نتنياهو يعلن توسيع المستوطنات في الجولان: بداية مرحلة جديدة من الاحتلال
في خطوة غير مسبوقة وفي وقت حساس للغاية، أعلن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن خطة جديدة لتوسيع المستوطنات الإسرائيلية في هضبة الجولان السورية المحتلة.
القرار الذي تم الموافقة عليه من قبل حكومته يشير إلى تحول كبير في السياسة الإسرائيلية تجاه المنطقة الحدودية التي كانت تحت إشراف دولي سابق. هذا القرار لا يعكس فقط تصعيداً في سياسة الاحتلال بل يشكل تهديداً جديداً للأمن والاستقرار في المنطقة ككل.
قرار خطير في توقيت أكثر خطورة
أعلن نتانياهو في تصريحاته أن هذا القرار جاء في وقت حساس للغاية، مشيراً إلى ما وصفه بـ “الجبهة الجديدة” في سوريا، في إشارة إلى التصعيد المستمر في النزاع السوري والتواجد الإيراني في المنطقة.
وأضاف نتانياهو أن إسرائيل عازمة على مضاعفة عدد الإسرائيليين في الجولان لتقوية وجودها هناك، وهو ما يشير إلى نية إسرائيلية واضحة لتحويل المنطقة إلى جزء لا يتجزأ من الأراضي المحتلة.
في هذا التوقيت العصيب، يزعم الاحتلال أن تقوية الجولان في مواجهة التحديات الإقليمية هو أمر بالغ الأهمية لضمان الأمن الإسرائيلي، رغم أن هذا يشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق السورية.
توسيع المستوطنات هو تكريس للاحتلال
أصبح من الواضح أن نية إسرائيل ليست فقط الحفاظ على سيطرتها في الجولان بل تسعى إلى تحويل المنطقة إلى مستوطنات تضم مئات الآلاف من الإسرائيليين. هذا التوسع ليس مجرد تحرك سياسي بل هو عملية تغيير ديموغرافي ممنهج تسعى من خلالها إسرائيل إلى تقويض أي إمكانية للسلام أو التسوية في المستقبل.
بإقرار هذه الخطوة، تكون الحكومة الإسرائيلية قد وضعت نفسها في مواجهة المجتمع الدولي، حيث أن هذا التوسع في المستوطنات في الأراضي المحتلة يعد خرقاً صارخاً للقانون الدولي.
احتلال مستمر وهجمات متزايدة
منذ بداية الأزمة في سوريا وسقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، لم تتوقف إسرائيل عن تنفيذ سياساتها العدوانية في المنطقة.
فإلى جانب توسيع المستوطنات في الجولان، واصلت إسرائيل احتلالها للمنطقة العازلة التي تفصل بين سوريا وفلسطين المحتلة، وهي المنطقة التي كانت تخضع لإشراف قوات الأمم المتحدة بموجب اتفاق فض الاشتباك لعام 1974.
وبذلك، فإن إسرائيل تكون قد أعلنت عن إنهاء هذا الاتفاق بشكل أحادي، الأمر الذي يعكس عدم احترامها للقرارات الدولية والمواثيق التي تضمن أمن المنطقة.
أكاذيب الحماية والدوافع المزعومة
تسوق إسرائيل دائماً لنفسها حججاً واهية لشرعنة احتلالها المستمر، حيث تزعم أن وجودها العسكري في الجولان هدفه حماية الإسرائيليين في المنطقة من تهديدات حقيقية وغير حقيقية على حد سواء.
تشير الحكومة الإسرائيلية إلى أن الجولان يشهد وجوداً لـ “الجماعات الإرهابية” التي تهدد أمن المستوطنات الإسرائيلية، مستغلة الوضع المضطرب في سوريا بعد انهيار نظام الأسد.
هذه التصريحات التي تدعي أن إسرائيل تسعى إلى “حماية أمنها” هي ذرائع فاشلة لا تنطلي على أحد، فالحقيقة هي أن إسرائيل استغلت الوضع في سوريا للتوسع أكثر في الأراضي السورية المحتلة.
هجمات إسرائيلية على الأراضي السورية
في نفس السياق، قامت القوات الإسرائيلية بشن سلسلة من الهجمات الجوية على عشرات المواقع الاستراتيجية في الأراضي السورية التي كانت تحت سيطرة الحكومة السورية قبل انهيار النظام. وتزعم إسرائيل أنها دمرت نحو 80% من هذه المواقع، متذرعة بمبررات متعددة تتعلق بالأمن الإقليمي.
لكن الحقيقة أن هذه الهجمات تمثل جزءاً من استراتيجية إسرائيلية أوسع تستهدف تأمين المزيد من التوسع في الأراضي السورية، مستغلة حالة الفوضى في سوريا لتنفيذ أهدافها التوسعية دون أي حسابات للنتائج أو العواقب.
مناورة سياسية بامتياز
ما تقوم به إسرائيل اليوم هو مناورة سياسية بامتياز تهدف إلى تعزيز موقفها في المنطقة على حساب الشعب السوري والحقوق العربية. هذا التصعيد في السياسات الإسرائيلية هو امتداد لمحاولات الاحتلال المستمر لفرض واقع جديد في الجولان، حيث يتم تغيير التركيبة السكانية للمنطقة بشكل ممنهج.
ما تقوم به إسرائيل لا يعد مجرد تحرك عسكري بل هو سياسة استعمارية تهدف إلى ضم الأراضي السورية بشكل غير قانوني، ومن ثم فرض واقع يصعب تغييره.
المجتمع الدولي أمام امتحان جديد
مع هذه الخطوة الخطيرة، تضع إسرائيل المجتمع الدولي أمام تحدٍ حقيقي في كيفية التعامل مع هذا التصعيد. فقد دأبت إسرائيل على تجاهل قرارات الأمم المتحدة بشأن الجولان، ولا يبدو أنها ستتوقف عن سياسة التوسع والاستيطان التي تنتهجها.
في الوقت ذاته، تزداد المخاوف من تصاعد النزاع في المنطقة، حيث يبدو أن إسرائيل تحاول استفزاز جيرانها ودفع الأمور نحو مواجهة مفتوحة.
الرسالة الإسرائيلية واضحة: لا احترام للحدود ولا للمواثيق
من خلال هذه الخطوة، بعثت إسرائيل برسالة واضحة إلى العالم: لا يوجد شيء يمكن أن يمنعها من توسيع احتلالها للمنطقة وفرض سيطرتها عليها بالقوة. فإسرائيل لا تعترف بالحدود الدولية ولا تحترم الاتفاقيات المبرمة، بل تواصل تنفيذ سياساتها التوسعية بكل جرأة.
وهذا يشكل تهديداً مباشراً للأمن الإقليمي ويؤكد أن إسرائيل لا تزال ماضية في نهجها الاستعماري دون أدنى اعتبار للحقوق الفلسطينية أو السورية أو للمواثيق الدولية.
مرحلة جديدة من الاحتلال الدموي
الخطوة التي أقدم عليها نتانياهو وحكومته ليست مجرد توسيع مستوطنات فحسب، بل هي بداية مرحلة جديدة من الاحتلال الدموي الذي يطال الأراضي السورية والعربية بشكل عام.
ما يحدث في الجولان هو جزء من خطة إسرائيلية أكبر لفرض واقع جديد في المنطقة. في مواجهة هذا التصعيد، يتوجب على المجتمع الدولي التحرك بسرعة لوقف هذا التمدد الاستعماري قبل أن يكون من المستحيل إيقافه.