أطلق الدكتور مصطفي مدبولي رئيس الحكومة المصرية تصريحات عن خطط الحكومة الاقتصادية التي تُوهم الرأي العام بتحقيق تقدم ملحوظ في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المواطن المصري.
ففي حديثه خلال منتدى الدوحة 2024، أعلن أن الحكومة قد تبنت سياسة جديدة منذ عامين تهدف إلى تخارج الدولة من الاقتصاد وتعزيز دور القطاع الخاص، حيث اعتبر هذا التوجه هو السبيل لتحقيق “المنافسة العادلة” في النشاط الاقتصادي،
وأشاد بما زعم أنه انخفاض في معدلات البطالة إلى 5.6%. وتابع مؤكداً أنه على مدار العشر سنوات الماضية استطاعت الحكومة أن تخلق فرص عمل جديدة رغم التحديات التي يواجهها الاقتصاد المصري.
لكن في واقع الأمر، هذه التصريحات ليست سوى محاولة لطمس الحقائق والتغطية على الفشل الحكومي المتواصل في تحقيق أي تقدم ملموس في تحسين أوضاع المواطنين الاقتصادية.
في الوقت الذي كانت فيه الحكومة تتباهى بما يسمى “الإنجازات”، كانت البيانات الرسمية تشير إلى وضع أكثر تدهورًا. حيث نشر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في نوفمبر الماضي تقريرًا رسميًا يكشف عن ارتفاع معدل البطالة في البلاد إلى 6.7% في الربع الثالث من عام 2024، بعد أن كان قد سجل 6.5% في الربع الثاني من نفس العام.
هذا الرقم يفضح التصريحات الحكومية ويكشف الفارق الشاسع بين ما يتم الترويج له في المؤتمرات الخارجية وبين الواقع المؤلم الذي يعيشه الشعب المصري.
كيف يمكن تصديق ادعاءات الحكومة التي تتحدث عن “خفض البطالة” في حين أن الأرقام الرسمية تؤكد ارتفاع معدل البطالة؟ كيف يمكن أن يكون هذا “التقدم” الذي تتحدث عنه الحكومة عندما يواجه المواطن المصري مشكلة حقيقية في الحصول على فرصة عمل مستقرة؟
هذا التضارب بين الأرقام والتصريحات يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن الحكومة إما أنها لا تمتلك خطة واضحة للتعامل مع الأزمات الاقتصادية، أو أنها تتعمد التلاعب بالأرقام والبيانات لتظهر وكأنها قد حققت نجاحات غير موجودة على الأرض.
إن تأكيد الحكومة على “خفض البطالة” إلى 5.6% في وقت ارتفعت فيه الأرقام الرسمية للبطالة إلى 6.7% يدل على أن الحكومة إما أن تكون عاجزة عن حل الأزمات الاقتصادية، أو أنها تعمل على تضليل المواطنين بالأرقام والإحصائيات الزائفة.
فبينما تتفاخر الحكومة بأنها تواجه التحديات الاقتصادية وتخلق فرص عمل جديدة، تظل الحقيقة أن غالبية الشباب المصري لا يجدون وظائف مستقرة ولا يستطيعون تحسين مستوى معيشتهم. هذا التناقض الواضح بين الأرقام التي تعلنها الحكومة وبين الوضع الفعلي في السوق المصري يثير العديد من التساؤلات حول مصداقية التصريحات الحكومية.
وبالعودة إلى الأرقام التي يروج لها المسؤولون في الحكومة، نجد أن ادعاء رئيس الحكومة بأن هناك انخفاضًا في البطالة إلى 5.6% يتناقض تمامًا مع الواقع الذي تكشفه التقارير الرسمية، التي تؤكد أن البطالة قد ارتفعت إلى 6.7%.
وهذا يشير إلى أن الحكومة ليس لديها قدرة على تحقيق الاستقرار الاقتصادي أو معالجة التحديات التي تواجه الشباب، سواء في القطاع العام أو الخاص. بل إن هذا التفاوت بين التصريحات الحكومية والأرقام الرسمية يعكس بوضوح حالة من الفوضى والارتباك في الإدارة الاقتصادية.
أين هي تلك “الفرص الجديدة” التي يتحدث عنها المسؤولون إذا كانت التقارير الرسمية تشير إلى تزايد البطالة؟ أين تلك المشاريع الاقتصادية التي تتحدث عنها الحكومة بينما يستمر المواطنون في مواجهة صعوبة في الحصول على وظائف لائقة؟
في الواقع، فإن فشل الحكومة في تحسين الظروف الاقتصادية يعكس حالة من الفساد المستشري في جميع مفاصل الدولة، حيث تزداد الفجوة بين ما يتم الإعلان عنه من نجاحات وهمية وبين المعاناة اليومية للمواطنين.
من المؤسف أن تصريحات الحكومة لا تقتصر على التلاعب بالأرقام فحسب، بل تشمل أيضًا محاولة لتزييف الحقائق حول الأوضاع الاقتصادية. ففي الوقت الذي يفترض فيه أن تقوم الحكومة بتوفير بيئة اقتصادية حقيقية تشجع على النمو وتوفير فرص العمل، نجد أن الدولة قد فشلت في هذا بشكل واضح.
وبدلاً من التعامل مع هذه الأزمات بشفافية، نجد أن الحكومة تواصل تكذيب الحقائق التي تشير إلى تفاقم الأزمات، مما يعزز حالة من الغضب الشعبي من هذا الاستهتار الواضح.
الأرقام الواردة من الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء تدين الحكومة بشكل قاطع، حيث تعكس أن البطالة تتزايد في الوقت الذي تستمر فيه الحكومة في عرض بيانات مغلوطة تسعى من خلالها إلى تبرير فشلها.
كما أن القطاع الخاص، الذي تعول عليه الحكومة، لا يزال يعاني من مشكلات كبيرة، حيث لا توجد فرص حقيقية أو بيئة اقتصادية مستدامة لخلق وظائف جديدة أو لتحفيز النمو الاقتصادي.
الواقع الحالي يوضح بجلاء أن التصريحات الحكومية ليست سوى محاولة للتغطية على فشل السياسات الاقتصادية التي أضرت بالمواطنين وزادت من معاناتهم.
فالزيادة في معدلات البطالة والفساد الحكومي المتفشي في كافة القطاعات يجعل من الصعب على أي مواطن أن يصدق مزاعم الحكومة حول انخفاض البطالة أو خلق فرص عمل جديدة.
إن المواطن المصري يعيش واقعًا مريرًا بعيدًا عن وعود الحكومة، التي تواصل الحديث عن “التقدم” في حين أن الوضع يتدهور يومًا بعد يوم.