تقرير رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي حول أزمة انقطاع الكهرباء في مصر، والذي أثار جدلاً واسعاً وتسبب في ظهور العديد من التساؤلات في وقت حرج، يتضمن العديد من التفاصيل التي تطرح العديد من القضايا الهامة والمثيرة للجدل.
في تصريحاته، أوضح مدبولي أن هناك أحد الحقول المرتبطة بدول الجوار التي تُضخ كميات كبيرة من الغاز في الشبكة المصرية قد توقف بسبب عطل فني استمر أكثر من 12 ساعة.
هذا العطل أدى إلى توقف إمدادات الغاز بشكل كامل لمدة طويلة، مما أثر على قدرة مصر في تلبية احتياجاتها اليومية من الطاقة.
وكان مدبولي قد أشار إلى أنه في وقت سابق، أعلنت الحكومة المصرية عن انقطاع يومي للكهرباء بشكل متزايد، مما أثار تساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء هذه الانقطاعات.
وفقًا للمتحدث الرسمي باسم الحكومة، فإن حجم الغاز الذي تصدره إسرائيل لمصر والذي كان يبلغ 800 مليون متر مكعب يومياً، قد انخفض إلى صفر.
هذا الانقطاع في إمدادات الغاز من إسرائيل يطرح سؤالًا مهمًا حول مدى اعتماد مصر على الغاز الفلسطيني الذي تُنهبه إسرائيل من حقول الغاز قبالة سواحل غزة، وكيفية تأثير ذلك على الوضع الداخلي.
تجدر الإشارة إلى أن هذه التطورات تثير العديد من الأسئلة حول دور رجال الأعمال في القطاع البترولي، وعلى رأسهم رجل الأعمال المصري الشهير علاء عرفة، صاحب شركة “دولفينوس” والشريك في العديد من الشركات الأخرى، حيث يُقال إنه كان قد ورث مكانة حسين سالم في مجال التصدير والتجارة في الغاز.
هناك أيضًا تساؤلات حول خصخصة المرافق البترولية في مصر، وتورط مسؤولين في خصخصة هذه المرافق لصالح الشركات الخاصة، ومدى تأثير ذلك على الاقتصاد المصري وموارد الدولة.
وفي هذا السياق، تطرح بعض الأصوات تساؤلات جوهرية حول وضع هذه الشركات المملوكة للقطاع الخاص، وتحديدا شركات الطاقة التي تعمل في تجارة الغاز مع إسرائيل، خاصة تلك المسجلة في الخارج والتي قد تكون غير خاضعة للضرائب.
هناك أيضًا تساؤلات حول صفقات الغاز بين مصر وإسرائيل، وما إذا كانت هذه الصفقات تمثل تهديدًا للأمن الاقتصادي المصري.
من جهة أخرى، يتطرق التقرير إلى الصفقة التي أبرمتها مصر مع إسرائيل عام 2018 لشراء الغاز من حقلي “تمار” و”ليفياثان” الإسرائيليين. في ذلك العام، وقع اتفاق بين الشركات المصرية والإسرائيلية والأمريكية لشراء الغاز وإسالته في محطتي الإسالة في دمياط وإدكو لإعادة تصديره إلى الأسواق الأوروبية.
الاتفاق الذي وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ “يوم عيد”، كان يهدف إلى جلب مليارات الدولارات إلى خزينة إسرائيل. في الوقت ذاته، أبدت بعض الأصوات المعارضة قلقها من الربط بين الاقتصاد المصري وإسرائيل، خاصة في مجال الطاقة.
ورغم تصريحات وزير البترول المصري التي أكدت أن الغاز المستورد من إسرائيل سيخصص فقط للتصدير، فإن الأرقام التي تم الكشف عنها تشير إلى تزايد صادرات الغاز من إسرائيل إلى مصر.
وفي الوقت نفسه، تكشف الأرقام عن أن مصر قد صدرت ما يعادل 270 ألف طن من الغاز في عام 2020، وهو العام الذي شهد انخفاضًا في استهلاك الغاز في أوروبا بسبب جائحة كورونا.
ولكن هذه الصادرات كانت محدودة مقارنة بما كان مأمولاً، حيث توقع البعض أن يتحول الاقتصاد المصري إلى مركز للطاقة في شرق البحر المتوسط. إلا أن توجيه الغاز المصري إلى السوق العالمية ظل يعاني من تحديات، خاصة مع التوسع الكبير في مشروعات الغاز في إسرائيل.
واستكمالاً لهذا الموضوع، أظهرت تقارير حديثة من إسرائيل، أنه في حال استمر تراجع احتياطيات الغاز بسبب تصديره إلى مصر، فقد تضطر إسرائيل إلى العودة لاستخدام الفحم في توليد الكهرباء، وهو ما يعكس أزمة في الطاقة تهدد استقرار المنطقة بأسرها.
وفي سياق متصل، فإن تقارير تشير إلى أن مصر قد استوردت نحو 7.55 مليار متر مكعب من الغاز الإسرائيلي خلال الفترة من يناير 2024 حتى سبتمبر 2024، بزيادة ملحوظة مقارنة بنفس الفترة من العام السابق 2023، حيث كانت واردات الغاز في ذلك الوقت تبلغ 6.71 مليار متر مكعب.
هذه الزيادة في واردات الغاز من إسرائيل توضح بشكل جلي أن مصر تعتمد بشكل متزايد على الغاز الإسرائيلي في تلبية احتياجاتها المحلية، وهو ما يزيد من حساسية الوضع في ظل الأزمات الاقتصادية المتوالية.
من جهة أخرى، يحذر الخبراء من خطورة العلاقة المستمرة بين مصر وإسرائيل في مجال الغاز، خاصة في ظل الطموحات الإسرائيلية لتوسيع قدرتها على تصدير الغاز، إذ من المتوقع أن تشهد صادرات الغاز الإسرائيلية إلى مصر زيادة تصل إلى 45% في العام 2025، وذلك بفضل توسيع حقل “تمار” وزيادة القدرة التصديرية من حقل “ليفياثان”.
على صعيد آخر، يناقش التقرير قضية صفقة “ميدور” الشهيرة التي تم خلالها شراء أسهم الشركة من قبل البنك الأهلي المصري في صفقة مثيرة للجدل. فقد تم شراء أسهم شركة “ميدور” بمبلغ مرتفع جدًا من قبل البنك الأهلي، وهو ما أثار العديد من التساؤلات حول العلاقة بين الحكومة المصرية وأعمال رجال الأعمال مثل حسين سالم.
التقرير يكشف عن تفاصيل الصفقة، التي تمت عبر تدخل من حسين سالم، صاحب الشركة، ودور البنك الأهلي في تنفيذ الصفقة رغم التوقعات بأن تكون هذه الصفقة غير قانونية في ظل غياب الشفافية.
ويظهر التقرير أن العديد من القضايا المتشابكة، مثل قضايا الفساد في قطاع الغاز والطاقة، واستمرار الهيمنة الإسرائيلية على مصادر الغاز في المنطقة، تطرح العديد من الأسئلة التي لا تجد إجابات واضحة حتى الآن.