اقتصادتقارير

خسرت البورصة المصرية 4 مليارات جنيه في نوفمبر وحققت رأس المال 2.212 تريليون

خلال تعاملات شهر نوفمبر المنقضي تكبدت البورصة المصرية خسائر ضخمة قدرت بحوالي 4 مليارات جنيه جراء موجة الخسائر التي طالت البورصات العالمية في الآونة الأخيرة وهذا يعكس واقعًا مؤلمًا للمستثمرين والمواطنين على حد سواء ويكشف عن حالة من الفوضى والضعف في إدارة الاقتصاد المصري من قبل الحكومة التي أثبتت فشلها في حماية السوق المصري من تداعيات الأزمات العالمية المتتالية لا سيما في ظل تقاعسها المستمر عن اتخاذ إجراءات فاعلة تحمي الاقتصاد الوطني من المخاطر القادمة من الخارج

في تقريرها الشهري، أكدت البورصة المصرية أن رأس المال السوقي للأسهم المدرجة ارتفع بشكل طفيف قدر بحوالي 4.1 مليار جنيه ليغلق عند مستوى 2.212 تريليون جنيه بنسبة نمو بلغت 0.2%. لكن لا يمكن للمرء أن يغفل عن الخسائر الفادحة التي سجلتها البورصة خلال الشهر ذاته والتي تعد مؤشرًا على حالة من التراجع المقلق في الأداء العام للسوق المصري وما يعكسه هذا من تدهور في البيئة الاستثمارية بشكل عام. في الوقت ذاته أظهر التقرير أن المؤشر الرئيسي للبورصة شهد انخفاضًا ملموسًا في رأس المال السوقي له من 1.470 تريليون جنيه إلى 1.442 تريليون جنيه بنسبة انخفاض بلغت نحو 1.9% وهو ما يعكس حالة من القلق والركود في السوق. أما مؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة فقد سجل نموًا طفيفًا حيث ارتفع رأس المال السوقي له من 388.8 مليار جنيه إلى 390.9 مليار جنيه بنسبة نمو بلغت 0.5% لكن هذا النمو الضعيف لا يمكن أن يخفي حقيقة الأزمة التي تعيشها البورصة المصرية

وبالحديث عن هذه الأرقام، فإن القلق الأكبر يكمن في ما تعكسه من تراجع في ثقة المستثمرين في السوق المصري وهروب رأس المال نتيجة للسياسات الاقتصادية الضعيفة والمتقاعسة من قبل الحكومة المصرية التي أثبتت مرة أخرى عدم قدرتها على إدارة الاقتصاد بشكل فعال وغياب الرؤية المستقبلية لمواجهة الأزمات. فالأرقام لا تكذب، والخسائر تتابع بعضها البعض بينما تواصل الحكومة تجاهل مسؤولياتها في تحقيق استقرار السوق وتوفير بيئة استثمارية آمنة

إن ما شهدته البورصة من خسائر في نوفمبر ليس مجرد حدث عارض بل هو نتيجة حتمية للسياسات الفاشلة التي تنتهجها الحكومة المصرية والتي فشلت في التنبؤ بالتقلبات الاقتصادية العالمية وتأثيراتها على السوق المصري. كما أن الحكومة لم تتخذ خطوات جادة لتحفيز الاقتصاد المحلي وتعزيز ثقة المستثمرين في ظل الظروف الراهنة فبدلاً من العمل على تحسين الوضع الاقتصادي كان التركيز على إجراءات معزولة لا تساهم بشكل حقيقي في مواجهة التحديات الكبرى التي يعاني منها السوق المصري

لا شك أن هذه الأوضاع تشير إلى وجود فساد حكومي واضح يتحكم في مفاصل الاقتصاد بشكل عام وفي البورصة بشكل خاص فالتقارير الاقتصادية تشير إلى أن الحكومة تتبنى سياسات لا تساهم في تحسين وضع السوق بل تزيد من تعميق الأزمة الاقتصادية كما أن هناك العديد من التساؤلات حول كيفية إدارة الأموال العامة في ظل هذه الظروف الصعبة. فالحكومة التي تروج لنفسها على أنها تعمل بجد من أجل تحسين الاقتصاد لا تقدم أي حلول واقعية ولا تظهر أي قدرة على مواجهة الأزمات الاقتصادية المتلاحقة بل كل ما تقدمه هو مجرد وعود براقة لا تنطوي على أية حلول فعلية لأزمات حقيقية

من جهة أخرى، تبين التقارير أن الحكومة لم تلتفت بما فيه الكفاية لمشاكل الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعاني جراء التراجع المستمر في السوق وعدم توفر التمويل الكافي لها. في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات المطالبة بحلول سريعة، تظل الحكومة في حالة من الجمود، غير قادرة على تقديم أي خطط ملموسة تساعد في تحفيز السوق وإنعاشه. وفي هذا السياق، لا يمكن تجاهل حقيقة أن البورصة المصرية تمر بفترة صعبة ولا بد من اتخاذ تدابير عاجلة لتفادي المزيد من التدهور الاقتصادي

إن الأرقام التي قدمتها البورصة في تقريرها الشهري يجب أن تكون دافعًا قويًا للتحرك السريع من قبل الحكومة والجهات المعنية لوضع حلول عاجلة تحمي السوق من المزيد من الخسائر المتواصلة، ولكن في ظل حالة التراخي التي تعيشها الحكومة في معالجة الأزمات، يبدو أن الوضع لن يتحسن في القريب العاجل. في ظل هذا الفشل الحكومي المستمر، لم يعد أمام المصريين سوى التساؤل عن مدى قدرة الحكومة على إنقاذ الاقتصاد الوطني أم أنها ستظل في دائرة الفشل التي لا نهاية لها

إن الاقتصاد المصري يحتاج إلى سياسات واضحة وشفافة تحترم المصالح الوطنية وتحقق الاستقرار الاقتصادي بعيدًا عن ممارسات الفساد الذي ينخر في عظام الدولة في الوقت الذي تزداد فيه الخسائر الاقتصادية. فالشعب المصري قد تعب من الوعود الكاذبة التي لا تنفذ والحلول التي لا تلمس الواقع، وما يحتاجه المصريون اليوم هو خطة طارئة تأخذ بعين الاعتبار الظروف الصعبة التي يمر بها السوق المصري وكذلك التحديات الاقتصادية العالمية التي تتطلب تفكيرًا جادًا ونية صادقة في إيجاد الحلول الواقعية التي يمكن أن تنقذ البورصة المصرية من هذا المأزق الكبير

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى