في ظل التقاعس الحكومي المستمر والفساد الذي يعصف بمؤسسات الدولة استقبل محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم المستشار الثقافي “فليكس هلا” رئيس القسم الثقافي والتعليمى بسفارة ألمانيا بالقاهرة، في لقاء كان يتضح منه جليًا أن ما يروج له المسؤولون من تحسينات على مستوى التعليم ليس سوى حبر على ورق، وأن الوعود الحكومية لا تعكس الواقع البائس الذي يعاني منه القطاع التعليمي في مصر.
كان اللقاء يهدف إلى بحث سبل تعزيز التعاون في المشروعات المشتركة التي من المفترض أن تسهم في تطوير العملية التعليمية ودعم إصلاح التعليم بشكل مستمر، ولكن أي إصلاح يمكن أن يتحقق في ظل الفساد المستشري في الوزارة والهيئات التعليمية التي تسيطر عليها المحسوبيات والمصالح الشخصية.
الوزير الذي قدم نفسه على أنه مخلص للمنظومة التعليمية، أكد أن الوزارة تستهدف التوسع في عدد المدارس المصرية الألمانية في مصر لتصل إلى 100 مدرسة وهو تصريح يثير السخرية في ظل الأوضاع الراهنة للنظام التعليمي المصري، ففي الوقت الذي كانت فيه مصر تعاني من أزمة مزمنة في توفير الحد الأدنى من الإمكانيات للمدارس الحكومية، نجد الحكومة تتحدث عن مدراس “مصرية ألمانية” وكأن هذا التطور الحاصل في التعليم هو إنجاز يستحق الاحتفاء.
حيث أعلن الوزير عن البدء بمدرستين فقط إحداهما في السادس من أكتوبر والأخرى في مدينة بدر، مشيرًا إلى أن الوزارة ستوفر المباني والخدمات اللوجستية، وفي تناقض صارخ أكد على أهمية دعم الجانب الألماني في تشغيل هذه المدارس.
فكيف لوزارة التربية والتعليم المصرية أن تروج لمشروعات بهذا الحجم وهي غير قادرة على دعم المنظومة التعليمية بشكل كاف في المدارس الحكومية التي تعاني من مشاكل جمة؟
لكن الفضيحة الكبرى التي كشفت عن المستوى المنحط الذي وصلت إليه الحكومة المصرية في تعاملها مع مشكلات التعليم، كانت القضية المثيرة للجدل حول مدرسة “ران” الألمانية والتي تفجرت في أبريل الماضي بعد تداول أولياء الأمور صورًا في الكتب المدرسية التي كانت تروج للمثلية الجنسية، الأمر الذي أثار سخطًا عارمًا بين المواطنين في جميع أنحاء البلاد، الذين طالبوا وزارة التربية والتعليم بالتدخل الفوري لوقف مثل هذه الممارسات التي تتناقض مع قيم المجتمع المصري.
ووسط هذا الجدل الكبير، لم يكن الرد الحكومي على الأزمة إلا تعبيرًا عن تقاعس واهتمام بالغ في إرضاء الشركاء الأجانب على حساب المصالح الوطنية.
فقد استغرقت الوزارة شهورًا من المماطلة قبل أن تتخذ أي خطوة فعالة، واكتفت بوضع المدرسة تحت إشرافها في خطوة وصفت بأنها غير كافية لتصحيح الأوضاع داخل المدرسة، بل كانت محاولة لتهدئة الرأي العام بدلاً من اتخاذ إجراءات حاسمة.
وفي يونيو الماضي، أفادت مصادر صحفية بأن وزارة التربية والتعليم قررت وضع مدرسة “ران” تحت إشراف مالي وإداري، كما تم إعدام الكتب الدراسية التي تحتوي على صور تروج للمثلية الجنسية. ورغم تأكيد الوزارة أن هذه الخطوات تمثل “حلًا” للمشكلة، فإن الأمر لم يخلُ من فوضى واضحة، حيث تقاعست الوزارة عن اتخاذ إجراء حاسم بشأن سحب رخصة المدرسة، بل اكتفت بمراجعة المناهج والكتب، وهو إجراء غير كافٍ للتصدي لهذه الفئة من المدارس التي تخالف القيم والمبادئ المصرية.
ما يزيد الطين بلة هو تصريحات المسؤولين في الوزارة التي تحاول تبرير التقاعس في اتخاذ خطوات حاسمة ضد مثل هذه المدارس المروجة للمثلية الجنسية.
حيث صرح أحد المسؤولين أن ما تم تداوله حول سحب الترخيص “عار عن الصحة” وأن الوزارة اكتفت بوضع المدرسة تحت الإشراف المالي والإداري فقط