أثار إعلان شركات الاتصالات في مصر عن نيتها رفع أسعار خدمات الاتصالات وكروت الشحن موجة غضب وانتقادات واسعة من قبل العديد من الجهات وعلى رأسها محمد هداية نائب رئيس شعبة الاتصالات والمحمول باتحاد الغرف التجارية الذي وصف خطوة الشركات بأنها غير مبررة ومجحفة بحق المستخدمين مؤكداً أن التركيز يجب أن يكون على تحسين مستوى الخدمة بدلاً من رفع الأسعار.
وأضاف هداية في تصريحاته بأن الشبكات تعاني من ضعف واضح في العديد من المناطق وأن الحل ليس في زيادة تكلفة الخدمات دون تقديم أي تطور في جودة الشبكة أو تحسين بنيتها التحتية.
هداية هاجم بشدة مطالب شركات الاتصالات قائلاً: “شركات الاتصالات عايزة تزود أسعار الخدمات بحجة ارتفاع التكلفة عليها؟ مش مشكلة لكن في المقابل مش قادرين يصلحوا الشبكة اللي بتقطع كل شوية في مناطق كتير ده بقى مش مقبول”.
وتابع أن المشكلة تكمن في تجاهل هذه الشركات لاحتياجات العملاء وتفضيلها زيادة الأرباح على حساب الجودة والكفاءة مؤكدًا أن استمرار ضعف الشبكة يشكل تهديدًا حقيقيًا لقطاع الاتصالات في مصر خاصة في ظل تزايد عدد المستخدمين واعتماد الكثير من القطاعات الحيوية على الاتصالات والإنترنت.
تتعدد المشاكل التي يعاني منها قطاع الاتصالات في مصر منذ سنوات أبرزها ضعف الشبكة في العديد من المناطق مما يسبب انقطاع الاتصالات بشكل متكرر إضافة إلى التباطؤ الكبير في سرعات الإنترنت رغم الوعود المستمرة من الشركات بتحسين الخدمة من دون أي تغيير حقيقي يلمسه المستخدمون وقد عبر هداية عن استياءه من استمرار هذه المعاناة قائلاً: “المواطن بيتحمل مشاكل الشبكة وضعف الخدمة وفي الآخر يتفاجئ بزيادة في الأسعار بدل ما الشركات تصلح الخلل الموجود”.
وتتواجد في السوق المصرية أربع شركات اتصالات رئيسية وهي الشركة المصرية للاتصالات “وي” المملوكة للحكومة المصرية وأورانج مصر التابعة لمجموعة أورانج الفرنسية وفودافون مصر التابعة لمجموعة فودافون البريطانية بالإضافة إلى &e التابعة لشركة اتصالات الإماراتية ورغم تعدد الشركات وتنوع مزودي الخدمة إلا أن المشكلات الرئيسية المتعلقة بجودة الشبكة وسرعة الإنترنت لا تزال قائمة مما يطرح تساؤلات عديدة حول مدى جدية هذه الشركات في تحسين مستوى الخدمة وتطوير بنيتها التحتية.
في الوقت ذاته أعلن محمد شمروخ الرئيس التنفيذي للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات الأسبوع الماضي عن موافقة الجهاز المبدئية على زيادة أسعار خدمات الاتصالات خلال جلسة “الجيل الخامس” التي أقيمت على هامش فعاليات معرض Cairo ICT 2024،
وهو ما أثار قلقاً واسعاً بين المستخدمين الذين يعانون بالفعل من تدني مستوى الخدمة وزيادة الأسعار بشكل متواصل وأوضح شمروخ أن الزيادة جاءت بناء على طلب الشركات نظراً لارتفاع تكاليف التشغيل بسبب التضخم وزيادة أسعار المواد الأساسية التي تعتمد عليها الشركات في توفير خدماتها مثل الطاقة والكهرباء.
ومع هذه التصريحات تتعالى الأصوات المنتقدة لهذه الخطوة التي يرى كثيرون أنها ستزيد من معاناة المستهلكين الذين يواجهون أصلاً أزمات اقتصادية كبيرة حيث أن زيادة الأسعار ستضيف عبئاً جديداً على كاهل المواطن الذي لا يزال يعاني من تردي الخدمة في مناطق كثيرة وعدم استقرار الشبكة وهو ما يجعل التساؤل عن مبررات هذه الزيادة أكثر منطقية فهل ستقوم الشركات بتحسين خدماتها فعلاً بعد هذه الزيادة أم أن الأمور ستظل كما هي دون أي تقدم ملحوظ؟
ويرى خبراء في قطاع الاتصالات أن الشركات لا تستثمر بالشكل الكافي في البنية التحتية للشبكات مما يساهم في استمرار المشكلة ويؤكدون أن التحول إلى تقنيات أكثر حداثة مثل الجيل الخامس يتطلب استثمارات كبيرة في تحديث الأبراج وتقوية الإشارة وتوسيع التغطية لتشمل كافة المناطق لكن الواقع الحالي يشير إلى أن الشركات تركز على زيادة الأرباح من خلال رفع الأسعار دون أن تقابل ذلك تحسينات ملموسة في الخدمة.
إحدى أكبر المشاكل التي تواجه المستخدمين في مصر هي عدم انتظام تغطية الشبكة حيث يعاني العديد من المستخدمين من انقطاع متكرر في الخدمة وضعف الإشارة في مناطق واسعة خاصة في المحافظات البعيدة عن القاهرة والمدن الرئيسية
كما أن سرعات الإنترنت لا تزال بعيدة عن المعدلات العالمية رغم ارتفاع تكلفة الاشتراكات مقارنة بدول أخرى في المنطقة مما يجعل الخدمة في مصر غير تنافسية بالمعايير الدولية وهو ما يطرح تساؤلات عديدة حول الخطط الفعلية لتحسين الخدمة في المستقبل.
وقد أشار هداية في تصريحاته إلى أن الشركات مطالبة بتقديم حلول فعلية لهذه المشاكل بدلاً من تحميل المستهلك تكلفة التشغيل المتزايدة قائلاً: “المستهلك في مصر يعاني من ضعف الخدمة من زمان لكن بدل ما الشركات تتحرك وتحل المشكلة بتفاجئنا بزيادة في الأسعار وكأن الحل في جيب المواطن دايمًا”.
وطالب الجهات المعنية بضرورة الضغط على شركات الاتصالات لتحسين البنية التحتية للشبكات وضمان استمرارية الخدمة بجودة عالية قبل الحديث عن أي زيادات جديدة في الأسعار.
ويبدو أن قطاع الاتصالات في مصر يواجه تحديات كبيرة في الفترة المقبلة فبينما تسعى الشركات لزيادة أرباحها من خلال رفع الأسعار يتعين عليها في المقابل أن تلتزم بتحسين مستوى الخدمات المقدمة وتطوير البنية التحتية حتى لا يصبح المواطن ضحية للزيادة المستمرة في التكاليف دون أي مقابل يجعله يشعر بالتطور الفعلي في جودة الخدمة