تقاريرمصر

الحكومة المصرية تبيع الأصول الوطنية وتفتح الباب لسيطرة الأجانب على الاقتصاد

تتسارع الأحداث في مصر بشأن الصفقات الاستثمارية التي يتم الإعلان عنها تباعاً في مجالات السياحة والضيافة والعقارات، ورغم أن هذه الصفقات تُعتبر ضخمة في قيمتها المالية إلا أن الحكومة المصرية لا تزال تتخبط في التعامل مع الملفات الاقتصادية المُلحة، بل وتكشف عن حجم الفساد الإداري والمالي الذي يعصف بمقدرات الشعب المصري.

على رأس هذه الصفقات تأتي المشاريع التي تشمل استثمارات ضخمة في منطقة الساحل الشمالي التي تعد أحد أبرز وجهات الاستثمار، ولكن في الوقت الذي كان يُنتظر فيه أن تسهم هذه الصفقات في تحسين الوضع الاقتصادي، نجد أن التوقعات تشير إلى أن هذه الاستثمارات ستكون تحت سيطرة قوى أجنبية، مما يثير تساؤلات حول مصير الاقتصاد المصري والمنافع التي ستعود على الشعب.

إحدى أكبر الصفقات التي تم الإعلان عنها هي صفقة “رأس الحكمة” التي تشمل استثمارات ضخمة تصل إلى 35 مليار دولار، حيث تعتزم إحدى الشركات الإماراتية الكبرى تطوير هذا المشروع الذي يضم مجموعة من المنتجعات السياحية والفنادق العالمية.

لكن الأمر لا يقتصر على ذلك فقط، بل يتجاوز ليشمل مجموعة من المشاريع الاستثمارية التي ستسيطر عليها شركات خارجية، ما يفتح المجال أمام مزيد من التساؤلات حول قدرة الحكومة المصرية على ضمان عوائد اقتصادية حقيقية للمواطنين.

وفي تطور آخر، تعتزم شركة إماراتية أخرى امتلاك 51% من حصص مصر في 7 فنادق تاريخية داخل القاهرة، وهي صفقة قدرت قيمتها بـ 800 مليون دولار.

هذه الصفقة تطرح أكثر من سؤال حول سيطرة المستثمرين الأجانب على القطاعات الحيوية في مصر، حيث أصبح واضحاً أن الحكومة المصرية تعمل على بيع أصول البلاد بأبخس الأثمان، دون أن تقدم ضمانات للشعب المصري حول كيفية استفادته من هذه الاستثمارات.

لم تقف الأمور عند هذا الحد، بل تم الإعلان عن صفقة أخرى في منطقة مجمع التحرير، حيث تعتزم إحدى الشركات الإماراتية إنشاء فندق عالمي بقيمة 225 مليون دولار، ما يرفع من وتيرة الغضب الشعبي بشأن بيع الأصول المصرية لمستثمرين أجانب.

ولا يتوقف الأمر هنا، فالحكومة المصرية على وشك إبرام صفقة جديدة مع شركة إماراتية أخرى لإنشاء برج سكني وفندق في منطقة الحزب الوطني، وهو المشروع الذي تقدر قيمته بحوالي 5 مليارات دولار.

هذه الصفقات تتكرر بشكل ملفت للنظر، ما يثير قلقاً متزايداً بشأن سياسة الحكومة في التعامل مع الاقتصاد المصري الذي يعاني من أزمة نقد أجنبي خانقة، تسببت في انهيار الجنيه المصري.

هذه التطورات تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الحكومة المصرية أصبحت أكثر انصياعاً لضغوط المستثمرين الأجانب، بل وبدأت في منحهم الفرص لتملك أراضٍ وعقارات حيوية في البلاد.

من خلال هذه الصفقات، يبدو أن مصر تفتح أبوابها لاستثمارات ضخمة، لكنها في الوقت ذاته تغلق الأبواب أمام تطور القطاع المحلي وتضعف فرص الاستثمار المحلي، مما يعكس غياب التخطيط الحكومي المدروس.

الحكومة المصرية، التي تصر على إعلان هذه الصفقات الضخمة، تخفي وراء هذا الترويج إخفاء الحقيقة المؤلمة بأن هذه الصفقات لن تساهم في تحسين الظروف الاقتصادية للمواطن المصري.

لا أفق واضح لزيادة إنتاجية الاقتصاد المحلي أو تقوية القطاع الخاص المصري الذي يعاني من تهميش متعمد من قبل الحكومة، التي تفضل التعاون مع شركات ومجموعات اقتصادية أجنبية.

حكومة لا تهتم بما يدور في الشارع المصري ولا بما يعانيه المواطن من تدهور في مستوى المعيشة، بل تروج لهذه المشاريع كأنها الحل السحري الذي سيخرج البلاد من أزمتها المالية الخانقة.

إضافة إلى ذلك، الحكومة المصرية تستمر في الإعلان عن مشاريع ضخمة في مناطق أخرى مثل “رأس بناس” و”رأس جميلة”، وهما منطقتان على البحر الأحمر التي سيتم طرحهما للاستثمار على غرار “رأس الحكمة”.

ومن المثير للسخرية أن هذه المشاريع لا تصب في صالح الاقتصاد المصري، بل تفتح المجال أمام المزيد من السيطرة الأجنبية على الأراضي المصرية، حيث يتم إبرام صفقات مع شركات أجنبية، في الوقت الذي تزداد فيه معدلات البطالة والفقر في مصر.

الحديث عن تعزيز التعاون بين مصر وقطر في قطاع السياحة والضيافة يتواكب مع تصريحات الحكومة المصرية عن فرص استثمارية “مهمة” في مناطق مثل العاصمة الإدارية الجديدة، ولكن لا يمكن النظر إلى هذه التصريحات بمنأى عن الفساد المستشري في الحكومة والذي يؤثر بشكل مباشر على تقدم هذه المشاريع.

الفساد الحكومي المتفشي يشكل تهديداً حقيقياً للإصلاح الاقتصادي المطلوب، كما أن استمرار السياسات الاقتصادية الفاشلة يعمق الأزمات التي يعاني منها الشعب المصري، والذي بات يشعر بمرارة الغبن بسبب استمرارية هذه السياسات التي تصب في صالح فئات قليلة وأجانب على حساب ملايين المواطنين المصريين.

تظل مصر بحاجة ماسة إلى إصلاحات حقيقية وجادة تنقذ الوضع الاقتصادي وتحسن من حياة المواطنين. لكن مع استمرار هذه السياسات الفاشلة، سيبقى الوضع على حاله، بل ربما يتدهور أكثر، مما يجعل الأمل في المستقبل أمراً بعيد المنال.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى