منذ انهيار النظام السوري برئاسة بشار الأسد، تتوالى السياسات والإجراءات الحكومية في مختلف الدول تجاه السوريين، خصوصاً فيما يتعلق بالتعامل الأمني والهجرة.
في هذا السياق، تسارع الحكومة المصرية برئاسة مصطفى مدبولي إلى فرض قيود وإجراءات جديدة على السوريين سواء القادمين حديثاً إلى البلاد أو المقيمين فيها منذ سنوات.
هذه الإجراءات الجديدة تمثل تغييرات كبيرة ومفاجئة قد تؤثر بشكل كبير على أوضاع الجالية السورية في مصر، والتي كانت قد استقرت على مدى سنوات طويلة بعد بدء الحرب السورية.
مراجعة الإقامات للسوريين في مصر
في الآونة الأخيرة، كشف مصدر مطلع عن أن السلطات المصرية بدأت في تنفيذ عمليات شاملة لمراجعة الإقامات الممنوحة للسوريين الموجودين في البلاد. وأوضح المصدر أن هذه المراجعات شملت وقف تجديد الإقامات بشكل مؤقت لحين إشعار آخر، مما أثار قلق الجالية السورية في مصر، خاصة أولئك الذين يعتمدون على تجديد الإقامة لضمان استمرار حياتهم وعملهم في البلاد.
إضافة إلى ذلك، أشار المصدر إلى أن شرط الحصول على “الموافقة الأمنية” بات إلزامياً لتجديد أي إقامة للسوريين. هذه الإجراءات الجديدة تم نشرها وتعميمها على كافة الأجهزة الأمنية يوم الأحد الماضي عبر منشور رسمي، والذي أكد على ضرورة الالتزام التام بتلك التعليمات في كافة المنافذ والأقسام المختصة بشؤون الأجانب في مصر.
إلغاء الاستثناءات السابقة لدخول السوريين
وفي تطور آخر، تم إلغاء جميع الاستثناءات السابقة التي كانت تسمح لبعض السوريين بدخول مصر بدون موافقة أمنية خاصة، وهي استثناءات كانت معمول بها في فترات سابقة لأسباب إنسانية أو طارئة. وبموجب القرارات الجديدة، لم يعد هناك أي استثناءات، حيث أصبحت جميع حالات الدخول إلى مصر تتطلب موافقة أمنية مسبقة لضمان تماشيها مع السياسات الأمنية الجديدة التي تتبناها الحكومة.
إبعاد بعض السوريين لأسباب أمنية
من جانب آخر، أفادت المصادر بأن الأجهزة الأمنية المصرية قامت بإعداد قائمة بأسماء عدد من السوريين الموجودين في البلاد والذين سيجري إبعادهم خارج البلاد لأسباب أمنية. ويبدو أن هذا القرار يأتي في إطار التدابير الأمنية المشددة التي تسعى مصر إلى تطبيقها من أجل تعزيز أمنها القومي، وضمان عدم تورط أي من المقيمين السوريين في أنشطة مشبوهة أو ذات طابع غير قانوني.
قيود على التحويلات المالية للسوريين
وفي خطوة أخرى تهدف إلى تعزيز السيطرة على التعاملات المالية المتعلقة بالجالية السورية، أشارت المصادر إلى أن السلطات المصرية بصدد فرض قيود على التحويلات المالية الخاصة التي يجريها السوريون المقيمون في مصر. الهدف من هذه القيود هو منع استخدام التحويلات المالية في أنشطة قد تضر بالأمن القومي المصري أو تساهم في تمويل أي عمليات مشبوهة. هذا القرار يعتبر إجراء وقائي يهدف إلى الحد من الأنشطة غير القانونية المحتملة التي قد تنجم عن حركة الأموال عبر الحدود.
شروط جديدة لفتح الشركات والمطاعم السورية في مصر
ومن بين الإجراءات الجديدة، أكدت المصادر أن رجال الأعمال السوريين الراغبين في فتح مطاعم أو شركات داخل مصر سيحتاجون للحصول على موافقة أمنية مسبقة قبل الحصول على تراخيص العمل. هذا الإجراء يُعد سابقة في التعامل مع الأعمال السورية في مصر، حيث كانت الشركات والمطاعم السورية تنتشر بشكل واسع خلال السنوات الماضية دون هذه التعقيدات البيروقراطية الإضافية.
القيود على دخول السوريين الحاصلين على إقامات أوروبية وأمريكية
لم تقتصر القرارات الجديدة على المقيمين في مصر فحسب، بل امتدت أيضاً لتشمل السوريين الراغبين في دخول البلاد. فقبل يومين فقط، أصدرت السلطات المصرية تعليمات جديدة تقضي بوقف دخول السوريين الحاصلين على إقامات أوروبية أو أمريكية أو كندية إلى مصر دون الحصول على الموافقة الأمنية المسبقة. كما تم منع دخول السوريين الذين يحملون تأشيرات “شنغن” التي كانت تتيح لهم السفر إلى مصر بدون قيود، وهي تأشيرة مشتركة للدول الأوروبية. وقد أصبح الحصول على الموافقة الأمنية شرطاً أساسياً حتى لمن يحمل تأشيرات دول غربية كانت في السابق تُعفيهم من هذه المتطلبات.
منع دخول السوريين المتزوجين من مصريين بدون موافقة أمنية
ومن ضمن القيود الإضافية التي تم فرضها، أعلنت السلطات المصرية عن منع دخول السوريين المتزوجين من مصريين أو مصريات دون الحصول على موافقة أمنية مسبقة.
في السابق، كان من السهل نسبياً دخول السوريين الذين تربطهم علاقات عائلية بمواطنين مصريين، لكن الآن أصبحت هذه المسألة خاضعة لمراقبة أمنية مشددة. هذه الخطوة أثارت قلق بعض الأسر السورية-المصرية التي قد تجد نفسها في مواجهة عقبات قانونية تتعلق بجمع شمل العائلات.
سريان القرارات الجديدة وتأثيرها على الجالية السورية
وفقاً للمصادر، دخلت هذه القرارات الجديدة حيز التنفيذ منذ يوم السبت الماضي، مما يعني أن هذه الإجراءات أصبحت سارية المفعول بالفعل. من المتوقع أن تؤثر هذه القرارات بشكل كبير على أوضاع الجالية السورية في مصر، سواء فيما يتعلق بحرية الحركة أو إقامة الأعمال التجارية أو حتى الاستقرار الشخصي والعائلي.
من الواضح أن هذه التغيرات تعكس توجهات أمنية حازمة من الحكومة المصرية في التعامل مع ملف السوريين في البلاد، وهي تدابير قد يكون لها تأثير بعيد المدى على السوريين الذين لجأوا إلى مصر هرباً من الحرب