التصعيد الإسرائيلي في سوريا يثير تساؤلات حول مستقبل الأمن الإقليمي
تتزايد المخاوف بشأن تداعيات هذا التوتر على الأمن الإقليمي واستقرار المنطقة. جاء هذا التصعيد وسط تبريرات إسرائيلية تسوقها بحجة حماية الأمن القومي، فيما تصاعدت تحليلات الخبراء السياسيين حول الأبعاد الواقعية لهذه العمليات ودوافعها الاستراتيجية.
شهد التصعيد الإسرائيلي تكثيفًا للضربات في مناطق جنوبية ومواقع حيوية سورية، حيث أكد الباحث الفلسطيني محمود الرنتيسي في حديث مع “قدس برس” أن الهجمات الإسرائيلية “هدفها المعلن منع استخدام تلك المنشآت كتهديد مستقبلي ضد إسرائيل”. وأضاف أن هذه العمليات تعكس قلقًا جيوسياسيًا إسرائيليًا من التحولات التي تشهدها سوريا، خاصة في ظل وجود فصائل فلسطينية وجهادية شاركت في النزاع السوري.
وأشار الرنتيسي أيضًا إلى أن هذا التصعيد يتصل بشكل مباشر بتداعيات أحداث السابع من أكتوبر، التي أوجدت حالة من التوتر الإسرائيلي حيال أي تهديد محتمل، لكنه أكد وجود أصوات إسرائيلية تعارض هذا النهج التصعيدي، معتبرةً أن الخطوة قد تستفز الوضع السوري بدلاً من التعامل معه بحذر.
من جانبه، صرح الباحث السوري مصطفى النعيمي أن العمليات الإسرائيلية الأخيرة تأتي في سياق توسيع الهجمات العسكرية نحو الجنوب السوري، مشيرًا إلى تصاعد المخاوف الإسرائيلية من الأسلحة التي باتت خارج سيطرة النظام المخلوع. وأضاف النعيمي أن هذا التصعيد يستهدف أيضًا المنطقة المحاذية للجنوب اللبناني بسبب ارتباطها بحزب الله والوجود الإيراني.
انعكاسات دولية ومستقبل العمليات
أكد النعيمي أن تراجع المشروع الإيراني في سوريا قد يؤدي إلى تخفيف التوغلات الإسرائيلية في المستقبل، مؤكدًا أن الأهمية الاستراتيجية لسوريا بالنسبة لإسرائيل قد تقلصت مع تراجع التهديدات الإيرانية المباشرة. ورجح في الوقت ذاته عدم تدخل مجلس الأمن لوقف التصعيد قائلًا: “العمليات تُعتبر جزءًا من سياسة حماية الأمن الإسرائيلي، مما يعطيها غطاءً ضمنيًا على الساحة الدولية”.
على الأرض، واصل الجيش الإسرائيلي توغله في منطقة “حوض اليرموك” جنوبي سوريا، حيث احتلت قوات الاحتلال ثلاث قرى جديدة، وهي جملة في محافظة درعا وقرى “مزرعة بيت جن” و”مغر المير” في ريف دمشق. ورافق التوغل إجراءات أمنية صارمة شملت تقييد الحركة وتنفيذ عمليات دهم واسعة النطاق، مما زاد معاناة السكان المحليين وأثار توترات متزايدة داخل المنطقة.
تصريحات تصاعدية ومخاوف مستقبلية
يتزامن هذا التصعيد مع إعلان “إسرائيل” انهيار اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، وانتشار قواتها داخل المنطقة العازلة في الجولان السوري، في خطوة قوبلت باستنكار دولي وعربي واسع.
من جهة أخرى، أشار محللون ميدانيون إلى أن الوضع الراهن يمهد لسؤال مركزي: هل يشكل هذا التصعيد الإسرائيلي استراتيجية ردع طويلة الأمد، أم أنه يندرج تحت خطوات استفزازية قد تفتح الباب أمام موجة تصعيد إقليمي جديدة؟