تصاعد العنف في النيل الأبيض وشمال كردفان: قتلى ونزوح واسع نتيجة هجمات الدعم السريع
أعلنت مجموعة نداء الوسط في ولاية النيل الأبيض عن مقتل خمسة مدنيين جراء هجوم شنته قوات الدعم السريع على مجموعة من القرى الواقعة شمال مدينة الدويم، مما أسفر عن أضرار كبيرة في الأرواح والممتلكات.
الهجوم الذي وقع في منطقة شمال الأعوج، جاء ليزيد من تعقيد الوضع الأمني المتدهور في المنطقة، حيث أشار البيان الصادر عن المجموعة إلى أن الهجوم قد ألحق أضرارًا كبيرة بالسكان المحليين الذين اضطروا للنزوح بشكل جماعي.
القرى التي تعرضت للهجوم تشمل اللقيد والسيال والمجمع والدباسي، وهي مناطق كانت قد شهدت في وقت سابق صراعات وتوترات بسبب عمليات التمرد المسلحة التي تشهدها بعض أجزاء البلاد.
وأوضحت المجموعة في بيانها أن قوات الدعم السريع لا تقتصر على شن الهجمات على القرى، بل تقوم أيضًا بتمدد مستمر في المنطقة، مما يزيد من حدة المخاوف بين السكان المحليين الذين يواجهون صعوبة كبيرة في تأمين أنفسهم وأسرهم.
وقد شهدت المنطقة حالات نزوح واسعة من المدنيين الفارين من نيران الاشتباكات، حيث لجأ العديد منهم إلى مناطق أخرى داخل ولاية النيل الأبيض، مما أدى إلى خلق أزمة إنسانية جديدة.
من جهة أخرى، أكدت شهود عيان في المنطقة أن الوضع الأمني في منطقة الأعوج قد تفاقم بشكل كبير، حيث تم سماع دوي المدافع الثقيلة بشكل متكرر نتيجة الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
الاشتباكات التي أدت إلى هذه التوترات قد أجبرت أعدادًا كبيرة من الأهالي على مغادرة منازلهم والبحث عن مأوى في مناطق أكثر أمانًا. هذا النزوح الواسع يعكس عمق الأزمة التي تعيشها المنطقة ويزيد من تعقيد الوضع الإنساني الذي يعاني منه المدنيون الذين لم يجدوا بعد حلولًا لعودتهم إلى ديارهم.
في ولاية شمال كردفان، وقعت حادثة مشابهة حيث اقتحمت قوة تابعة لقوات الدعم السريع مدينة أم دم حاج أحمد، حيث تمركزت في ميدان الحرية وسط المدينة، مما تسبب في حالة من التوتر والقلق بين السكان المحليين.
هذه القوة المسلحة، التي وصلت إلى المدينة على متن عربات دفع رباعي، قامت أيضًا بقطع شبكة الاتصالات الخاصة بشركة “سوداني” التي كانت قد عادت إلى العمل مؤخرًا بعد فترة طويلة من الانقطاع. الأمر الذي زاد من حالة الارتباك والخوف في المدينة وأدى إلى تعطل التواصل بين السكان.
ووفقًا للمصادر المحلية، فإن السلطة المحلية والقيادات الشعبية قد دخلت في مفاوضات مع قيادات قوات الدعم السريع في محاولة للتوصل إلى حل سلمي يضمن انسحاب القوات من المدينة دون أن يتفاقم الوضع إلى مزيد من التصعيد.
ومع ذلك، فإن هذه المفاوضات لم تثمر بعد عن أي نتائج ملموسة، ولا يزال سكان المنطقة في حالة من الترقب الشديد، خشية من تجدد العنف.
يعتبر قطع شبكة الاتصالات في أم دم حاج أحمد خطوة إضافية لزيادة التوتر في المنطقة، خاصة وأن شبكة “سوداني” تعد الشريان الأساسي للتواصل في المنطقة.
هذه الشبكة التي كانت قد توقفت عن العمل لفترة طويلة بسبب الأوضاع الأمنية، قد عادت لتوفير خدمة أساسية للسكان الذين يعتمدون عليها في حياتهم اليومية. ومع توقفها مرة أخرى، يجد السكان أنفسهم في عزلة تامة، مما يزيد من المخاوف من تفاقم الأوضاع الإنسانية.
وفي ضوء هذه التطورات، يواصل العديد من المراقبين المحليين والدوليين متابعة الوضع في النيل الأبيض وشمال كردفان عن كثب، حيث يطالبون بسرعة تدخل الجهات المعنية لضمان حماية المدنيين وتوفير المساعدات الإنسانية اللازمة.
كما يتزايد الضغط على الحكومة السودانية من أجل اتخاذ خطوات جادة لوقف التصعيد العسكري الذي يؤدي إلى المزيد من المعاناة للسكان المدنيين في مختلف المناطق. فالأوضاع الحالية تشير إلى أن التوترات الأمنية في هذه الولايات قد تتسارع وتؤدي إلى تداعيات غير محمودة إذا لم يتم اتخاذ تدابير فعالة لاحتواء الأزمة.
من المتوقع أن تتواصل التحركات السياسية والدبلوماسية في محاولة للوصول إلى تسوية سلمية تضمن استقرار المنطقة، ولكن حتى الآن، لا تبدو هناك حلول جذرية تلوح في الأفق.
على الرغم من وجود محاولات للحوار بين الأطراف المتنازعة، إلا أن الوضع الميداني لا يزال يشير إلى تصاعد القتال وتزايد الأوضاع الإنسانية الصعبة.
وبناءً على هذه الأحداث المتسارعة، فإن النيل الأبيض وشمال كردفان يمثلان نموذجًا للأزمة الأمنية والسياسية التي تواجهها البلاد في ظل انتشار القوات المسلحة في المناطق المدنية، وهو ما يعكس الحاجة الملحة إلى حوار شامل يضمن استقرار السودان وتخفيف معاناة الشعب السوداني في مختلف أنحاء البلاد.