اجتماعات سرية ورشاوى بـ 50 ألف جنيه: كيف تدمر الشلة الفاسدة قصور الثقافة المصرية
من جديد تتصدر فضائح الهيئة العامة لقصور الثقافة المشهد بعدما تم الكشف عن اجتماعات أسبوعية تعقد في دار الأوبرا المصرية كل ليلة خميس لتنسيق وتوزيع المصالح والمناصب بين أعضاء شلة فاسدة باتت تتحكم في مسار الثقافة المصرية هذه الاجتماعات تضم شخصيات نافذة في وزارة الثقافة وأخرى في الهيئة العامة لقصور الثقافة حيث تجمع كلا من محمد أحمد عمارة وطارق الفخراني وأحمد الفران وعلي الحلواني وهم الذين يسيطرون على عملية اتخاذ القرار في الهيئة ويوجهون مصير الثقافة وفق أهوائهم الشخصية لتحقيق مكاسب شخصية بعيدة عن الصالح العام
يجتمع هؤلاء الأربعة في دار الأوبرا المصرية كل خميس لتحديد التعيينات الخاصة برؤساء الإدارات المركزية بالهيئة العامة لقصور الثقافة ومديري العموم بالأقاليم الثقافية التابعة لها هذه القرارات لا تخضع لأي معايير شفافة أو موضوعية بل يتم اتخاذها بناءً على المحسوبيات والمصالح المشتركة بين أعضاء هذه الشبكة التي تستغل مناصبها لتمرير قرارات مشبوهة مقابل الحصول على منافع مادية وعينية لتستمر الهيئة في التدهور والفساد دون رقيب أو محاسبة
ما يزيد من خطورة هذه الشلة الفاسدة هو تورط محمد أحمد عمارة الذي يشغل منصب مدير مكتب نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة في تسهيل تمكين هذه الشبكة من الاستيلاء على القرارات المؤثرة في الهيئة وفقًا للمعلومات المتداولة بين العاملين في الهيئة فإن عمارة يعد العقل المدبر الذي يقف خلف هذه المخططات الفاسدة حيث يفرض سيطرته على قرارات نائب رئيس الهيئة محمد عبدالحافظ ناصف الذي يردد دومًا في الكواليس أن عمارة هو من يتحكم فعليًا في جميع القرارات التي تخرج من الهيئة
وفي مشهد فاضح آخر يتورط طارق الفخراني الذي كان يشغل سابقًا منصب رئيس لجنة الأمانة الفنية لاختيار القيادات في وقائع فساد متعددة الفخراني الذي يجلس على قمة هذه الشلة الفاسدة تورط في وقائع تقاضي رشاوٍ كبيرة مقابل تمرير ملفات القيادات الفاسدة أحد هذه الوقائع الموثقة تشير إلى حصول الفخراني على مبلغ 10 آلاف جنيه من مدير عام فرع ثقافة السويس السابقة بالإضافة إلى تقاضيه مبلغ 30 ألف جنيه من مهندس في الإدارة الهندسية وذلك لتقديم ملفه للجنة القيادات خاليًا من أي إحالات تأديبية
الفخراني الذي تحول من مجرد موظف بسيط في الهيئة إلى أحد أكثر الأشخاص تأثيرًا في قراراتها، تمكن من بناء شبكة علاقات واسعة مع عدد من الشخصيات النافذة في الوزارة وفي الهيئة لتدعيم نفوذه الذي أصبح كابوسًا يلاحق جميع الموظفين الشرفاء في الهيئة والذين يخشون أن يتحدثوا علنًا عن ممارساته الفاسدة خوفًا من التعرض للتهميش أو الإقصاء
أما أحمد الفران المسؤول الإعلامي في مكتب وزير الثقافة فلم يكن بعيدًا عن دائرة الفساد فهو متورط بشكل مباشر في تسهيل التواصل بين الشلة الفاسدة والمقربين من الوزير للتغطية على هذه الممارسات الفاضحة الفران الذي يُعتقد أنه ينسق مباشرة مع محمد أحمد عمارة وطارق الفخراني يشارك بفعالية في تنظيم الاجتماعات الأسبوعية التي تعقد بدار الأوبرا وهو ما أكده عدد من العاملين في قصور الثقافة الذين يرون في الفران عنصرًا رئيسيًا في استمرارية الفساد داخل الهيئة
الفساد الذي يسيطر على الهيئة العامة لقصور الثقافة لم يتوقف عند حدود القرارات المشبوهة أو الرشاوى المالية فحسب بل امتد ليشمل استغلال النفوذ بشكل فاضح لتعيين الأقارب والمقربين في مناصب هامة في الهيئة دون أي اعتبار للكفاءة أو الخبرة من أبرز الأمثلة على ذلك هو ما حدث مع يمني محمد قمح زوجة محمد أحمد عمارة التي تم تكليفها بالحضور إلى فرع ثقافة الشرقية لتدعيم قسم الفنون التشكيلية لمدة خمسة عشر يومًا من الأول من سبتمبر 2024 وحتى الخامس عشر من سبتمبر 2024 على الرغم من وجود عدد كاف من الفنانات التشكيليات في الفرع مما يثير تساؤلات عن الأسباب الحقيقية وراء هذا التكليف
التكليف الذي صدر باسم يمني محمد قمح لم يكن سوى جزء من سلسلة من المجاملات التي يقوم بها مدير قصر ثقافة منيا القمح وأحمد سامي خاطر رئيس إقليم شرق الدلتا الثقافي وذلك لإرضاء محمد أحمد عمارة الذي يقول لهما صراحة إنه هو من أتى بهما إلى هذه المناصب وإنه لا أحد يستطيع إقالتهما وهو ما يفسر الفوضى العارمة التي يعاني منها قصر ثقافة منيا القمح الذي لم يشهد أي نشاط يُذكر منذ فترة طويلة خاصة منذ أزمة كورونا
وفي واقعة تكشف عن مدى استهتار هذه الشلة الفاسدة بالعمل الثقافي لم ينفذ أي نشاط ثقافي في قصر ثقافة منيا القمح أو في المواقع التابعة لفرع ثقافة الشرقية منذ بداية أزمة كورونا وحتى الآن رغم استئناف الأنشطة الثقافية في معظم قصور الثقافة الأخرى الأمر الذي يثير تساؤلات حول مدى جدية هؤلاء المسؤولين في النهوض بالعمل الثقافي في الإقليم خاصة في ظل وجود تقارير تؤكد غياب محمد أحمد عمارة عن العمل لأشهر طويلة دون أن يتخذ أحد أي إجراء ضده
الشلة الفاسدة التي تجتمع بدار الأوبرا كل ليلة خميس لا تكتفي بإدارة الهيئة العامة لقصور الثقافة من خلف الستار بل تتعدى ذلك إلى فرض سيطرتها على وزارة الثقافة نفسها حيث يزعم البعض أن هذه المجموعة هي من تملي القرارات على نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة محمد عبدالحافظ ناصف بل إن بعض العاملين في الوزارة يؤكدون أن الفساد وصل إلى مكتب وزير الثقافة الدكتور أحمد هنو نفسه الذي يُقال إنه يتغاضى عن هذه الممارسات الفاسدة خوفًا من الصدام مع الشلة المتغلغلة في الوزارة والهيئة
الفساد الذي يتفشى في الهيئة لم يعد خافيًا على أحد الجميع في قصور الثقافة يعرفون عن هذه الاجتماعات الأسبوعية وعن الشبكة التي تتحكم في مصيرهم لكن الخوف من الانتقام أو التهميش يدفع الكثيرين إلى الصمت وعدم التحدث علنًا عن هذه الممارسات خاصة في ظل غياب أي رقابة جادة من وزارة الثقافة أو الجهات المعنية بمكافحة الفساد
في هذا السياق تشير مصادر مطلعة إلى أن الشلة الفاسدة لا تكتفي بالتلاعب بالتعيينات والقرارات بل تتورط أيضًا في إتمام صفقات مشبوهة للحصول على عقود حكومية في الهيئة مقابل الحصول على عمولات ضخمة يقال إن طارق الفخراني مثلاً قد استفاد بشكل مباشر من هذه الصفقات خلال فترة عمله كرئيس لجنة الأمانة الفنية لاختيار القيادات حيث تمكن من تمرير عقود مشبوهة لعدد من المقاولين والشركات مقابل الحصول على نسب مالية ضخمة
أما محمد أحمد عمارة فيستغل نفوذه كمدير لمكتب نائب رئيس الهيئة لقصور الثقافة للتغطية على هذه الممارسات حيث يقوم بتمرير ملفات القيادات الفاسدة وتسهيل حصولهم على مناصب عليا في الهيئة مقابل مبالغ مالية كبيرة يُدفع بعضها تحت الطاولة دون أي أثر قانوني لهذه الأموال فيما تستمر الهيئة في التدهور بسبب سيطرة هذه الشلة على القرارات المصيرية المتعلقة بالتعيينات وتوزيع المسؤوليات
أصبح واضحًا للجميع أن وزارة الثقافة في حالة انهيار كامل بسبب تغلغل الفساد في أروقتها وسكوت الوزير أحمد هنو عن هذه الممارسات يثير شكوكًا حول مدى تورطه أو تغاضيه المتعمد عن كل ما يحدث الأدهى من ذلك أن الشلة الفاسدة التي تتحكم في الهيئة العامة لقصور الثقافة تسعى الآن إلى توسيع نفوذها ليشمل المزيد من الإدارات والمؤسسات الثقافية التابعة للوزارة مما يجعل الوضع أكثر خطورة
العاملون في قصور الثقافة يطالبون بضرورة تدخل عاجل من الجهات الرقابية لوضع حد لهذه الممارسات ومحاسبة الفاسدين الذين استغلوا مناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية على حساب العمل الثقافي الذي أصبح ضحية لهذه الشبكة الفاسدة التي تتحكم في الهيئة العامة لقصور الثقافة