كثيرا ما كتبت عن دور المنظمات الدولية الحقوقية وشرحت ما تقوم به وقلت بأن أقدمها تاريخيًّا لم يتجاوز عمرها مائتي عام أي أن تلك المنظمات دورها جديد قياسًا على تاريخ البشرية، لم تترسخ بعد في وجدان الضمير الإنساني الدولي.
يوم أمس أوردت خبرًا عن تلقي المحكمة الجنائية الدولية تهديدات من قبل أمريكا تحاول الضغط على أعضاء المحكمة بعدم القيام بدورهم الإنساني ناهيكم عن عدم التوقيع على اتفاقية روما التي أسست للمحكمة الجنائية الدولية من قِبَل الدول العظمى، ورفضها لقرارت المحكمة وهذا يدل دلالة قاطعة بأنه لا تزال البشرية بحاجة لمزيد من الوقت لتستوعب بأن تنظيم العمل بين البشر وفق قوانين وأطر دستورية واتفاقيات ومعاهدات لا تزال تحبو في بدايتها، وعلينا كشعوب ضعيفة ومتخلفة وتعيش تحت رحمة أنظمة ما أنزل الله بها من سلطان أن تدعم وتتمسك بتلك المنظمات وهذا خيارنا الذي ليس لدينا خيار آخر غيره.
لذلك تحاول الأنظمة بكل قوة أن تجعل الشعوب لا تعلم عن دور تلك المنظمات، وأنا على ثقة تامة بأنه ما يقرب من 99% من شعوب العالم لا تعرف شيئًا اسمه مجلس حقوق الإنسان أو دوره المنوط به، فهم مثلا لم يسمعوا عن منظمة حقوقية دولية اسمها هيومن رايتس أو إمنستي ولا عن دور مجلس حقوق الإنسان ولا عن التوصيات التي يقدمها للدول والصحافة المحلية لا تنشر تلك التوصيات بمعنى أن هناك تجهيلًا واضحًا لدور تلك المنظمات لدرجة أن من يمارس حقه المشروع والمكفول بمثل تلك المنظمات يتم مطاردته ومحاسبته، وحدث ذلك مع كثير من النشطاء الحقوقيين.
لذلك لا ألوم من ينتقد تلك المنظمات التي تدافع عن حقه لأنه بكل بساطة يجهل دورها.
يقول الشافعيُّ:
وَلَيسَ الذِئبُ يَأكُلُ لَحمَ ذِئبٍ
وَيَأكُلُ بَعضُنا بَعضاً عَيانا