البابا فرنسيس يندد بغطرسة المحتل في فلسطين وأوكرانيا ويدعو إلى السلام العادل
عبر البابا فرنسيس عن موقف قوي تجاه الأزمات الإنسانية في فلسطين وأوكرانيا، مبدياً قلقه العميق إزاء العواقب المدمرة للحروب في كلا البلدين.
ففي خطاب ألقاه البابا في الفاتيكان، خلال احتفال بمناسبة مرور أربعين عاماً على معاهدة السلام بين تشيلي والأرجنتين، أشار إلى النزاعات الحالية بوصفها “إخفاقات كبرى للبشرية”، مذكراً العالم بمعاناة الشعوب المتضررة من هذه الحروب.
البابا استغل هذه المناسبة لإدانة ما وصفه بـ”غطرسة المحتل”، في إشارة واضحة إلى السياسات الإسرائيلية في فلسطين وكذلك الغزو الروسي لأوكرانيا. وفي لحظة مرتجلة من خطابه، أضاف قائلاً: “أذكر إخفاقين حاليين للبشرية، أوكرانيا وفلسطين، حيث يعيش الناس في معاناة مستمرة، وحيث الغطرسة المستمرة من قبل المحتل تقوض فرص الحوار والسلام”.
هذه التصريحات، التي تمثل واحدة من أقوى مواقف البابا تجاه الوضع في فلسطين وأوكرانيا، جاءت كجزء من انتقاده اللاذع لتجارة الأسلحة والصراعات التي تعتمد على العنف كحل وحيد. وصف البابا الحديث عن السلام في ظل استمرار الحروب بأنه “نفاق”، داعياً المجتمع الدولي إلى وضع الحوار في قلب العلاقات الدولية وبناء السلام على أسس العدل والإنصاف. وأكد في كلمته أن استمرارية هذه الحروب تزيد من معاناة المدنيين، وتعمق الانقسامات وتبعد أي فرصة حقيقية لحل النزاعات بالطرق السلمية.
اللافت أن هذه التصريحات جاءت بعد وقت قصير من إصدار البابا لكتابه الجديد بعنوان “الأمل لا يخيب أبداً: حجّاج نحو عالم أفضل”، الذي تناول فيه قضايا السلام والعدالة ودعا إلى دراسة الوضع في غزة لتحديد إذا ما كان يندرج تحت تعريف “الإبادة الجماعية”، وهو ما أثار استنكاراً شديداً من جانب إسرائيل. ولم يتوقف البابا عند هذا الحد، بل شدد على أهمية وضع الحلول السلمية على طاولة النقاش الدولي، مشيراً إلى أن استمرار الصراع في غزة لا يمكن أن يستمر دون تدخل دولي عاجل من أجل إنهاء المعاناة الإنسانية.
التصريحات التي أدلى بها البابا فرنسيس حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تأتي في سياق دولي معقد. فعلى الرغم من أن “الكرسي الرسولي” قد اعترف بدولة فلسطين منذ عام 2013 ويدعم حل الدولتين كإطار لحل النزاع، فإن تصريحاته الأخيرة تعتبر الأكثر وضوحاً وصراحة في انتقاد سياسات الاحتلال الإسرائيلي. هذه المواقف الجديدة من البابا تأتي في وقت حساس، حيث يتزايد الاهتمام العالمي بالقضية الفلسطينية، وخصوصاً في ظل تصاعد الأعمال العدائية في غزة.
البابا فرنسيس كان قد أظهر مراراً دعمه للسلام في الشرق الأوسط، معبراً عن قلقه المتزايد إزاء الأوضاع الإنسانية المتدهورة في غزة. وفي تصريحاته الأخيرة، أشار إلى أنه يصلي من أجل المدنيين في غزة وأوكرانيا على حد سواء، مشيراً إلى أن المعاناة التي يعيشها الشعبان هي نتيجة مباشرة للصراعات المستمرة التي تفرضها القوى الخارجية. ولعل دعوة البابا إلى الحوار والعدالة في هذه الأزمات تأتي في وقت حساس، حيث يعاني المدنيون في غزة وأوكرانيا من ويلات الحروب والنزاعات المسلحة التي لا تنتهي.
في هذا السياق، تأتي تصريحات البابا حول غطرسة المحتل لتضيف زخماً جديداً للنقاش الدولي حول الأوضاع في فلسطين وأوكرانيا، وتثير تساؤلات حول الدور الذي يمكن أن تلعبه المؤسسات الدينية، مثل الفاتيكان، في تحفيز الجهود الدبلوماسية لحل النزاعات. فقد كان البابا في السنوات الأخيرة يلعب دوراً مهماً في تعزيز الحوار بين الأديان والدول، ودعواته المتكررة للسلام تؤكد على إيمانه العميق بأهمية الحلول السلمية كبديل للعنف.
ولم يكن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو الوحيد الذي تطرق له البابا فرنسيس في تصريحاته الأخيرة. فقد خصص جزءاً كبيراً من كلمته للتحدث عن الأزمة الأوكرانية، حيث أشار إلى أن غزو أوكرانيا يمثل انتهاكاً واضحاً للقوانين الدولية ومبادئ السلام. وأعرب عن تعاطفه مع الشعب الأوكراني الذي يعاني من تبعات الحرب، داعياً إلى وقف فوري للعنف وبدء حوار بناء يمكن أن يقود إلى إنهاء الصراع.
تأتي هذه التصريحات في وقت تتزايد فيه الضغوط على المجتمع الدولي للتحرك من أجل إيجاد حلول سلمية للصراعات المستمرة في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية. البابا فرنسيس، الذي عُرف بمواقفه الداعمة للسلام والمصالحة، يسعى من خلال هذه التصريحات إلى دفع العالم نحو تبني مقاربة أكثر إنسانية في التعامل مع الأزمات الدولية، بعيداً عن استخدام القوة والعنف.
وعلى الرغم من الانتقادات التي قد تواجهها هذه التصريحات من بعض الجهات، إلا أن موقف البابا يعكس رؤية أخلاقية ترتكز على ضرورة حماية حقوق الإنسان والبحث عن حلول دبلوماسية لكل نزاع. ففي نظر البابا، لا يمكن للعالم أن يستمر في غض الطرف عن المعاناة الإنسانية التي تتسبب بها الحروب، خصوصاً في أماكن مثل فلسطين وأوكرانيا، حيث يعيش الملايين تحت تهديد دائم للعنف والدمار.
وتبرز تصريحات البابا فرنسيس كدعوة صريحة للمجتمع الدولي إلى التحرك نحو إنهاء النزاعات بالطرق السلمية. إذ يضع البابا الحوار في مقدمة الحلول، معتبراً أن العدل والإنصاف هما الأساس لتحقيق السلام الحقيقي والمستدام. وتأتي هذه الدعوة في وقت يعاني فيه العالم من تصاعد الأزمات الإنسانية، ما يجعل من تدخل الفاتيكان ودعواته للسلام أمراً ضرورياً لإعادة الأمور إلى مسارها الصحيح.