يشهد العالم العربي اليوم عصرًا من الانهيار المدوي، حيث تمزقت دولنا وتفككت، تاركة خلفها ثروات طبيعية كانت يومًا مصدر فخر، لتصبح رهينة للفساد والخيانة.
ثروات كانت تشكل شريان الحياة لملايين العرب، تبخرت نتيجة لمؤامرات الأنظمة الفاسدة التي أغرقت شعوبها في دوامة من الفقر والانهيار الأخلاقي والسياسي.
بلح الشام، الذي كان يشتهر بجودته ويملأ الموائد العربية، تلاشى تحت وطأة فساد حكومات زرعت الخراب في الأرض، فسرقت الحاضر والمستقبل.
أما عنب اليمن الذي كان يزرع بدماء الفلاحين، فقد أصبح اليوم رمزًا للتدمير، ليس بسبب الطبيعة، بل بسبب الخيانة السياسية التي حولت اليمن إلى ساحة للصراع والحروب.
لبنان، الذي كان يشهد ازدهارًا من خلال أرزه الذي يمثّل جمال الأرض، أصبح اليوم شاهداً على ذبول وطنه وشعبه، بعدما تآمرت الطبقات السياسية على تقسيمه لصالح القوى الاستعمارية التي اغتالت كبرياءه، وجعلت من لبنان مجرد فريسة لأطماع الخارج.
أما النفط الليبي والعراقي، اللذان كانا يُفترَض أن يكونا حجر الزاوية لاقتصاد المنطقة، فقد تحولا إلى لعنة. ليبيا أصبحت دولة مدمرة، ميدانًا لميليشيات وتجار حروب لا هم لهم سوى بيع الوطن بأبخس الأثمان.
العراق، الذي كان يُنظر إليه كمخزن غير محدود للثروات، أصبح مع مرور الوقت مسرحًا للخيانة والفساد. النفط، الذي كان يجب أن يرفع من مستوى حياة المواطنين، تحول إلى أداة للنهب الممنهج والدمار المستمر.
وفي السودان، كانت أشجار الصمغ العربي تمثل علامة فارقة في الاقتصاد الوطني، لكنها جفت، كما جفَّت كرامة شعبه.
تُباع البلاد في أسواق الفساد، ويُصبح المواطن مجرد رقم في قوائم المساعدات الدولية. كان السودان رمزًا للشموخ والكرامة، لكن حكامه خانوه، ليجعلوه يعيش في واقعٍ يفتقر للمستقبل.
أما فلسطين، فقد فقدت زيتونها الذي كان يمثل روح مقاومة الشعب الفلسطيني لعقود. أشجار الزيتون، التي كانت تَحملُ بين أغصانها ذاكرة الشعب وأرضه، تقاوم الاحتلال، أصبحت اليوم شاهدة على تآمرٍ دولي وتفريط في الحقوق. الزيتون في فلسطين لم يعد مجرد شجرة، بل أصبح رمزًا لمأساة الأمة العربية التي تتآكل على مرأى الجميع.
ما يحدث في العالم العربي اليوم هو حصاد سنوات من الفشل والتخاذل. لا يمكن وصفه بمجرد انهيار اقتصادي أو سياسي، بل هو فضيحة أخلاقية وثقافية مدوية، نتيجة لتجاهلنا لثرواتنا، ولامبالاتنا بمستقبلنا.
لقد سمحنا لأنفسنا بأن تسرق ثرواتنا، وأن تُهدر أرواح شعوبنا، ولم نكن فقط ضحايا القوى الخارجية، بل كنا ضحايا فسادنا الداخلي الذي أكل الأخضر واليابس.
إنها فضيحة عربية كبرى، فضيحة تتكشف مع كل يوم جديد، لتُثبت أننا في أزمة وجودية تتجاوز الخيانة الخارجية. ثرواتنا التي كانت ملكًا لنا، أصبحت اليوم في يد الغرباء والمحتلين، ونحن لا نملك سوى أن نشاهد، عاجزين،
ونحن نغرق في واقع مرير، لتضيع هذه الثروات، ولتُحكم على شعوبنا بأن تصبح بلا هوية، بلا ماضٍ، وبلا مستقبل. هل هذا هو نهاية الحلم العربي؟ أم أننا أمام بداية سلسلة من الفضائح التي لا حدود لها؟