة حمدي خاطر البالغة من العمر 27 عامًا والمقيمة في منطقة المطرية بالقاهرة، وقامت بتكسير الأبواب والنوافذ، وسألت عنها، ثم طلبت منها الحضور إلى قسم شرطة المطرية، حيث اختفت فور وصولها،
ولم يتم تقديمها لأي جهة تحقيق أو توجيه أي اتهامات رسمية ضدها حتى الآن. كما أنكرت الشرطة وجودها بعد تردد الأسرة على القسم للبحث عنها، مما يعزز شكوك الإخفاء القسري.
وفي 11 ديسمبر، تكررت المأساة عندما اقتحمت قوات أمنية منزل الشقيق الرابع طلحة حمدي خاطر، البالغ من العمر 29 عامًا، والذي يعمل مثل شقيقه عبد الرحمن في أحد المحال التجارية بإمبابة. وتم توقيفه دون إبداء أي أسباب واقتيد إلى جهة مجهولة، ليظل مختفيًا هو الآخر منذ ذلك الحين.
وبرغم كل المحاولات اليائسة التي قامت بها الأسرة لمعرفة مكان أبنائها الأربعة إلا أن مصيرهم لا يزال مجهولًا، في انتهاك صارخ للحقوق الإنسانية والدستورية.
انتهاك صارخ للحقوق الإنسانية
تأتي هذه القضية ضمن موجة متزايدة من حالات الإخفاء القسري في مصر، حيث يتم اعتقال الأفراد دون أي مسوغ قانوني أو عرض على النيابة المختصة، ما يجعلهم عرضة للاختفاء في أماكن احتجاز سرية لمدد غير محددة، دون معرفة مصيرهم أو حتى التواصل مع ذويهم.
الأسر التي تتعرض لهذه الممارسات تجد نفسها محاصرة في دوامة من الخوف والقلق، دون أي جهة رسمية تستجيب لصرخات استغاثتهم.
في هذه القضية، تتفاقم المأساة بوجود مريض بالصرع ضمن المختفين، وهو ما يعرض حياته للخطر في ظل ظروف الاحتجاز غير المعروفة.
مطالب الأسرة وأصوات حقوقية
تؤكد أسرة الأشقاء الأربعة على أن أبناءها معروفون بحسن سيرتهم الذاتية، ولا تربطهم أي صلة بالأنشطة السياسية أو المعارضة، وهو ما يزيد من غموض أسباب اعتقالهم.
هؤلاء الأشقاء لم ينضموا إلى أي تنظيمات سياسية، ولم يشاركوا في أي أنشطة مناهضة للدولة. ومع ذلك، باتوا ضحايا لسياسة الإخفاء القسري التي أصبحت أداة للقمع في البلاد.
تطالب الأسرة بالكشف الفوري عن مكان احتجاز أبنائها، وتقديمهم إلى جهات التحقيق المختصة إذا كان هناك أي اتهامات ضدهم.
كما تدعو المنظمات الحقوقية المحلية والدولية إلى التدخل لوقف هذه الممارسات المنافية لأبسط الحقوق الإنسانية، وضمان حق المعتقلين في محاكمة عادلة وفقًا للقانون.
هذه القضية ليست مجرد حالة فردية، بل جزء من نمط متصاعد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مصر، حيث أصبحت عمليات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري إحدى أدوات النظام لقمع كل من يشك في ولائه.
تواجه مصر انتقادات دولية متزايدة بسبب تدهور حالة حقوق الإنسان، ورغم ذلك تستمر الأجهزة الأمنية في توسيع حملاتها القمعية دون خوف من المحاسبة أو العقاب.
إن قضية الإخفاء القسري للأشقاء الأربعة تثير تساؤلات جدية حول مدى التزام السلطات المصرية بالمعايير القانونية والإنسانية في تعاملها مع المواطنين.
استمرار هذه الممارسات دون مساءلة يشير إلى تزايد استخدام الدولة للأدوات القمعية لإسكات كل صوت، سواء كان معارضًا أو غير معارض، مما يعزز مناخ الخوف والاستبداد في المجتمع.
يجب على السلطات المصرية أن تتخذ خطوات جادة لإنهاء هذه الانتهاكات وضمان محاسبة كل من يشارك في تنفيذها.