تشهد قرية أولاد نجم القبلية، التابعة لمركز نجع حمادي في شمال محافظة قنا، أزمة متفاقمة تتعلق بعدم توفر أسطوانات البوتاجاز بشكل مستمر، ما أدى إلى تزايد معاناة الأهالي بشكل يومي.
يأتي هذا في ظل غياب أي تحرك فعلي من الجهات الحكومية المعنية لتوفير احتياجات المواطنين من السلع الأساسية. ورغم تكرار مطالبات الأهالي بضرورة فتح منفذ جديد لتوفير أسطوانات البوتاجاز، إلا أن الاستجابة ظلت غائبة.
أوضح الأهالي في مناشداتهم أن المستودع الوحيد الذي كان يخدم القرية، والذي يقع في منطقة نجع إبراهيم، قد تم إغلاقه لفترة طويلة، مما وضع المواطنين في أزمة حقيقية للحصول على أسطوانات الغاز.
هذا الإغلاق أدى إلى استغلال بعض التجار لهذه الأزمة، حيث رفعوا أسعار الأسطوانات بشكل غير مبرر، مضيفين بذلك عبئاً اقتصادياً إضافياً على المواطنين الذين يعانون أصلاً من أوضاع اقتصادية صعبة.
أشار الأهالي إلى أن فتح المستودع المغلق سيخفف كثيراً من معاناتهم، حيث سيكون بمقدورهم الحصول على أسطوانات البوتاجاز من منفذ قريب وبالأسعار الرسمية المحددة. هذا الأمر سيجنبهم مشقة التنقل لمسافات طويلة للحصول على الأسطوانات أو الاضطرار للتعامل مع التجار الذين يستغلون الأزمة ويرفعون الأسعار. كما أن غياب الرقابة الحكومية الصارمة أتاح لهؤلاء التجار المجال للتلاعب بالأسعار، ما زاد من معاناة الأسر في أولاد نجم القبلية والقرى المجاورة.
الجدير بالذكر أن المستودع المغلق لا يخدم فقط قرية أولاد نجم القبلية، بل يشمل عدداً من القرى المجاورة، مثل الشرق بهجورة، الخضيرات، الشطبية، والسجيرات. ومع إغلاق المستودع، أصبحت هذه القرى تعتمد بالكامل على الباعة الجوالين الذين يبيعون الأسطوانات بأسعار مرتفعة، أو يضطر الأهالي للذهاب إلى مستودع شركة جاسكو الموجود في منطقة الترعة الضمرانية بنجع حمادي، وهو ما يزيد من الأعباء المادية واللوجستية على المواطنين.
ورغم المطالبات المستمرة بفتح المستودع لتوفير الغاز المنزلي، لم تتحرك الجهات الحكومية بالسرعة اللازمة. اكتفى المسؤولون بإصدار بيانات ووعود لا تعكس على أرض الواقع، مما يثير تساؤلات حول كفاءة الجهاز الإداري في التعامل مع الأزمات وتلبية احتياجات المواطنين. فمن الواضح أن الحكومة تماطل في تقديم حلول حقيقية وعملية، ما يفتح الباب أمام استمرارية استغلال المواطنين وغياب العدالة الاجتماعية.
من ناحية أخرى، أعلن مسئولي محافظة قنا مؤخراً عن الانتهاء من مشروع يهدف إلى تدريب موظفي الوحدات المحلية على إدارة التنمية المستدامة. ورغم أهمية هذه المشاريع في تحسين الأداء الحكومي وتطوير البنية التحتية، إلا أن الإهمال في تلبية احتياجات المواطنين الأساسية لا يزال يلقي بظلاله على هذه الجهود.
وبحسب البيانات الحكومية، يهدف المشروع إلى رفع مستوى الوعي المجتمعي حول القضايا التي تعيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق الريفية، مثل الزواج المبكر، صحة الأم والطفل، وختان الإناث، وتنظيم الأسرة. وقد تم تنفيذ هذا المشروع خلال الفترة من أغسطس وحتى نوفمبر 2024، حيث شهد إقامة 46 جلسة توعوية استفاد منها أكثر من 1000 مواطن. ومع ذلك، تظل التساؤلات قائمة حول مدى تأثير هذه الجهود على أرض الواقع، في ظل تفاقم الأزمات اليومية التي يواجهها الأهالي، مثل أزمة الغاز.
ورغم هذه المشاريع التوعوية، يتضح أن الحكومة لا تزال تتجاهل القضايا الملحة والأساسية التي تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين. فالمشروعات التنموية يجب أن تأتي بالتوازي مع حلول عملية وفورية للمشكلات اليومية التي يعاني منها الناس. وقد عانت محافظة قنا لسنوات طويلة من الإهمال الحكومي والفساد الإداري، وهو ما يظهر جلياً في تفاقم الأزمات الخدمية مثل أزمة الغاز، والنقص المستمر في السلع الأساسية، وسوء البنية التحتية في المناطق الريفية.
إن الوضع الراهن في قرية أولاد نجم القبلية هو مثال حي على تقاعس الحكومة المصرية في التعامل مع احتياجات المواطنين. ففي حين يطالب الأهالي بحلول سريعة لإنهاء معاناتهم اليومية، تبقى الحكومة منشغلة بإصدار تصريحات إعلامية لا تعالج جوهر المشكلة. ما يحتاجه المواطنون هو تحرك فوري ومسؤول من الجهات المعنية لفتح المستودع المغلق وتوفير أسطوانات البوتاجاز بشكل منتظم وبأسعار مناسبة. كما يجب على الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها في فرض الرقابة على التجار لمنع التلاعب بالأسعار واستغلال الأزمات لتحقيق أرباح غير مشروعة على حساب المواطنين.
وعلى الحكومة أن تدرك أن التنمية الحقيقية لا تقتصر على إطلاق مبادرات وبرامج تدريبية فحسب، بل تتطلب استجابة سريعة لاحتياجات المواطنين الأساسية والعمل الجاد على تحسين مستوى المعيشة وتوفير الخدمات الضرورية. إن إغلاق مستودع الغاز في قرية أولاد نجم القبلية يعد جريمة في حق المواطنين الذين يعانون بالفعل من ظروف اقتصادية صعبة، ولا يمكن القبول باستمرار هذا الوضع في ظل غياب أي إجراءات ملموسة لحل الأزمة. الحكومة مطالبة الآن بالتحرك الفوري والتوقف عن المماطلة في تلبية احتياجات المواطنين الأساسية.