حصل موقع “أخبار الغد” على صورة من قرار تخصيص أرض لمركز شباب في قرية عرب المدابغ التابعة لمحافظة أسيوط، حيث تم الإعلان عن تخصيص قطعة أرض لبناء المركز عليها، مع إنشاء سور للمساحة المخصصة بتكلفة تجاوزت 600 ألف جنيه.
ورغم هذه النفقات الضخمة، بقيت حقيقة الوضع في هذا المركز لتكشف حجم الفساد المستشري والإهمال الحكومي المستمر، سواء على مستوى وزارة الشباب والرياضة أو مديرية الشباب والرياضة في محافظة أسيوط.
قرية عرب المدابغ، الواقعة بين مركز أسيوط وحي غرب، هي إحدى القرى المهمشة التي تفتقر إلى الخدمات الأساسية، إذ يعاني أهلها من تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.
كان من المفترض أن يكون مركز الشباب الذي تم تخصيص الأرض له نقطة انطلاق لتحسين أوضاع شباب القرية، لكنه تحول إلى مثال صارخ على الفساد والإهمال. ورغم المساحة الكبيرة التي تم تخصيصها، والبالغة 20 ألف متر مربع، فقد بقى المركز مغلقًا منذ سنوات ويغرق في مياه الصرف الصحي التي غمرت جميع أرجائه.
وبدلاً من أن تكون هذه الأرض مركزًا حيويًا يساهم في تنمية الشباب، أصبح هذا المكان مرتعًا للحشائش والحيوانات الضالة.
إهدار المال العام واستغلال المركز لأغراض أخرى
رغم أن تكلفة إنشاء السور وحدها تجاوزت 600 ألف جنيه، وهو مبلغ ضخم كان من الممكن أن يُستثمر في مشاريع أخرى تخدم شباب القرية، لم يكن هناك أي اهتمام حقيقي بتطوير المركز أو استثماره في الأنشطة الشبابية.
المركز الذي كان من المفترض أن يُستخدم كملعب لكرة القدم، وحمام سباحة، وصالة رياضية، تحول إلى مكب للنفايات نتيجة الإهمال التام من قبل المسؤولين في وزارة الشباب والرياضة ومديرية الشباب والرياضة بمحافظة أسيوط.
هذا الإهدار للمال العام يعد بمثابة فضيحة مدوية تُظهر عجز الحكومة عن اتخاذ خطوات حقيقية لتطوير مراكز الشباب في المناطق المهمشة.
ورغم أن المركز كان من المفترض أن يكون نقطة جذب للشباب لممارسة الرياضة والأنشطة المختلفة، فإن الواقع يعكس صورة مختلفة تمامًا، إذ تُرك هذا المركز ليعاني من تدهور بنائه وتراكم القمامة والحشائش التي تنتشر فيه بشكل عشوائي.
وهذا يشير إلى عدم وجود أي خطة واضحة أو إرادة حقيقية من الحكومة لتحسين أوضاع مراكز الشباب في أسيوط.
غياب الرقابة وتواطؤ المسؤولين
من جانبهم، أكد العديد من أهالي القرية أن الوضع في المركز يعكس غياب الرقابة من قبل وزارة الشباب والرياضة ومديرية الشباب والرياضة في أسيوط.
فبدلاً من العمل على تنفيذ مشاريع تنموية تُحسن من أوضاع الشباب، يُترَك المركز مهدمًا في ظل تجاهل تام من قبل المسؤولين.
حتى بعد إعلان الوزارة عن تخصيص ميزانية ضخمة لبناء السور، لم تُخصص أي أموال أخرى لصيانة المركز أو تجهيزه بما يتناسب مع احتياجات الشباب في المنطقة.
وفي تصريحات أحد سكان القرية، أُشير إلى أن السور الذي تم إنفاق مبالغ ضخمة عليه لم يكن سوى حلاً شكليًا للتغطية على الفشل في إدارة هذا المشروع.
فقد تمت الاستعانة بالسور ليوحي بوجود تقدم في المشروع، بينما يظل المركز في حالة من التدهور التام، مما يدل على حجم الفساد الإداري المستشري في المديرية والمحافظة. فالمركز الذي كان يُفترض أن يكون مساحة حيوية للشباب أصبح مكانًا مهجورًا لا يصلح لأدنى استخدام.
مطالبات بتشكيل إدارة حقيقية واستغلال المساحة
وأعرب عدد من الأهالي عن استيائهم الشديد من تجاهل المسؤولين، مطالبين بتشكيل مجلس إدارة فعال للمركز يتعاون مع وزارة الشباب والرياضة لإعادة تأهيله واستخدام المساحة الضخمة في مشاريع رياضية وتنموية تُحسن من وضع الشباب.
كما أكدوا على أهمية تخصيص ميزانية حقيقية لصيانة المركز وتطويره بدلًا من هدر الأموال في مشاريع غير مجدية.
في ظل هذه الحالة من الفساد والإهمال، تزداد مطالبات الأهالي بسرعة التحرك لإصلاح الوضع، خاصة في ظل احتياج شباب القرية إلى أماكن لممارسة الأنشطة الرياضية والثقافية.
فبدلاً من أن تكون هذه المساحة وجهة للشباب، باتت ملاذًا للحيوانات الضالة وتراكم القمامة، في دليل قاطع على الفشل الحكومي في تقديم خدمات حقيقية للمواطنين.
التقاعس الحكومي في معالجة المشاكل
وعلى الرغم من وعود المسؤولين في وزارة الشباب والرياضة بحل المشاكل المتعلقة بمركز شباب عرب المدابغ، فإن تلك الوعود لم تتحقق على أرض الواقع.
فالتصريحات الرسمية حول تخصيص الميزانية والإصلاحات العاجلة لا تزال حبرًا على ورق، في وقت تزداد فيه معاناة أهالي القرية.
هذا التقاعس الحكومي يثير العديد من التساؤلات حول مدى جدية الحكومة في تحسين أوضاع مراكز الشباب في المناطق المهمشة، ويؤكد على فشل الحكومة في توفير الأماكن المناسبة التي يمكن أن تساهم في رفع مستوى الشباب وتوفير فرص حقيقية لهم لتحقيق طموحاتهم.
إن الوضع في مركز شباب عرب المدابغ يكشف عن حجم الإهدار المستمر للموارد العامة ويعكس الفشل المستمر في إدارة المشروعات التنموية التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر.
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستستمر الحكومة في تجاهل احتياجات شباب هذه القرى، أم أنها ستتخذ خطوات حقيقية للنهوض بهذه المناطق التي تعاني من التهميش والإهمال؟