استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان يسفر عن آلاف الشهداء والجرحى وتفاقم الأوضاع الإنسانية
في تصعيد مستمر واستهداف ممنهج تتزايد حصيلة الشهداء والجرحى في لبنان نتيجة الغارات الجوية التي تشنها القوات الإسرائيلية على مختلف المناطق، ما أدى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل خطير.
كشفت وزارة الصحة اللبنانية في تقريرها الأخير أن العدوان الإسرائيلي الذي بدأ منذ أسابيع لا يزال يحصد أرواح المدنيين ويدمر البنية التحتية ويخلف جروحا عميقة في جسد الشعب اللبناني.
في سياق هذا التقرير الصادر عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة اللبنانية، أُعلن أن غارات يوم الجمعة الموافق 22 نوفمبر 2024، أسفرت عن سقوط 25 شهيداً و58 جريحاً في مناطق متفرقة.
هذه الحصيلة تأتي في إطار استمرار العمليات العسكرية العنيفة التي يشنها العدو الإسرائيلي دون تمييز بين المناطق السكنية والمدنية، ما يزيد من مأساوية المشهد.
حصيلة الشهداء والجرحى لا تتوقف عند هذا الحد، إذ أعلن التقرير الإجمالي الذي صدر يوم الجمعة عن بلوغ عدد الشهداء منذ بدء العدوان 3670 شهيداً، فيما وصل عدد الجرحى إلى 15413، في صورة تعكس الحجم الهائل للأضرار البشرية التي خلفتها هذه الغارات العشوائية.
لا يقتصر العدوان على إلحاق الضرر بالأفراد فقط، بل يعكس استهدافاً ممنهجاً للبنية التحتية والمراكز الحيوية في لبنان، مما يفاقم الأزمة الإنسانية ويزيد من صعوبة وصول المساعدات والخدمات الطبية إلى المناطق المتضررة.
في بيان إضافي صادر عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة، تم التأكيد على أن إحدى أكثر الغارات دموية وقعت في منطقة البسطة الفوقا في العاصمة بيروت، حيث استهدفت القوات الإسرائيلية هذا الحي المكتظ بالسكان، ما أسفر في حصيلة رابعة محدثة وغير نهائية عن استشهاد 20 شخصاً وإصابة 66 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة.
أعمال رفع الأنقاض والبحث عن ناجين تحت الركام لا تزال مستمرة في ظل ظروف بالغة الصعوبة، حيث تعاني فرق الإنقاذ من نقص حاد في الموارد والمعدات اللازمة لإتمام عمليات البحث والإنقاذ.
لم تتوقف الغارات عند بيروت بل امتدت لتشمل مناطق عدة في لبنان، حيث أظهرت التقارير المحدثة التي صدرت يوم السبت أن الغارات الإسرائيلية أسفرت عن سقوط 58 قتيلاً آخرين، بالإضافة إلى عشرات الجرحى الذين تم نقلهم إلى المستشفيات في حالة خطيرة.
مشاهد الدمار تتكرر في كل بقعة من الأراضي اللبنانية المستهدفة، حيث تُركت المباني مدمرة والطرقات مشلولة بفعل القصف المستمر، ما يعمق معاناة المدنيين الذين يجدون أنفسهم محاصرين وسط جحيم هذه الحرب.
إن الاستهداف الإسرائيلي العشوائي للمناطق المأهولة بالسكان يضع لبنان في مواجهة كارثة إنسانية متفاقمة، إذ تعاني المستشفيات من ضغط شديد جراء الأعداد المتزايدة من المصابين والجرحى، بينما يقف الطاقم الطبي في مواجهة نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية التي تُستنزف يومياً نتيجة العدد الهائل من الجرحى.
رغم الجهود الجبارة التي تبذلها الأطقم الطبية وفرق الإنقاذ، إلا أن حجم الكارثة يفوق إمكانيات لبنان المنهكة أصلاً من أزمات سياسية واقتصادية خانقة.
لا تزال الغارات الإسرائيلية تواصل تدمير الحياة في لبنان، مع توسع رقعة الأضرار لتشمل المدارس والمستشفيات والمرافق العامة، فضلاً عن الأحياء السكنية. الأمر الذي يترك آلاف الأسر مشردة بلا مأوى في ظل تردي الأحوال الجوية والبرد القارس الذي يضرب البلاد.
وفي الوقت الذي تُطلق فيه مناشدات دولية لوقف العدوان وإيصال المساعدات الإنسانية، تقف العديد من المنظمات الإنسانية عاجزة عن الوصول إلى المناطق المتضررة بسبب استهداف الطرق والجسور الرئيسية، مما يزيد من معاناة السكان ويعزز حالة اليأس التي يعيشها الشعب اللبناني يومياً.
كما أن الحكومة اللبنانية، رغم محاولاتها المستمرة لتقديم الدعم والمساعدة للمتضررين، تواجه صعوبات كبيرة في إدارة هذه الأزمة المركبة. الأوضاع الأمنية المتدهورة تعيق الجهود المبذولة لفتح ممرات إنسانية آمنة، وسط تجاهل دولي وتواطؤ بعض الأطراف الإقليمية، مما يفاقم حجم الكارثة ويطيل أمد المعاناة.
في المقابل، يستمر العدوان الإسرائيلي دون رادع، مستهدفاً البنية التحتية الحيوية ويضاعف من أعباء اللبنانيين الذين يجدون أنفسهم في مواجهة حرب لا هوادة فيها.
إن المشهد في لبنان يعكس مأساة إنسانية بكل المقاييس، فبين مشاهد الجثث تحت الأنقاض وأصوات الغارات التي لا تتوقف، تعيش البلاد حالة من الرعب المستمر الذي يهدد مستقبلها واستقرارها.
الشعب اللبناني الذي أظهر دوماً صموداً استثنائياً أمام الأزمات يجد نفسه اليوم أمام تحدٍ غير مسبوق، إذ لا تلوح في الأفق نهاية قريبة لهذه المأساة.
في ظل هذا الوضع الكارثي، تتزايد الدعوات العاجلة للمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته والضغط لوقف العدوان الإسرائيلي وفتح المجال أمام تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة. يجب أن يكون هناك تحرك سريع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإلا فإن لبنان سيواجه كارثة إنسانية لا تُحمد عقباها، حيث تتزايد أعداد القتلى والجرحى يومياً فيما يقف العالم متفرجاً.